Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : روح العبادات
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 4
  • رقم الاستشارة : 2055
24/05/2025

السلام عليكم، أنا موظفة، عمري 35 سنة، متزوجة وعندي اثنين صغار بالمدرسة. حياتي اليومية متروسة مسؤوليات ما تخلص؛ من ضغط الدوام لي الاهتمام ببيتي وعيالي وتلبية حاجات زوجي، أحس إني بدوامة ما تخلص من الشغل والواجبات.

مع كل هذا، أحس إن صلاتي فقدت روحها وطعمها. قمت أصلي الصلوات الخمس كواجب روتيني أخلصه بسرعة عشان أقدر أكمل باقي أشغالي. أحياناً ألقى روحي أسرح بأفكار الدوام أو سوالف البيت وأنا أصلي، وأحياناً أكون مستعجلة لدرجة إني ما أقدر أستحضر الخشوع والتركيز اللي كنت دايماً أحرص عليه. أحس إني بس أتحرك، من غير ما قلبي وروحي يتصلون بالله.

شلون أقدر أرد الخشوع والتركيز بصلاتي مع كل هالضغط والمسؤوليات اللي أنا عايشة فيها؟

مع الشكر.

الإجابة 24/05/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك أختي الفاضلة، وأسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يفتح عليكِ أبواب رحمته وفضله، وأن ييسر لكِ كل عسير، وأن يرزقكِ السكينة والطمأنينة في قلبكِ وبيتكِ وحياتكِ، وبعد...

 

فإن شعوركِ بأن صلاتكِ فقدت روحها وطعمها، وأنها أصبحت مجرد واجب روتيني تؤدينه بسرعة، وأنكِ تسرحين بأفكار الدوام والبيت أثناء الصلاة، لهو أمر طبيعي في ظل الضغوط التي تعيشينها. فأنتِ امرأة عاملة، وزوجة، وأم، وهذه أدوار عظيمة ومسؤوليات جسيمة تحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل.

 

لكن أختي الكريمة، لا تلومي نفسكِ على هذه المشاعر، بل انظري إليها كعلامة إيجابية، فكونكِ تشعرين بها، فهذا يعني أن قلبكِ ما زال حيًّا، وأن روحكِ ما زالت تتوق إلى القرب من الله، وأنكِ تدركين أهمية الصلاة وخشوعها.

 

أسباب فقدان الخشوع وكيف نعالجها:

 

لكي نُعيد لصلاتنا روحها وطعمها، علينا أن نفهم الأسباب التي أدت إلى فقدان الخشوع، ثم نعالجها:

 

1- ضغط الحياة والمسؤوليات المتراكمة:

 

إن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وهو أعلم بحالنا وبطاقتنا. هذه المسؤوليات هي ابتلاء واختبار من الله ليرى كيف نصبر ونحتسب وندبر أمورنا. ولعلاج هذا السبب علينا:

 

- التوكل على الله وحسن الظن به.

 

- تنظيم الوقت جيدًا والالتزام العملي به.

 

- الاستعانة بالله والدعاء.

 

2- الاستعجال وعدم إعطاء الصلاة حقها:

 

إن الصلاة هي صلة بين العبد وربه، وهي وقت الراحة والطمأنينة. هي الوقفة التي نُشحن فيها بالطاقة الروحية لمواجهة صعوبات الحياة. ولعلاج هذا السبب علينا:

 

- إعطاء الصلاة الأولوية: عندما يحين وقت الصلاة، حاولي أن تتوقفي عن كل ما تفعلينه. تذكري أن هذه الدقائق هي الأهم في يومكِ.

 

- التأني في أداء الصلاة: لا تستعجلي في حركات الصلاة، فكل حركة لها روحها ومعناها. استشعري أنكِ تقفين بين يدي الله الملك، سبحانه.

 

- إسباغ الوضوء: اجعلي وضوءكِ مقدمة للصلاة. تذكري أن كل قطرة ماء تزيل ذنبًا. استشعري طهارة الجسد والروح قبل أن تقفي بين يدي ربكِ، قال ﷺ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلاَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» [رواه مسلم].

