خوف ابني المراهق قبل النوم يقلقني!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : المراهقون
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 104
  • رقم الاستشارة : 2394
16/08/2025

أنا عندي ولد عمره ١٣ سنة، ودايم يحس بالخوف بشكل مبالغ فيه. قبل لا ينام، لازم يمر على كل الشبابيك ويسكرهم بنفسه، ويتأكد إن الغاز مسكر عدل، مع إني أنا ما أسكره بهالطريقة.

وبعد يتأكد إن باب الشقة مقفول، ويحرص يقفله بالمفتاح من داخل. مرات حتى إذا سمعني بالليل أفتح الباب عشان أطلع شي، على طول ينادي بصوت عالي: "يمّه وينك؟" كأنه وايد خايف.

الموضوع صار يتكرر كل يوم تقريبًا، وأنا بصراحة ما عاد عرفت شلون أتعامل معاه أو أهدّي خوفه، خصوصًا إنه ساعات يرفض ينام بروحه ويقول يخاف يصير شي بالبيت، بخاف يكون ضعيف الشخصية وبيحتاج علاج، شلون اتصرف؟

الإجابة 16/08/2025

أختي الكريمة،

 

أول ما أحب أن أطمئن قلبك عليه هو أن خوف ابنك ليس دليلًا على ضعف في شخصيته أو عجزه عن مواجهة الحياة، بل هو انعكاس لمرحلة من مراحل النمو النفسي تُسمّى بـ (Developmental Anxiety)  أي القلق المرتبط بالنمو، وهو أمر قد يظهر عند بعض الأطفال في بداية المراهقة، حيث تبدأ لديهم تصورات ذهنية واسعة عن المخاطر المحتملة من حولهم، فيبالغون في الحذر ويعيشون ما نسميه (Hyper-vigilance) أي فرط التيقّظ.

 

سلوك ابنك حين يتأكد من إغلاق النوافذ والباب والغاز، هو محاولة ذاتية منه للشعور بالأمان، وهذا ما يُعرف بـ(Safety-Seeking Behaviors)، أي السلوكيات التي يقوم بها الفرد ليؤكد لنفسه أن بيئته آمنة. والمبالغة في هذه الأفعال قد تكون انعكاسًا لقلق داخلي يحتاج إلى تطمين واحتواء أكثر مما يحتاج إلى نهر أو استهزاء.

 

هنا يأتي دورك التربوي العاطفي، فأنت لستِ مطالبة فقط بطمأنته بالكلام، بل بتهيئة بيئة عاطفية دافئة تبعث فيه السكينة، فهي من نعم الله عز وجل علينا، فقد قال: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.. فالسكينة هبة ربانية، ولكِ دور في غرسها في قلبه عبر الحنان والاحتواء.

 

ولذا، أقترح عليكِ خطوات عملية:

 

1- شجّعيه على أن يتحدث عمّا يخيفه، استمعي له دون مقاطعة أو تقليل من شأن مخاوفه، فهذا يساعده على تقليل حدة القلق.. فيما يعرف بالتفريغ الانفعالي (Emotional Venting).

 

2- يمكن أن تتفقا على خطة تدريجية، مثلاً أن تتركي له مهمة التأكد من شيء واحد فقط قبل النوم (كالباب مثلاً)، ثم تدريجيًّا يتوقف عن التكرار المفرط ويكتفي بالاطمئنان البسيط.. وهو التدرّج في التعريض (Gradual Exposure).

 

3- عززي ثقتة بالله.. علّميه أن يقرأ أذكار النوم، وعند كل موضع وموقف، مع الاستعاذة والتوكل على الله تعالى، فهذا يربطه بالله ويشعره أن هناك قوة عليا تحميه.

 

4- ومن الجيد تنمية الشعور بالمسؤولية لديه.. فبدلاً من منعه من هذه السلوكيات فجأة، اجعليها في إطار مسؤولية إيجابية، مثلاً: "أنت رجل البيت، وأنا أثق أنك تتحقق من الأمان مرة واحدة فقط، وبعدها نطمئن جميعًا".

 

5- ثم إياكِ أن تظهري قلقًا أو انزعاجًا من تصرفاته؛ فالمراهق يلتقط إشارات الأمان من سلوك والديه أكثر من أقوالهم.. وهنا تتجلي القدوة الهادئة (Calm Modeling).

 

6- كما يمكنك تعليمه بعض تقنيات الاسترخاء.. مثل التنفس العميق أو ترديد آيات قصيرة قبل النوم، فهي تقلل من فرط التيقّظ وتعيد التوازن النفسي.. وهذا يعتبر من المساندة السلوكية (Behavioral Support) الجيدة.

 

* همسة أخيرة:

 

المراهق في هذه المرحلة يبحث عن أمان داخلي وخارجي، وإن أحطته بالحنان مع قليل من التوجيه المنطقي، سيتجاوز هذه المخاوف تدريجيًّا.

 

وأذكّركِ بقول الله تعالى: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾، فكل صعوبة في التربية تحمل في طياتها فرصة لنمو شخصية ابنك وارتقائها.

الرابط المختصر :