الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
62 - رقم الاستشارة : 1987
19/05/2025
أعمل إيه مع أب بيتصل بيا عشان أروحله فيسألني صوتك ماله أقوله متخانقة مع جوزي وجيت على كرامتي كتير يرد عليا : معلش ها الولاد عاملين إيه عمره ما وقف في صفى في أي مشكلة بالعكس دايما يطلعني غلطانة وده مخلي جوزي بيتعامل معايا أني يتيمة ومليش حد.
ابنتي الغالية، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقع الاستشارات الإلكترونية..
في البداية دعيني أشرح وأفسر لك موقف والدك حتى لا تتراكم المشاعر السلبية في قلبك تجاهه...
والدك بنيتي شديد الاهتمام بك فهو يتصل عليك ويتواصل معك ويدعوك لزيارته.. وعندما يلمح تغيرًا في صوتك لا يتجاهلك بل يسألك عما تعانين منه، ولا شك أن قلبه يؤلمه بشدة عندما يسمع شكواك من زوجك وأنك تعانين لكنه يكتم ألمه داخل قلبه ويقول لك: "معلش"، تلك الكلمة التي ترينها أنت كلمة فاترة بلا قيمة وترسخ للأمر الواقع والظلم الذي تعيشين فيه، ولكنها تعني لدى والدك اصبري يا ابنتي وتحملي وتغافلي واجعلي خزان طاقتك عاليًا واصنعي وسائد أمان حولك..
"معلش" تعني عند والدك كوني قوية صامدة، والدافع وراء ذلك ذكره لك مباشرة "ولادك عاملين إيه"، أي أن الدافع الذي يمنحك القوة للصمود هو أولادك أغلى ما تملكين في الحياة...
والدك يرى بحكمته كم من زوجة خرجت غاضبة لبيت والدها وانتهى بها الأمر للطلاق، وكم عاني الأولاد بعد وقوع الطلاق ماديًّا ونفسيًّا بعد أن حرموا من أحد والديهم.. والدك يدرك هذا الأمر جيدًا بل هو متشبع به لذلك يقول لك "معلش"، فهل تدركين أبعاد هذه الكلمة بعقل وقلب والدك؟
الأمر الثاني أن والدك لا يريد أن يعرف تفاصيل الخلاف بينك وبين زوجك، وهو محق في هذا تماما، فإدخال أطراف غريبة في العلاقة الزوجية وما يحدث فيها من مشكلات يلهب هذه المشكلات ولا يحلها، فخلافاتك مع زوجك ينبغي أن تحليها بينك وبين زوجك وهذا هو الأصل، أما ما يحدث داخل كثير من الأسر من إدخال عائلة الزوج والزوجة في الخلاف فهو أمر كارثي.
نصائح النساء على جروبات المشاكل الزوجية عندما يحثون صاحبة المشكلة على التصعيد والتهديد بعائلتها هي الأخرى نصائح كارثية، والكثير منها يطالب بتصعيد الخلاف وإشراك الأهل حتى لا يشعر الزوج أن الزوجة ضعيفة وبلا سند.
الصبر الجميل
ابنتي الحبيبة، أنا أشعر بك وبألمك وبالضغوط التي تتعرضين لها وأتفهم رغبتك أن يكون لك دعم وسند متمثلا في والدك، وكأن بداخلك طفلة صغيرة تستنجد به تريد منه الحماية فلما تصطدم بـ "معلش" تعيش مشاعر الخذلان والإحباط.
لكنني حاولت أن أشرح لك ما يجول في عقل والدك وقلبه حتى تمتلكي الوعي الكافي الذي يغير أفكارك حول مفهوم الدعم والخذلان.. ومن ثم تتغير مشاعر الإحباط التي تعيشين فيها، وهذا كله سينعكس على سلوكياتك؛ فالمرأة المحبطة تصبر صبرًا سلبيًّا.. تعيش حياة شاحبة ولا تسعى نحو أي حل، فهي تتقلب بين الشجار والبكاء في صورة من صور الحياة التي لا أرتضيها لك.. أنا أريدك قوية تصبرين صبرًا إيجابيًّا، فماذا يعني هذا؟
- أنت بحاجة أن تكوني الداعم الأول والأكبر لذاتك عن طريق تطوير مهاراتك في المواجهة والثبات الانفعالي.. ولكي يحدث ذلك فعليك أن تتخلصي من فكرة أنك بلا سند.. عليك أن تؤمني إيمانًا عميقًا أن الله شاهد على حياتك وأنه سبحانه وتعالى لا يرضى بالظلم (إن كان هناك ظلم حقيقي يقع عليك وليس خلافات في وجهات النظر)، وأن حقوق الزوج ليست مطلقة، فليس من حقه أن يظلمك أو أن يهينك أو يقلل من كرامتك، لذلك فحسبك الله سبحانه تعالى كي تشعري بالقوة.
