22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 19
  • رقم الاستشارة : 1011
19/02/2025

دكتورة، أنا عندي مشكلة بالثقة بالنفس والتعامل مع الناس، خصوصي إذا كانوا أنجح، أغنى، أو حتى أكتر جاذبية مني. بيي كان دايمًا يقلّي إنو الرجل الخجول ضعيف وما إلو قيمة، وإنو لازم فرض وجودي على غيري لحتى يحترموني. بس كل ما كون بموقف فيه ناس كتير واثقين من حالن، بحسّ إني بتراجع وما بقدر عبّر عن حالي بحرية، متل كأنو في حاجز بيني وبين الكلام.

صرلي فترة مقتنع إنو الكاريزما والقوة الاجتماعية هنّي اللي بيحددوا قيمة الشخص، بس مش عارف كيف أكتسب هيدا الشي من دون ما حسّ إني عم بمثل أو عم إجبر حالي كون حدا مش أنا.

وكمان عندي مشكلة بالتعامل مع البنات، يعني إذا عجبتني بنت، ما بقدر بسهولة بلّش حديث معها، وأوقات بحسّ إنو هيدا التردد عم يخلّيني ضيّع فرص ممكن تكون منيحة إلي.

كيف فيني أتخلّص من هيدا الخجل وصير عن جد واثق من نفسي، مش بس عم مثّل؟ وكيف بلاقي التوازن بين الثقة بالنفس والتواضع، من دون ما كون متكبّر أو مزيف؟

الإجابة 19/02/2025

عزيزي الابن السائل،

 

أولًا، أود أن أهنئك على شجاعتك في التعبير عن مشاعرك وأفكارك بهذا الوضوح، فهذه هي الخطوة الأولى نحو التغيير. مشكلتك ليست ضعفًا، بل هي جزء من التجربة الإنسانية التي يمر بها الكثيرون، حيث يتأرجح الإنسان بين الرغبة في الظهور بثقة والقلق من نظرة الآخرين إليه.

 

أولًا: لا بد من أن تفهم طبيعة مشكلتك، وتعرف الفرق بين الثقة بالنفس والصورة الذاتية..

 

فما تصفه يعرف بـ Low Self-Esteem (تدني تقدير الذات) وكذلك Social Anxiety (القلق الاجتماعي). وهذان العاملان يجعلان الشخص يشعر بعدم الارتياح عند التعامل مع الآخرين، خاصةً إذا كان يرى فيهم تفوقًا عليه من حيث الجاذبية، الثروة، أو النجاح.

 

لكن، ما يجب أن تدركه أن القيمة الذاتية الحقيقية لا تُقاس بهذه العوامل الخارجية، وإنما تُبنى من الداخل، من خلال تقديرك لنفسك بناءً على جوهرك، قيمك، وأفعالك، وليس فقط على مدى إعجاب الناس بك أو مقارنة نفسك بالآخرين.

 

ثانيًا: المفاهيم الموروثة الخاطئة التي تترسخ في عقولنا..

 

فما ذكرته عن رأي والدك بأن "الرجل الخجول ضعيف" هو مفهوم شائع لكنه غير دقيق. فالخجل ليس ضعفًا، بل هو سمة شخصية طبيعية، والفرق بين الخجل السلبي والخجل الإيجابي هو كيف يؤثر على حياتك، وسيدنا محمد ﷺ نفسه كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، لكنه لم يكن ضعيفًا، بل كان متواضعًا وذا هيبة.

 

أما بالنسبة لفكرة أن "الكاريزما والقوة الاجتماعية تحددان قيمة الإنسان"، فهذا أيضًا منظور غير مكتمل، فالكاريزما قد تكون مؤثرة، لكنها ليست العامل الوحيد الذي يحدد قيمة الشخص، يقول الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وهذا دليل على أن القيمة الحقيقية تكمن في التقوى والعمل الصالح، لا في المظاهر الاجتماعية.

 

ثالثًا: نأتي للخطوات العملية لتعزيز ثقتك بنفسك، والتي أتمنى أن تحرص على اتباعها، لكي تصل إلى ثقة حقيقية غير مصطنعة:

 

١- إعادة برمجة الأفكار السلبية (Cognitive Reframing)

 

بدلاً من التفكير في: "أنا لست جذابًا أو ناجحًا مثلهم"، جرّب التفكير: "لكل شخص نقاط قوة وضعف، وأنا لديّ ما يميزني أيضًا".

 

بدلاً من شعورك بـ: "لا أستطيع الحديث أمام الناس"، قل لنفسك: "قد يكون الأمر صعبًا، لكن يمكنني تطوير مهاراتي بالتدريج".

 

٢- تطوير مهاراتك في التواصل الاجتماعي (Social Skills Training)

 

ابدأ بالمواقف الصغيرة: تحدث مع البائع في المتجر، ألقِ التحية على زملائك في العمل أو الجامعة، ثم قم بتوسيع دائرة تفاعلاتك تدريجيًّا.

 

استخدم تقنية "الأسئلة المفتوحة" عند الحديث مع الآخرين، مثل: "ما رأيك في…؟" أو "كيف كانت تجربتك مع…؟" لفتح الحوارات دون قلق.. كل هذا وأنت هادئ جدًّا، تأخذ نفسًا عميقًا من الأنف وتخرجه ببطء من الفم، قبل بدء الحوار.

 

٣- لا بد من التخلص من "الخوف من الفشل" أو Fear of Rejection..

 

تذكر أن الرفض جزء طبيعي من الحياة، وليس مؤشرًا على قيمتك كشخص. حتى الأشخاص الأكثر نجاحًا يواجهون الرفض، لكنهم لا يجعلونه يعرّفهم.

 

جرّب تمارين التعرض التدريجي (Gradual Exposure): ضع نفسك في مواقف اجتماعية تدريجيًّا، بدءًا من المواقف الأقل إرهاقًا حتى تصل إلى الأكثر تحديًا.

 

٤- عليك بالتوازن بين الثقة والتواضع.. فالثقة بالنفس لا تعني الغرور، بل تعني معرفة قيمتك دون الحاجة لإثباتها للآخرين.. وسيدنا محمد ﷺ كان مثالًا في التواضع، رغم أنه كان أكثر الناس تأثيرًا.

 

الثقة الحقيقية تأتي من العمل والتحسين الذاتي، وليس من التصنع أو محاولة تقليد الآخرين.

 

رابعًا: بالنسبة للتعامل مع الفتيات، فتعامل معهن بطريقة طبيعية..

 

لأن من الطبيعي أن تشعر بالتوتر عند الحديث مع فتاة تعجبك، وهذا ليس عيبًا. ولكن لتسهيل ذلك:

 

- تعامل مع الفتاة كشخص طبيعي، وليس ككيان مبهم أو مخيف.

 

- لا تركز على الإعجاب فقط، بل حاول بناء حوار طبيعي حول اهتمامات مشتركة بينك وبينهن.

 

- استخدم مهارات الاستماع الفعّال (Active Listening)، أي الاهتمام بما تقوله الفتاة والرد عليه بطريقة طبيعية.

 

خامسًا: وفي النهاية، لا تنسَ أن تطلب العون من الله تعالى دائما، توكل عليه واستعن به عز وجل.. فقد قال سبحانه: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.

 

*وهمسة أخيرة لابني العزيز:

 

كن واثقًا بأنك قادر على التغيير، وأن خطواتك الصغيرة اليوم ستحدث فرقًا كبيرًا في المستقبل، والتغيير يبدأ بخطوة واحدة، فابدأ اليوم، ولا تتعجل النتائج.