الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
73 - رقم الاستشارة : 1715
28/04/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل، انتشرت في الآونة الأخيرة بعض العبارات الساخره مثل: "ثاني أسوأ شيء بعد أكل مال اليتيم هو أكل اللفت"، أو "يوم السبت هذا ثاني أسوأ شيء بعد أكل مال اليتيم"، وذلك على سبيل المزاح. وهذه العبارات قد تثير تساؤلات حول حكم استخدامها في الإسلام. هل يجوز استخدام تعبيرات مثل "ثاني أسوأ شيء بعد أكل مال اليتيم" على سبيل المزاح؟ وهل يُعتبر ذلك استخفافًا بحُرمة أكل مال اليتيم؟ وهل يعكس ذلك استحقارًا لنعم الله، لا سيما نعمة الطعام التي منّ بها علينا؟ وهل يُعدّ سبًا للدهر عند القول بأن "أكبر المصائب يوم السبت فلذلك هو أسوء من مال اليتيم "، مع مقارنة هذا اليوم بما هو أعظم من الكبائر مثل أكل مال اليتيم؟ جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه عبارات لا ننصح السائل بها لا مازحًا ولا جادًّا، ولا مانع من المزاح فقد كان النبي ﷺ يمزح ولا يقول إلا حقًّا، فالتحريم والتحليل لا يكون إلا بنص من القرآن الكريم أو السنة المطهرة.
وكان من هديه ﷺ أنه إذا أحب طعامًا أكله وإن لم يحبه تركه، وهذه الأطعمة التي نسخر منها لا يجدها غيرنا من أهل البلاء، فلنحمد الله على العافية يقول الله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ (ق: 18).
جاء في تفسير الظلال للشهيد سيد قطب – رحمه الله –:
وحسبنا أن نعيش في ظلال هذه الحقيقة المصورة، وأن نستشعر ونحن نهم بأية حركة وبأية كلمة أن عن يميننا وعن شمالنا من يسجل علينا الكلمة والحركة؛ لتكون في سجل حسابنا، بين يدي الله الذي لا يضيع عنده فتيل ولا قطمير.
حسبنا أن نعيش في ظل هذه الحقيقة الرهيبة. وهي حقيقة. ولو لم ندرك نحن كيفيتها. وهي كائنة في صورة ما من الصور، ولا مفر من وجودها، وقد أنبأنا الله بها لنحسب حسابها. لا لننفق الجهد عبثًا في معرفة كيفيتها!
والذين انتفعوا بهذا القرآن، وبتوجيهات رسول الله ﷺ الخاصة بحقائق القرآن، كان هذا سبيلهم: أن يشعروا، وأن يعملوا وفق ما شعروا..
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي عن أبيه عن جده علقمة، عن بلال بن الحارث المزني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه". قال: فكان علقمة يقول: "كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث". ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث محمد بن عمرو به وقال الترمذي: حسن صحيح.
والله تعالى أعلى وأعلم