- وكي تستطيعي أن تدعمي نفسك فلا بد أن تعتزي بكرامتك الإنسانية (ولقد كرمنا بني آدم)، وعليك أن تتعاملي مع زوجك من هذا المنطلق منطلق استحقاق الحياة الكريمة التي لا تمس فيها كرامتك.. تحدثي إليه بلهجة هادئة لكنها حازمة وقوية.. انظري لعينيه أثناء الحديث، تنفسي بعمق قبل أن تتكلمي وبنبرة ثابتة قومي بتغيير المعادلة..
نعم فبدلا من البكاء أو الصراخ عندما تحدث مشكلة، وبدلا من الصوت العالي والكلام الحاد الذي يوسع الخلاف، تدربي أن تتحدثي إليه بالطريقة الهادئة الثابتة التي شرحتها لك، وقولي له: لقد صبرت طويلاً على هذا الأسلوب منك لأني أريد الحفاظ عليك وعلى أولادنا وعلى بيتنا لكنني أراك تتمادى، وهذا وضع غير مقبول بالنسبة لي فلو سمحت لا تتجاوز معي بهذه الطريقة، فأنا أستطيع بفضل الله أن أكمل طريقي وحدي..
لا تكثري من الحديث، فقط كلمات قليلة كالنموذج الذي ذكرته، لكن لغة وجهك وجسدك ونبرة صوتك تكون قوية جادة حتى تشعريه بخطورة الوضع.
أدوات عملية
إذا شعرت أنك غير قادرة على إعادة بناء العلاقة بينك وبين زوجك على أسس صحيحة تعتمدين فيها على نفسك في حل مشكلاتك، فإليك ثلاث أدوات عملية تساعدك على بناء ثقتك في نفسك وقدرتك على دعمها:
* الحوار مع الذات: ارفعي سقف احترامك لنفسك عن طريق أن تتحدثي إليها كل يوم.. جربي أن تتحدثي لنفسك بصوت مسموع قولي لها: أنا لي قيمة عالية وأستحق التقدير.. عندما تتصرفين بإيجابية قولي لنفسك أنا على الطريق الصحيح لقد نجحت في كذا وكذا.
يمكنك أن تجربي الكتابة بدلاً من الحديث بصوت مسموع، المهم أن تستخدمي أداة الحوار مع الذات بشكل فعال.
* بطاقات الاستحقاق: قومي بكتابة جملة صغيرة يوميًّا، اعتبريها قاعدة ثابتة لك (سوف تستخدمين هذه الأفكار فيما بعد عندما تتعرضين لظلم)، ومن نماذج هذه البطاقات (أنا أستحق الاحترام.. أنا أرفض الإهانة.. أنا أطالب بحقي.. أنا إنسانة قوية.. من حقي رفض الإساءة.. أنا أتغير للأفضل).
* المحاكاة: انظري لنفسك في المرآة، ابتسمي لوجهك، وخذي نفسًا عميقًا وتخيلي موقفًا مستفزًا، ثم تدربي كيف تدافعين عن نفسك وكيف تواجهين الموقف وكيف تدعمين نفسك وكيف تصنعين حائط صد يمنع أي إهانة لكرامتك.. لاحظي لغة جسدك جيدًا مع التكرار فستجدين أنك امتلكت مهارات بالغة الأهمية وتدريجيًّا سوف تشعرين بتغيرك الإيجابي.
تتبقى ملاحظتان غاية في الأهمية:
- زوجك ليس عدوك وليس خصمك، والهدف من كل هذه التدريبات أن تحمي حدودك النفسية من التعرض للإهانة أو الاستغلال.. وفي الوقت ذاته كوني حريصة على احترام زوجك وتقديره ومنحه مشاعر الحب دون مغالاة، وقومي بعمل ارتباط شرطي بين احترامه لك ومنحه مزيدًا من الحب والدلال.
- اعتصمي بالله والجئي إليه دائما كلما ضايقك أمر أو أحزنك وأيضا كلما أنجزت شيئًا وحدث تحسن في حياتك، واطلبي منه التوفيق والسداد، فأنت تأخذين بالأسباب لكن التوفيق هو منحة إلهية.. أسعد الله قبك وأصلح زوجك وحفظ لك والدك، وتابعيني بأخبارك