زوجي دقيق الملاحظة يرهقني

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 540
  • رقم الاستشارة : 2271
04/08/2025

سيدتي الفاضلة، بقي أن أوضح أمرا يتعلق بتسييري للبيت حقيقة أنا ربة بيت عادية اجتهد في القيام ببيتي على أكمل وجه، المشكلة تكمن في اختلاف الرؤى خاصة اذا استندت الى طريقة أهله والبيت الذي تربى فيه، هم من النوع المولع بالتنظيف والترتيب ومن بين شقيقاته من بلغت حد الهوس غسالتها لا تكاد تتوقف عن التنظيف رغم قلة القاطنين في البيت...

حقيقة زوجي ليس مثلها ولكنهم يولون عنايتهم الكبرى بذلك، أما أنا فمن النوع الحيوي لا أنزعج بسرعة لما شوشه الصغار أبنائي كانوا او ضيوفي، لا اتضمر ان زارني أحد ولا أحسب حسابا لما تغير ترتيبه. لاعتقادي أن البشاشة في المقام الأول اما الترتيب والتنظيم فلن يفوت وقتهما، وهذا ما لا تطيقه أسرته الأم صراحة كثيرا ما شعرت بالضيق عند زيارتي لهم كونهم يحسبون حسابا لكل ترتسب أتلف او آنية اتسخت.... هلم جرا.

لأعطيك مثالا أيام امتحانات الأولاد يطالبني بالتفرغ التام بتدريسهم ولما أطلب مساعدته يقول لي أنه لا يصبر على المهمة فاجيبه وماذا عن أعمال البيت. وانت تراني مقسومة بين الداخل الخارج وتدريسهم (حتى أقيم عليه الحجة) فيقولي لا تهتمي الأولاد أهم وما إن ينتهي أسبوع الامتحانات حتى ارى على وجهه علامات الاستياء لان صبره نفد.

لا أخفيك أنه احيانا يساعدني ويا ليته لا يفعل، فمساعدته ليست مبنية على ان زوجته مغلوبة بكثرة الأشغال فارتأى حمل بعض الأثقال عنها، بل مبنية على أنني مقصرة وتقصيري اضطره للتدخل مگرها، ويا ألمي حينما اراه يعمل وهو عابس يتمتم بكلام لا أفهمه المشكلة ليست في كوني امرأة لا تجيد أعمال البيت بل على العكس أنا جيدة في هذا لكنه رجل يدقق، ويكثر النقد في هذا الجانب تحديدا.

حتى ساعة خروجنا للعمل صباحا نادرا ما نغادر ونحن مبسوطين، دائما مختلفين إذا تأخرت طول الطريق يلومني أنني اضطررته للقيادة بسرعة، وإذا خرجت مبكرا تفاديا لذلك أراه يعود للبيت ويمكث هناك، اتدرين لم؟ حتى يكمل النقائص التي خلفتها ورائي ربحا للوقت وأنا امرأة كتومة امتص كل ذلك وحين تتراكم علي المشاعر السلبية أدخل حالة اكتئاب تجعلني أفكر في الابتعاد.

أحيطك علما أنني أم لأربعة أطفال أكبرهم 16سنة وأصغرهم 22 شهرا، يؤلمني أنه لا يبذل الجهد اللازم لمراعاتي هذه السنوات الأخيرة انهكني الحمل والإرضاع، حاولت جاهدة اقناعه بالتغافل قليلا لكون الرضاعة تأخذ مني الكثير من الوقت ولكن استقر في نفسي أنه لا يقدر تعبي وجهدي، حتى مالي جله مخصص إما للمساعدة في نفقات الأطفال او الادخار لصالح العائلة.

لا أدري لعلني امرأة حساسة زيادة عن اللزوم لكنني تعبت كثيرا لدرجة أنني اخبرته ايام الامتحانات وانا غاضبة بسبب الضغوط أنه سيأتي اليوم الذي أذهب دون رجعة طبعا كل هذا قبل أن اكتشف ما أكتشف ولك أن تتخيلي نفسيتي بعدما عرفت خيانته..... لعل الأمرين منفصلين.

ولكن ما يهمني الآن أنني مجروحة جدا وهو لا يشعر بما اكابده في كل مرة أكتشفه فيها فلو أحس بي ما أعاد الكرة مرات ومرات رغم أنه في كل مرة يبدي ندمه وأسفه وخجله صادقا في ذلك ثم ما يلبث يعود وهذا ما ترك فيّ قناعة راسخة أنه متعلق بها ولا يستطيع البعد عنها حتى وإن أراد، أنني عهدته رجلا صالحا مصلحا ولكنه هزم..... وهذا يحرق دمي

الإجابة 04/08/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الغالية صاحبة استشارة زوجي متعلق عاطفيًّا بسيدة متزوجة ماذا أفعل؟ والتي تمت متابعتها في استشارة العلاقة الزوجية هل تعالج آثار الخيانة، وشكرًا لك على إيضاحك بعض الأمور وعلى موضوعيتك في طرح الاستشارة، وأنا عندما ذكرت لك بعض المقترحات التي تساعدك في إدارة شئون البيت لم أقصد أبدًا اتهامك بالفشل كربة منزل، فقط أردت أن أقدم لك بعض الأفكار التي تمنحك بعض الوقت وبعض الجهد وليس في هذا ما يعيبك على الإطلاق.

