Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 58
  • رقم الاستشارة : 2004
20/05/2025

السلام عليكم، أنا متزوجة منذ عشر سنوات ولم يرزقنا الله بأطفال وزوجي هو سبب عدم الإنجاب وأنا رضيت بقضاء الله.. زوجي فيه مميزات كثيرة جدًّا لكن يعيبه أنه بخيل إلى حد ما أو فلنقل أنه مقتصد وروتيني جدًّا ولا يحب الخروج أو السفر والنزهة.

وأنا أشعر بالملل الشديد، وكنت أنتظر منه أن يعوضني عن غياب الأطفال، غير أنه لا يفعل، وعندما ألمح له بتفكيري في الانفصال يحزن جدا ويسترضيني ويقول لي انه يحبني وتتحسن أموره بعض الوقت ثم يعود لطبيعته.. فهل أنا أضيع عمري معه وأنني ساندم فيما بعد؟

إنني لا أسعى لكي يكون لي أطفال كما قالت لي أكثر من صديقة.. أنا خائفة من الطلاق؛ فالحياة في بيت أسرتي ليست مريحة أبدًا، وأخشى أن أتزوج رجلا آخر يعاملني معاملة سيئة وأندم إن تركت زوجي صاحب الأخلاق العالية.. أشيروا علي.

الإجابة 20/05/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة في موقع الاستشارات الإلكترونية الخاص بمجلة المجتمع..

 

أشعر بحيرتك وقلقك، فطبيعة الإنسان أنه يريد الخير كله ويبحث عنه جاهدًا، ولكن شاءت إرادة الله أن يكون الابتلاء جزءًا من هذه الحياة، فلا يوجد إنسان واحد على سطح هذا الكوكب يحوز كل النعم وكل الخيرات ولا يعاني من أي نقص أو ابتلاء، كل ما هنالك أن هناك نعمًا ظاهرة وأخرى مستترة وهناك ابتلاءات ظاهرة وأخرى مستترة.

 

ولو تحدثنا تحديدًا عن الابتلاءات فعلى الرغم من أنه لا يمكن فصلها عن النعم فبمجوعهما معا يعيش الإنسان حياته الدنيا كلها، إلا أن الابتلاءات تقاس بمدى قوة الإنسان النفسية أو مدى هشاشته لذلك (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة؛ شدد عليه في البلاء).

 

ولو أردت الدقة أيضًا فالنعم والخيرات تقاس بمدى قدرة الإنسان على الشعور بالامتنان، فهناك من يقدر النعمة ويسعد بها، وهناك من يقلل منها أو يزهد فيها ولا يراها نعمة، وبعضهم قد يرى النعمة نقمة وبعضهم يرفضها لأنها تواجدت مع الابتلاء.

 

تقييم الموقف

 

والآن عليك -أختي الحبيبة- أن تفكري فيما معك من نعم في علاقتك بزوجك وما تعانين منه من ابتلاءات حتى تستطيعي تقييم الموقف وتمتلكي قدرة على اتخاذ قرار واع دون شعور بالندم.

 

زوجك رجل ذو أخلاق عالية كما وصفته أنت.. يحبك بشدة ويتعامل معك بلطف، وهذه صفات رائعة للغاية في ظل تصاعد الشكوى من الأزواج كما ترين من حولك، ولكنْ هناك مشكلتان فيه بحسب تقييمك أنه حريص في الأمور المالية، وأيضًا أنه رجل روتيني لا يحب الرحلات والنزهات ونحو ذلك، وكان من الممكن لك أن تتجاهلي هذين الأمرين لو أن هناك بينكما أولادًا تنشغلين بهم، فأنت تشعرين في حياتك بالفراغ والملل.

 

أختى الكريمة، الابتلاء الحقيقي في علاقتك بزوجك هو مسألة عدم قدرته على الإنجاب، وهي مسألة معتبرة شرعًا وعرفًا، وعليك أن تحسمي هذه النقطة مع نفسك بعيدًا عن نصائح الصديقات، فلا أحد يستطيع تقييمها تقييمًا دقيقًا سواك أنت، هذا قرارك الخاص والشخصي جدًّا، والنساء متفاوتات فيه بشدة؛ فهناك من ترى أن محور الأمومة هو أهم محاور حياتها على الإطلاق ولا يمكنها الاستغناء عن فكرة كونها أُمًّا، وهناك من تستطيع التعايش مع هذا الفقد إذا كانت حياتها ثرية وممتعة بوجه عام وأنا لا أستطيع الحكم..

 

أنت قلت إنك راضية بقضاء الله، وقلت إنك كنت تنتظرين تعويضًا في نوعية الحياة بحيث تكون أكثر رفاهية، لكن سؤالي لك هل أنت متأكدة من هذا الكلام؟ هل استقر عليه يقينك؟ أم أنك مذبذبة وعندما تقول لك صديقة سوف تندمين على هذا القرار تشعرين بالقلق بل الذعر؟ هذا السؤال لن يجيب عليه أحد غيرك فأجيبي نفسك بصدق عليه، وكل إجابة سيترتب عليها ثمن يجب أن يُدفع.

 

بين القرار والثمن

 

فإذا اخترت الطلاق فعليك أن تعرفي أن الحياة في بيت أسرتك ليست بالحياة السهلة أبدًا، وسوف تعانين على مستويات عديدة وتحرمين من كثير من صور الرفاهية والاستقلال الحياتي الذي تعيشين فيه، وأيضًا عليك التنبه أن عليك اختيار الزوج الثاني بحذر فلا يدفعك التعجل والرغبة في الاستقلال بحياتك لاختيار أي رجل دون دراسة كافية لشخصيته وظروفه، وإلا فسيكون هذا هو الابتلاء الأشد في حياتك.

 

أما إذا اخترت الاستمرار في زواجك فعليك ألا تمنحي أذنك للصديقات اللاتي يضغطن على مخاوفك، وأيضا عليك أن تجدي أشياء مهمة تقومين بها تثري عليك حياتك، فلا تنتظري من زوجك أن تكون مهمته الأولى أن يشغل حياتك حتى يعوضك عن عدم إنجابه فهذا أمر غير عقلاني، ولن أقول إنه يحتوى على صورة من صور الابتزاز.. نعم من حقك أن تطالبيه بزيادة النفقات وزيادة مساحات الخروج والنزهات لكن بصورة معقولة وأظنه سيستجيب لك فهو يحبك ولا يريد فراقك، ويمكنك أن تتفقي معه على المبلغ المالي الذي تريدين أن تزيديه في النفقة وعدد مرات الخروج التي ترغبين فيها كي تكون الأمور واضحة بالنسبة له ويرتب نفسه على أساسها.

 

ومن يدري ربما استطعتم الإنجاب أيضًا، فتأملي قصة نبي الله زكريا وكيف رزقه الله الولد بعد سنوات طويلة كي تكون نبراسًا لكم؛ فادعي الله رغبًا ورهبًا، وسارعي بالخيرات عسى الله أن يرزقكم الولد الذي تريدون.. أسعد الله قلبك وأصلح حالك ويسر أمرك. 

الرابط المختصر :