Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 65
  • رقم الاستشارة : 1364
18/03/2025

أنا بحب قيام الليل وفعلاً بحاول أواظب عليه، بس أحيانًا مع طول الصلاة بحس بالملل، وده بيخليني أفقد الخشوع ومبقاش مركزة زي الأول. خصوصًا لما بكون مرهقة من شغل البيت ومسؤولياتي طول اليوم.

إزاي أقدر أتغلب على الشعور ده وأحس بحلاوة القيام وأستمتع بيه من غير ما يبقى مجرد روتين؟

الإجابة 18/03/2025

أهلاً ومرحبًا بكِ أيتها الأخت الكريمة، أسأل الله أن يبارك لكِ في وقتكِ وجهدكِ، وأن يجعل قيامكِ الليل قربةً لكِ إلى رضوانه، ومفتاحًا لطمأنينة قلبكِ وسكينة روحكِ. أسأل الله أن يعينكِ على طاعته، ويجعل لكِ في كل سجدةٍ أُنسًا، وفي كل دعاءٍ إجابة، وفي كل قيامٍ رفعة، وبعد...

 

فما أجمل أن يعيش الإنسان حبًّا صادقًا مع الله، يترجمه في وقوفه بين يديه حين ينام الناس، ويناجيه بدموع تهمس بحاجاته وآماله! وما أجمل أن تشتاق النفس إلى تلك اللحظات التي تلتقي فيها الروح بمولاها، فتنسى تعب الجسد وتغرق في لذة القرب!

 

ولكن لا شك أن لكل عبادة مشقة، يكون الأجر على قدرها، وقد تعترض طريقنا لحظات من الفتور أو الملل، خصوصًا حين يكون الجسد منهكًا والعقل منشغلًا. ولأن قيام الليل عبادة عظيمة، فهي تحتاج -لا شك- إلى صبر ومجاهدة.

 

وإليكِ بعض الخطوات التي ستعينكِ –بإذن الله– على تجاوز هذا الشعور، لتجدي في القيام لذةً لا مللًا، وروحانيةً لا روتينًا.

 

أولًا- فهم طبيعة الملل في العبادة:

 

شعورك بالملل أثناء طول الصلاة لا يعني أن قلبكِ غير مخلص أو أنكِ بعيدة عن الخشوع؛ بل هو مجرد رد فعل طبيعي للإرهاق الجسدي والعقلي. والنبي ﷺ أرشد الصحابة أنفسهم إلى التوازن في العبادة، فقال: «إن الدين يسر، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوةِ والرَّوحةِ وشيءٍ من الدُّلجة» [رواه البخاري].

 

فليس المطلوب منكِ أن ترهقي نفسكِ، بل أن تؤدي القيام بروح المحبة لا بروح الإجبار، وبقلبٍ مشتاق لا بجسدٍ مثقل.

 

ثانيًا- التخفيف مع الاستمتاع:

 

1- قسِّمي الصلاة ولا تُحمِّلي نفسكِ فوق طاقتها:

 

فبدلًا من الصلاة الطويلة التي قد تؤدي إلى فقدان التركيز، قسِّمي قيام الليل على ركعات خفيفة، فطول القيام ليس شرطًا؛ بل الخشوع هو الأساس.

 

2- نوِّعي في السور التي تقرئينها:

 

تكرار السور نفسها قد يُسبِّب الشعور بالرتابة، فجربي أن تقرئي سورًا جديدة، وأن تمري على القرآن كله، أو تتدبري آيات خاصة تتعلق بحالكِ ومشاعركِ.

 

3- اجعلي سجودكِ محطة استراحة:

 

لا تتعجلي في السجود، بل اجعليه محطة للأنس بالله، والدعاء العميق بكل ما في قلبكِ. قال النبي ﷺ: «أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجدٌ، فأكثِروا الدُّعاءَ» [رواه مسلم].

 

ثالثًا- التهيئة النفسية قبل القيام:

 

1- تهيئة القلب بالمحبة والشوق:

 

قبل أن تقومي للصلاة، اجلسي لحظة وتفكَّري في أنكِ ستقابلين الله، الحبيب الذي لا يملُّ من سماعكِ، الكريم الذي ينتظركِ ليمنحكِ ما تشائين.

 

2- التدرج في عدد الركعات:

 

لا تبدئي بقيام طويل دفعةً واحدة، بل ابدئي بركعتين خفيفتين، ثم زيدي شيئًا فشيئًا حتى تتشوقي للمزيد دون ملل.

 

3- خذي قسطًا من الراحة قبل القيام:

 

وذلك حتى لا يكون جسدكِ منهكًا تمامًا، وقد قال النبي ﷺ: «إذا نعس أحدُكم وهو يصلي، فليرقدْ حتى يذهبَ عنه النومُ» [رواه البخاري].

 

رابعًا- الدعاء بالعون والتوفيق:

 

لا تنسي أن تسألي الله دائمًا أن يرزقكِ لذة القيام، وقوة الثبات عليه، فقد كان النبي ﷺ يدعو: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» [رواه أبو داود].

 

وختامًا -أختي الكريمة- فإن قيام الليل ليس مجرد عبادة تؤدَّى، بل هو رحلة حب، لقاء خاص بينكِ وبين الله، حيث تنزعين عن روحكِ تعب الدنيا، وتضعين في قلبكِ نورًا لا ينطفئ. فمهما شعرتِ بالإرهاق أو الملل، فتذكري أن كل ركعة ترفعينها لله، وكل سجدة تضعين فيها جبهتكِ على الأرض، تزيدكِ قربًا وسكينة.

 

أسأل الله أن يرزقكِ من أنوار قيام الليل ما يبدد ظلمات قلبكِ، وأن يجعل لكِ من كل سجدة سعادة، ومن كل دمعة إجابة، ومن كل قيامٍ رفعة ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ [الإسراء: 79].

 

وفقكِ الله ورزقكِ لذة القرب منه دائمًا.

الرابط المختصر :