أخي الكريم، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.. لم تشرح لنا شيئًا عن علاقتك بزوجتك، لكنني سأحدثك عن الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة بوجه عام وسأضع لك الخطوط العريضة، وابذل أنت جهدًا في تنزيل ذلك على واقعك.

سأخبرك سرًّا من أهم أسرار السعادة الزوجة ألا وهو الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة للطرف الآخر.. كلما كنت تعلم أكثرعن اهتماماته.. ما يحبه وما يكرهه.. ما يسعده وما يحزنه.. لديك خارطة تفصيلية عنه كان ذلك أدعى للسعادة والرضا..

كان النبي ﷺ شديد الاهتمام بمعرفة كل ما يخص السيدة عائشة، وتأمل هذا الحديث الذي رواه البخاري، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (قال لي رسول الله ﷺ إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عليّ غضبى قالت، فقلت من أين تعرف ذلك، فقال أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين لا ورب محمد، وإذا كنت عليّ غضبى قلت لا ورب إبراهيم، قالت قلت أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك).

فالنبي ﷺ لم ينكر عليها غضبها منه واهتم بمعرفة طريقتها في التعبير عن الغضب، واهتم أن يخبرها باهتمامه بها واهتمامه بطريقتها في التعبير عن الغضب.. فأن تهتم بمعرفة التفاصيل الصغيرة فقط لا يكفي؛ لأن هذا الاهتمام لا بد أن يترجم بكلمة أو بسلوك.. أن تستمع إليها وتمنحها الوقت كما استمع النبي ﷺ لحديث أم زرع الطويل جدًّا من السيدة عائشة، ولم يكتف بالاستماع والإنصات بل منحها ما تحتاجه من كلمات مهدئة مطمئنة تشعرها بالأمان الذي هو بالمناسبة أكثر ما تنشده المرأة في الزواج.

أن تهتم بها وتشفق عليها وتمنحها عاطفة مضاعفة وقت المرض أو ما وصفته السيدة عائشة باللطف، فهي لم تشعر بالشك والريبة وقت حادثة الإفك إلا عندما شعرت بتغير اهتمام النبي ﷺ بها وقت مرضها.

كثيرة هي التفاصيل الصغيرة التي تمنح المرأة شعور الاهتمام.. أن تمسك بكفها أثناء عبور الطريق.. أن تصحبها لزيارة الطبيب وتجلس معها في صالة الانتظار رغم أنك لا تطيق الانتظار.. أن تسألها عن حالها وأنت تنظر لعينيها.. ألا تتجاهلها عندما تشعر أنها حزينة أو غاضبة ولا تؤجل السؤال والاهتمام لوقت لاحق.. أن تقدم ولو مساعدة رمزية.. أن تقول كلمة أشكرك من قلبك.. أن تتغافل عن بعض الأخطاء وتقلل النقد للحد الأدنى.

الاهتمام هو المادة الخام للحب، والاهتمام هو الذي يضمن أن تبقى مشاعر الحب متوهجة، فكلما خبت كانت الحاجة للاهتمام أكبر.

الاهتمام أن تمنح الآخر ما يحتاجه هو لا ما تحتاجه أنت.. زوجة تشعر بالاهتمام لو سمعت كلمة حلوة، فتذهب أنت وتشتري هدية وتنفق مالاً وتتعب فعلاً لكن المسألة لم تكن بحاجة لأكثر من كلمة حلوة، لن أقول بخلت بها ولكن أقول لم تهتم بها؛ لأنك لا تهتم بالكلمات.. والعكس بالتأكيد صحيح، فكثير من الأزواج يحتاج وقتًا خاصًّا مع الزوجة بينما هي ترى أن غسيل السجاد وتلميع النيش وتدريس الأولاد هو الدليل الأكبر على الاهتمام.

عندما نهتم لا بد من تقديم صور الاهتمام الذي ينشدها الطرف الآخر بأفكاره هو ومشاعره هو واحتياجاته هو تلك التي عليّ أن أبذل الجهد كي أعرفها وأفهمها وأُكوّن خارطة عنها، وكلما بذلت جهدًا أكبر حظيت بتجاوب الطرف الآخر ورغبته وسعيه هو الآخر كي يهتم بما أحتاج، فيصبح الاهتمام تبادليًّا والعطاء تبادليًّا، وتصبح العلاقة الزوجية أكثر استقرارًا وأكثر إشباعًا، ومن ثم تتلون الحياة بألوان الرضا والسعادة.