22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 27/01/2025

أنشأ بعض الملحدين غير العرب صفحة على موقع فيسبوك لمناقشة قضية لماذا لا أؤمن بالله (Why I don’t Believe in God). وأنا أتحاور معهم منذ فترة، وكنت قد دعوت بعض المسلمين الذين يجيدون الإنجليزية، وأيضًا غير المسلمين للمشاركة معنا في الحوار لعل الله يهدي أيضًا هؤلاء المسيحيين، ولكن يوجد بعض الأمور التي وددت أن توضحوها لي: 1- بعض المسلمين يقولون لي: دعك من هذا الجدال، فقد حاولنا من قبل مع أناس أخرين آخرين في مواطن أخرى، ودائمًا لا يكون مردود لهذه المناقشات، حيث أنهم يظلون على اعتقادهم. فهل حقًا هذا جدال ومضيعة للوقت؟ حيث إنني أحرص على وقتي جدًا، من خلال العمل الاجتماعي والدعوي والقراءة الكثيرة. وخوفي من ترك الحوار معهم، هو تذكري الدائم لسيدنا يونس عليه السلام لدعوة قومه بعدما رأى عدم استجابتهم للدعوة، فقد يكون الله سخّر لي هذا المكان لكي أشرح الإسلام، وأنا تركتهم لعدم استجابتهم، وجدالهم. 2- دائمًا ينكرون علينا الاستشهاد بآيات من القرآن عند الرد عليهم، ويريدون دائمًا أن تكون الإجابة من المنطق فقط، فما المفترض أن يكون ردنا تجاههم؟ مع العلم أنني أستعين ببعض الردود من بعض المواقع الإسلامية المخصصة لدعوة غير المسلمين، ولكن أحيانًا كثيرًا لا أجد ما أبحث عنه، حيث إن معظم هذه المواقع موجهة لغير المسلمين الذين يدينون بالمسيحية، وليس للملحدين. 3- أحيانًا كثيرة يحدث استهزاء منهم للبعض منا أو لبعض ما يورد في القرآن، أو تعاليم الإسلام، فيكون رد فعل بعض المسلمين هو الرد بالمثل بالاستهزاء أيضًا، وأحيانًا يتطاول الأمر ليصل إلى حد الشتائم. أما أنا فلا أرد على هذا الاستهزاء، ولكن أحيانًا تكون ردودي مثل (شكرًا على ردك هذا) أو (آسف أنا لم أقصد أن أستفزك)، أو (لم أقصد مضايقتك). فهل يعتبر ردي عليهم ردا خاطئا؟ وهل يوجد ردود أو أفعال أفضل مما أقوم به؟

الإجابة 27/01/2025

أخي الحبيب، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاك الله خيرًا على همتك العالية، وأسأله سبحانه أن يجعل حرصك هذا على إعلاء كلمته والدعوة إليه في ميزان حسناتك يوم القيامة إن شاء الله، وبعد..

فمن واقع تجربتي الشخصية وتجارب غيري ممن أعرفهم مع تلك المواقع والمنتديات التي تبث العقائد الباطلة والأفكار الهدامة، أو تجعل كل رسالتها تشويه الإسلام وتعاليمه، خلصت إلى عدم جدوى الحوار مع هؤلاء بهذه الطريقة في صفحاتهم، سواء على الفيسبوك أو غيره من وسائل التواصل، فقد ثبت لدي أن الحوار ليس هدفهم، وأنهم لا يحاولون الوصول للحقيقة، وإنما كل هدفهم فتنة المسلمين وإضلالهم، وإخراجهم من إيمانهم، وإن لم يتحقق لهم ذلك، فإنهم يعملون على إيذاء المؤمنين بسب دينهم ونبيهم، والسخرية من معتقداتهم.

ومن خلال التجربة ثبت أيضًا أن أي محاولة للحوار الجاد الموضوعي مع هؤلاء تبوء بالفشل، فمعظمهم -إن لم يكن جميعهم- جاهلون لا يحملون علما يجادلون به، ولا أخلاقًا تحترم قيم الحوار والنقاش، وإذا وجدوا واحدًا من المؤمنين يتكلم بمنطقية وعقلانية وشعروا أن حديثه قد يؤثر على البعض أو يفحم حججهم، فسرعان ما يشوشون عليه أو يقطعون عنه الاتصال، ولا يعطونه الفرصة لإكمال ما بدأه.

وهم مع ذلك أيضًا يلجؤون إلى خدع رخيصة، كأن يدعي أحدهم أنه كان مؤمنًا ثم تبين له خطأ ما كان عليه من عقيدة!! ويقدمونه للناس على أنه كان قطبًا من أقطاب المؤمنين، ويبدأ في سرد أكاذيب كثيرة لخداع المؤمنين وخلخلة عقائدهم!

تلك أخي حقيقة مثل هذه الصفحات، وهذا غيض من فيض، وقد رأيت فيها الكثير؛ لذا فنصيحتي لك أخي الحبيب ولكل مؤمن يحب دينه أن يقاطع مثل هذه المنتديات والصفحات والمواقع والغرف، ولا يكثِّر سواد الداخلين إليها.

وهناك البعض من المؤمنين الساذجين، بدافع التحذير من هذه المواقع يقع في فخ الدعاية لها من حيث لا يدري، بإرسال عناوينها إلى كثير من الناس ليحذرهم منها، فإذا هو بذلك يدعو الناس لزيارتها بدافع الفضول، وقد علمنا أن بعض أصحاب هذه المواقع ومناصريهم يلجؤون إلى هذا الأمر لخداع المؤمنين، فيرسلون مثل هذه الرسائل التحذيرية ليثيروا فضول المؤمنين للدخول والاستماع لما يقولون أو قراءة ما يكتبون.

وبعضهم يلجأ لأسلوب الاستفزاز، ليثير حمية المؤمنين للدخول عليهم للرد على شبهاتهم وتفنيد باطلهم!

إذن فمقاطعة هذه المواقع وتجاهلها تمامًا هو الطريق الأفضل لمواجهتها وحصارها وعدم انتشارها، وقطع الطريق عليها ومنعها من الوصول لما تريد من خداع المؤمنين وإيذائهم.

واسمع قول الله عز وجل يصف هؤلاء، ويأمرنا بالإعراض عنهم، فيقول: ﴿وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُوا ۖ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ . خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ (الأعراف: 198 و199).

ثم يطمئننا جل وعلا، بكف هؤلاء المستهزئين عنا، مع علمه بضيق صدورنا مما يقولون، ويرشدنا لما يجب فعله إزاءهم، فيقول: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ . الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ . وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ (الحجر: 94- 99).

لا نريد أن نُستفَز أخي أو أن نُستدرج للمعركة الخطأ التي يستنزف فيها أعداؤنا أوقاتنا وجهودنا بلا طائل، بل علينا توجيه الجهود للمكان الصحيح الذي يعود العمل فيه بالنفع على الإسلام والمسلمين، وما أكثر هذه الأماكن والمواقع.

وفقك الله أخي ورعاك، وتقبل منا ومنك صالح العمل.