 

مقررات حياتية

 

دعينا نقر ونعترف أنه لا يوجد إنسان مثالي ولا امرأة مثالية في كل الأشياء، ولو تخيلنا الحياة كمقررات دراسية؛ ففي بعضها نحصل على امتياز، وفي البعض الآخر جيد جدًّا أو جيد، وبعضها ننجح فيه بالكاد، وبعضها نرسب فيه، حتى هذا الرسوب درجات، فلو أننا رسبنا بسبب نقص قليل من الدرجات فقد نحصل على بعض درجات الرأفة، وهكذا أنا وأنت وزوجك جميعنا هكذا، المهم التقدير العام..

 

لذلك أقول لك بكل ثقة أنك حتى لو كنت حاصلة على تقدير جيد في إدارة شئون البيت مع كل ظروف عملك وأطفالك وإرضاعك فأنت تنجزين إنجازًا كبيرًا، ولا بد أن يكون هذا مستقرًا في ضميرك ولا يتسرب إليك الشك في هذا أبدًا، ولا تسمحي لزوجك ولا لأهله أن يزعزعوا ثقتك في نفسك؛ فأنت إنسانة جميلة حقًّا ونظرتك لأمور البيت نظرة متزنة، فأن يلعب الطفل بحرية وأن نبتسم في وجوه ضيوفنا وأطفالهم لهو أولوية عن المسارعة في الترتيب والتنظيف.

 

ولكن -أختي الحبيبة- أنت متفهمة لطبيعة البيئة الحاضنة التي نشأ فيها زوجك والتي تُعلي للغاية من قيمة النظام والنظافة والترتيب واعتبار ذلك بمثابة هوية خاصة بهم ودلالة من دلالات الرقي والتحضر.. أيضًا علينا أن نقدر دعمه ومساعدته حتى لو شابها المن أو الشكوى فهي دلالة على إحساسه بالمسئولية ذلك الإحساس الغائب عند كثير من الرجال..

 

ما أقصده أن البيئة الحاضنة التي نشأ فيها زوجك وولعه بالنظام والنظافة وبذل جهده في ذلك تمثل حوافز إضافية لمزيد من الإتقان، وهناك أمور بسيطة في الجهد والوقت لكنها ذات أثر فعال وتجعلك تشعرين بالسيطرة على بيتك وحياتك، وأرجو أن يتسع صدرك لما سأقوله.. مثلا لماذا لا تخرجين لعملك صباحًا في التوقيت المناسب لا تتأخرين عن موعدك فيضطر للقيادة السريعة، ولا تخرجين مبكرة جدًّا حتى أنك تتركين المكان في حالة فوضى فيضطر هو للعودة لإنقاذ المظهر العام؟!

 

ادعمي نفسك

 

أختي الغالية، لا أريدك أبدًا أن تتسلل إليك مشاعر الرثاء للذات أو العيش في ثوب الضحية التي تقدم لك ما تمتلك ورغم ذلك لا ينظر إلا لنقاط ضعفها وتقصيرها؛ لذلك أدعوك للتغلب ما أمكنك على نقاط الضعف، بدءًا من إشراك أولادك (وبعضهم بلغ السادسة عشرة) في إدارة البيت وهي مهارة حياتية ضرورية لهم.. مرورًا بالترتيب أولاً بأول حتى لا تتراكم الأمور وتخرج عن السيطرة.. انتهاء باستغلال قوة المال التي تمتلكينها كامرأة عاملة.

 

أختي الكريمة، لا تنتظري أن يدعمك أي إنسان حتى لو كان زوجك.. أنت فقط توكلي على الله الحي القيوم ثم استعيني بنفسك وبما تمتلكينه من رزق ساقه الله إليك.. وعلى سبيل المثال لماذا لا تستعينين بعاملة منزلية تكون سيدة كبيرة أو متوسطة العمر تساعدك في أوقات الطوارئ وفي التنظيف الأسبوعي؟

 

هذه المساعدة لها أولوية عن الادخار من أجل الأسرة، ولو اعترض زوجك فهذه هي الفرصة المناسبة تمامًا لفتح الحديث معه من منطلق مختلف تمامًا، فإذا كان هو كثير النقد ولا يقدم الدعم إلا في ظلال من الشكوى ولا يتذكر ما تقدمينه له ولأسرتك من مال، فعليك أن تبدئي في إدارة شئون البيت بطريقة مختلفة، فأنت تخجلين من تذكيره بما تقدمينه من مال عن طيب خاطر بينما تتلقين كل صور النقد والشكوى حتى كدت تقرين أنك ربة منزل فاشلة من كثرة ما تلقين.

