22 فبراير 2025

|

23 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 139
  • رقم الاستشارة : 823
28/01/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أكتب إليكِ بصفتي أبًا يواجه معاناة نفسية شديدة بسبب تصرفات ابني البالغ من العمر 12 عامًا. ابني يتصرف بشكل مؤذٍ تجاه الآخرين، سواء زملائه في المدرسة أو حتى أفراد العائلة، مثل الضرب، والركل، أو دفع الآخرين بقوة، كذلك استخدام ألفاظ جارحة، والسخرية من أقرانه وأفراد الأسرة. وغالبا ما يتعامل معهم بإقصاء والتجاهل عمدي، ونشر الشائعات لإيذاء مشاعر الآخرين، وللأسف أيضا هو مخرب لممتلكات الآخرين ويتسبب في إحراج غيره أمام الجماعة. لقد حاولت مرارًا وتكرارًا التحدث معه عن تصرفاته، لكن يبدو أن ذلك يزيد من عناده وتمرده.. أجد نفسي في دوامة من القلق والحيرة حول كيفية التصرف، وأشعر أحيانًا أنني أفقد السيطرة على الأمر. أرجو منك سيدتي إرشادي إلى أفضل الطرق التربوية والعلمية التي يمكنني اتباعها لمساعدته لتعديل سلوكه، ولكي أتمكن أنا أيضًا من التعامل مع هذا الوضع المؤلم نفسيًا لي. جزاكم الله خيرًا.

الإجابة 28/01/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أخي الفاضل، كان الله بعونك فما تمر به مع ابنك بالفعل معاناة، وأقدر مشاعرك كأب يحرص على تربية ابنه بشكل صحيح ويعاني من التحديات النفسية التي تواجهه.

 

بدايةً، لا بد من أن أطمئنك أن تصرفات ابنك ليست مشكلة دائمة إن شاء الله تعالي، بل هي سلوكيات قابلة للتغيير إذا ما اتبعنا الأساليب المناسبة.

 

فالسلوك العدواني (Aggressive Behavior) عند الأطفال والذي يتجلى في الإيذاء الجسدي واللفظي تجاه الآخرين، هذا النوع من السلوك قد يكون ناتجًا عن مشاعر الغضب أو الإحباط، أو رغبة في فرض السيطرة على الآخرين.

 

ولذلك فهو بالطبع يعاني من اضطراب السلوك (Conduct Disorder)؛ الأمر الذي جعله يستمر في السلوك المؤذي لفترة طويلة وظهور أنماط متكررة لديه من العدوانية وانتهاك حقوق الآخرين.

 

* وهنا ينبغي أولًا أن أقوم بتحليل السلوك وتحديد أسبابه المحتملة، حتى تتفهم طبيعة سلوكيات ابنك وتتمكن بعون الله من تعديلها.

 

فقد يكون سلوكه ناتجًا مثلاً عن:

 

- مشاعر الغضب أو الإحباط.. فربما لا يجد ابنك طريقة صحية للتعبير عن غضبه.

 

- أو محاولة لفت الانتباه.. قد يكون يسعى للحصول على اهتمامك أو اهتمام الآخرين، حتى لو كان ذلك من خلال التصرفات السلبية.

 

- أيضا لعله تقليد لسلوكيات سلبية.. فهو غالبًا ما يتأثر بأقرانه أو بمحتوى يشاهده عبر الانترنت أو بعض ما يعرض على التلفاز.

 

- وقد يكون يعاني من نقص التعاطف أو (Lack of Empathy).. والذي يتجلى في عدم إدراكه لتأثير سلوكياته المؤذية للآخرين.

 

ثم بعد ذلك سأضع لك استراتيجيات لتعديل سلوك ابنك، وأتمنى أن تتبعها معه قدر المستطاع:

 

1- استخدام التعزيز الإيجابي أو (Positive Reinforcement):

 

ركّز على مكافأة السلوكيات الإيجابية بدلًا من التركيز على العقاب إذا قام بالإيذاء.. فعندما يتصرف بشكل جيد، أظهر تقديرك له قولا وفعلا، مثل: "أنا فخور بك لأنك تعاملت بلطف مع زميلك اليوم".

 

قم بمكافأته ماديًّا أو معنويًّا بما يتناسب مع جهوده.

 

٢- وضع حدود واضحة (Setting Boundaries):

 

حدد له قواعد واضحة ومفهومة حول السلوكيات المقبولة وغير المقبولة، وكن ثابتًا في تطبيق العواقب إذا تجاوز الحدود، فهذه تربية ولا بد منها.

 

3- تطبيق أسلوب "التأديب دون عقاب".. فبدلًا من العقاب البدني أو اللفظي، استخدم أسلوب الحديث البنّاء معه، على سبيل المثال: "ما شعرت به عندما أزعجت زميلك؟ هل تعتقد أن ذلك سيجعله يحترمك؟". وهنا أنت تواجهه بنفسه وتُنمي بداخله النفس اللوامة، عندما تشجعه على التفكير في عواقب أفعاله.

 

٤- التدريب على التعاطف.. وذلك يكون بمساعدته على فهم مشاعر الآخرين من خلال الأنشطة الحوارية.. فيمكن أن تسأله أسئلة، مثل: "كيف تشعر لو أن أحدهم فعل نفس الشيء معك؟". كذلك يمكنك أن تقوم بتمثيل مواقف معه تساعده على إدراك تأثير أفعاله على الآخرين.

 

٥- التعامل مع مشاعره (Emotion Regulation).. علّمه كيفية التعبير عن مشاعره بطريقة صحية من خلال الحوار أو الكتابة أو الرياضة.

 

٦- وأرجو ألا تغفل الأهم.. ألا وهو تعزيز الوازع الديني دائمًا؛ الأمر الذي يدعمه نفسيًّا وروحيًّا.

 

فيجب عليك دائما ألا تمل من نصحه وتذكيره بتعاليم دينه.. علّمه أن الإحسان للناس من أعظم الفضائل، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}.. ذكّره بحديث النبي ﷺ: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".. وشجعه دومًا على قراءة القرآن الكريم والصلاة، وبيّن له أن التقرب إلى الله يعين على تهذيب النفس.

 

- عوده أيضًا على التسامح والتوبة، بأن تعلمه أن الاعتذار عند الخطأ خلق كريم، وأخبره بقول النبي ﷺ: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون".

 

* ثم نأتي إليك أنت عزيزي الأب الحائر:

 

فلكي تتمكن من التعامل مع ابنك بقدر من الثبات الانفعالي وطرق تربوية سليمة، فلا بد أولا أن تهتم بنفسك وبصحتك النفسية وممارسة الرياضة وقضاء وقت خاص مع نفسك، ثم التواصل مع أصدقاء داعمين فذلك يمكن أن يساعدك على التخفيف من ضغوطك النفسية والعصبية.

 

▪ وهمسة أخيرة للأب الحائر وكل من يعاني مثله:

 

تذكّر أن تغيير السلوك يحتاج إلى وقت وصبر.. تعامل مع ابنك كداعم ومرشد وليس كخصم؛ ما سيجعله يشعر تدريجيًّا أن حبك واهتمامك هما الدافع الأساسي لتغيير تصرفاته.. ثم قد تحتاج دعمًا له بجلسات تعديل سلوك، مع استشارى نفسي تربوى.

 

أسأل الله تعالي أن يوفقك ويصلح حال ابنك.