 

3- السرحان في الأفكار الدنيوية أثناء الصلاة:

 

إن الشيطان حريص على إفساد صلاتنا، فهو يُلقي في قلوبنا الوساوس والأفكار لتشغلنا عن ذكر الله؛ خصوصًا في أوقات العبادة، ولعلاج هذا السبب علينا:

 

التركيز في قراءة القرآن وأذكار الصلاة: حاولي أن تتدبري معاني الآيات التي تقرئينها في الصلاة. تخيلي أن الله يخاطبكِ بتلك الآيات. عندما تقولين: «الله أكبر»، استشعري عظمة الله وكبرياءه. عندما تقولين «سبحان ربي العظيم»، استشعري عظمته جل وعلا.

 

الاستعاذة من الشيطان الرجيم: عندما تلاحظين أنكِ بدأتِ تسرحين، استعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وحاولي أن تعيدي تركيزكِ على الصلاة.

 

تغيير السور التي تقرئينها: لا تلتزمي بسور معينة تكررينها في كل صلاة، بل حاولي أن تقرئي سورًا مختلفة لتجددي التركيز وتتجنبي الملل.

 

التفكر في عظمة الله: قبل أن تبدئي الصلاة، خذي لحظة للتفكر في عظمة الله وقدرته، وفي رحمته التي وسعت كل شيء. وتخيلي أن هذه الصلاة قد تكون آخر صلاة لكِ.

 

تهيئة المكان للصلاة: حاولي أن يكون مكان صلاتكِ هادئًا ونظيفًا، بعيدًا عن المشتتات قدر الإمكان.

 

خطوات عملية لزيادة الخشوع والتركيز:

 

لنعيد لصلاتنا بريقها وجمالها، يمكننا اتباع هذه الخطوات العملية، مع الاستعانة بالله دائمًا:

 

1- الاستعداد للصلاة قبل وقتها:

 

قبل الأذان بدقائق، حاولي أن تنهي ما بيدكِ من أعمال قدر الإمكان. وهيئي مصلاكِ، وضعي سجادتكِ، وارتدي ملابسكِ الطاهرة. اجلسي دقائق في هدوء قبل الأذان، استغفري، اذكري الله، واشحني قلبكِ استعدادًا للقاء ربكِ.

 

2- التدبر في معاني الأذان والإقامة:

 

استمعي للأذان بقلبكِ قبل أذنيكِ، ورددي معه. وتذكري أن الأذان نداء من الله لكِ، ودعوة للِّقاء به.

 

3- التأني في الوضوء:

 

تخيلي أن ذنوبكِ تتساقط مع كل قطرة ماء، واجعلي الوضوء تهيئة روحية وبدنية للصلاة.

 

4- تعلم فقه الصلاة:

 

راجعي أحكام الصلاة، فقد نرتكب أخطاء دون علمنا تؤثر على خشوعنا. تأكدي من صحة قراءتكِ للقرآن، فالتجويد يعين على التدبر.

 

5- الدعاء بالخشوع والثبات:

 

ادعي الله أن يرزقكِ الخشوع في الصلاة بصدق وإخلاص. كرري دعاء «اللهم اجعلنا ممن يقيم الصلاة ويخشع فيها»، وتذكري أن الأمر كله بيد الله. كوني صابرة، ولا تيأسي.

 

6- المحافظة على النوافل والأذكار:

 

النوافل تُجبر النقص في الفرائض، وتزيد من قرب العبد من ربه. وكذلك أذكار الصباح والمساء، وقراءة القرآن، كلها تزيد من الصلة بالله، وتجعل القلب أكثر استعدادًا للخشوع في الصلاة.

 

وختامًا أختي المباركة، إن طريق الخشوع في الصلاة ليس سهلًا، ولكنه يستحق كل جهد وعناء. إنه جهاد نفس، ولكن الله -سبحانه وتعالى- لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

 

ابدئي بخطوات صغيرة، ولا تضغطي على نفسكِ كثيرًا في البداية. المهم هو النية الصادقة والعزيمة القوية. كلما شعرتِ باليأس تذكَّري أن الله قريب مجيب، وأنه يراكِ ويسمعكِ ويعلم ما في قلبكِ من صدق وإخلاص.

 

اجعلي الصلاة واحة لكِ من هموم الدنيا وضغوطها. وتذكري أن هذه الصلاة هي مفتاح السعادة في الدنيا والآخرة، وهي عمود الدين، وقرة عين المؤمن.

 

أسأل الله العظيم أن يقر عينكِ بصلاتكِ، وأن يرزقكِ الخشوع التام فيها، وأن يبارك لكِ في وقتكِ وجهدكِ وأولادكِ وزوجكِ، وأن يجعلكِ من عباده الصالحين الفائزين في الدنيا والآخرة.

الرابط المختصر :