 

والآن عليك التراجع خطوتين للوراء وأن تذكريه بطريقة ذكية بما تقدمينه والذي يحصل عليه كحق مكتسب لا يقدم الشكر والامتنان تجاهه، فعليك إذًا تذكيره أن هذا المال هو ذمتك المالية الخاصة بك وأنت حرة في طريقة استغلاله، ومن أولى أولويات استغلاله دعم نقاط ضعفك التي تستخدم للضغط عليك وإشعارك أنك لا تقومين بما يجب عليك..

 

هذه الأفكار لا بد أن تطرح بشكل واضح وبهدوء ورفق.. أنا سيدة عاملة أقضي ساعات خارج المنزل وأم لأطفال صغار يأخذون كثيرًا من الوقت، فمن حقي أن يأتي بمن يساعدني، خاصة أنني أنفق من مالي الخاص، فإذا قال لك نحن أولى بهذا المال، قولي له أنت كثير النقد والملاحظة ولا تقدم الدعم إلا في ظلال الشكوى، وهذا وضع لا يعجبني ولا يليق بي، فإن أردت توفير المال فعليك أن تقدم المساعدة دون شكوى أو تذمر وتتوقف عن النقد الحاد الذي تقوم به.

 

وحتى في هذه الحالة فإن مالك ينبغي ألا يوضع كله في البيت، فإن كانت النفقة مفهومة فالادخار من أجل العائلة غير مفهوم، خاصة في ظل الأوضاع التي تعيشينها في زواجك، فإن كان هناك مال سيدخر من عملك فهو ذمتك المالية الخاصة، وهذا المال لا بد أن يُحفظ باسمك، وهذا لا يغضب زوجك ولا يقلل منه في شيء.

 

وجهي المال لدعم نفسك.. أنت مررت بعدة تجارب حمل وولادة، ولا شك أنك بحاجة لمتابعة طبية فصحة أسنانك وعظامك قد تكون تضررت.. ربما أنت أيضًا بحاجة لمتابعة طبيبة تغذية.. بحاجة للنزول لصالة الألعاب الرياضية.. الذهاب لصالونات التجميل الراقية، وهذا كله بحاجة للمال، وهذا كله سينعكس على حياتك وحيويتك، وسيجعله يراك بشكل مختلف، فبدلا من النظر إليك كزوجة ضعيفة منهكة ومهملة لا تثير شغفه وهو النموذج الذهني الذي قد يحمله في عقله عنك ستصبحين زوجة ذات شخصية قوية تمتلك من الحيوية والطاقة والتجديد ما تجعله يقلق بشدة من احتمالية خسارتها..

 

وأخيرًا، أوصيك لا تنتظري أن يشعر بما تعانين منه بل ابذلي جهدك في رفع المعاناة عن نفسك وبنفسك، وفي الوقت ذاته أشعريه تمامًا بما تقدمينه والذي من الممكن أن يفقده، ولا تخافي عندما يقول لك تغيرت، بل اضحكي برقة وقولي له وأنت تنظرين إلى عينيه نعم أنا تغيرت وأصبحت أكثر نضجًا وأدركت قيمتي أكثر، ثم تحدثي إليه بمزاح لطيف وأنت في حالة التواصل البصري معه، وأخبريه أن عليه أن يبذل جهدًا حتى يحافظ عليك فلم يعد هناك شيء مضمون..

 

لا تتجسسي عليه ولا تتجسسي على هاتفه، ولا تشعريه أنه مراقب، ولا تنشغلي بتحليل علاقته بهذه المرأة الأخرى، ولا تأبهي بنجاحه أو فشله في معركته هذه، فكفى بالله حسيبًا، وهذه ليست معركتك.

 

فقط انشغلي بشخصيتك الجديدة التي هي بحاجة للبناء بصبر.. نموذجك القوي بدلاً من ذلك المنهك المستضعف، وثقي أنه سينجذب إليك تلقائيًّا فلا تتراجعي وتعودي لشخصيتك القديمة، وتذكري ما قلته لك في الاستشارة السابقة من أن جودة العلاقة الزوجية الخاصة (كمًّا وكيفًّا) لها أثر فعال في إصلاح حياتكما وإعانته على التخلص من الفتنة التي يعيش في أجوائها؛ فاحتسبي ذلك واحتسبي نية أن تعينيه على الشيطان وعلى نفسه الأمارة بالسوء.

 

ولا تتلمسي عوراته وانشغلي بنفسك وحياتك، مستعينة بالله تعالى، وواضعة نصب عينيك قوله ﷺ: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)، سدد الله خطاك وأصلح لك زوجك، وفي انتظار أخبار جديدة مفرحة إن شاء الله تعالى.

الرابط المختصر :