ابنة أختي اليتيمة مُرهقة لجديها!!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : المراهقون
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 59
  • رقم الاستشارة : 2610
04/09/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا خالتها وأشعر بمسؤولية كبيرة تجاه ابنة أختي، لأنها يتيمة الأب منذ سنوات، وعمرها الآن 13 سنة. هي البنت الكبرى بين إخوتها، وتسكن مع أمها وإخوتها في بيت والدي – أي بيت جدها وجدتها.

المشكلة يا دكتورة أن هذه الطفلة صارت عنيدة جدًا، ترفع صوتها على الكبار أحيانًا، ولا تتقبل التوجيه بسهولة، بل تدخل في جدال مرهق مع أمها ومع جدها وجدتها. أسلوبها فيه جفاف وعصبية، وأحيانًا تتصرف بتصرفات مزعجة تجعل الجميع في البيت متوترين.

أنا أعلم أنها فقدت أباها وهذا مؤثر عليها كثيرًا، وأحاول أن أضع نفسي مكانها وأتفهم، لكن بصراحة تعبت ولا أعرف الطريقة الصحيحة للتعامل معها.

كيف نحتويها ونوجهها من غير أن نكسرها أو نزيد من عنادها؟ وكيف نتعامل معها كخالة وأم وجد وجدة في البيت حتى لا تخسر تربيتها وسط الضغوط والمشكلات؟

الإجابة 04/09/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

بوركتِ أيتها الخالة الفاضلة على غيرتك وحرصك على ابنة أختك؛ فالمسؤولية التربوية حين يتشارك فيها أكثر من فرد تصبح أيسر وأقوى أثرًا.

 

المراهقة المبكرة وطبيعتها

 

أولًا: يجب أن نضع في الاعتبار أن هذه الفتاة تمر بمرحلة المراهقة المبكرة (Early Adolescence)؛ وهي مرحلة طبيعية تتسم بالتغيرات الجسدية والانفعالية والمعرفية.

 

وفي ضوء علم النفس التربوي الأسري، تعد أبرز سماتها: الميل إلى الاستقلالية، الرغبة في إثبات الذات، المقاومة أحيانًا للتوجيه المباشر، وظهور بعض أنماط السلوك المعارض.

 

ما ترينه من عناد ورفع صوت ليس بالضرورة عدوانًا، بل قد يكون شكلًا من أشكال طلب الاعتراف بذاتها.

 

ثانيًا: الفتاة فقدت والدها، فهي تعيش صدمة الفقد التي تترك أثرًا عميقًا في الجانب الانفعالي. ومع كونها الكبرى، تُلقى على عاتقها مسؤوليات إضافية، فيزداد شعورها بالضغط والتوتر، مما يظهر في صورة سلوكيات صاخبة أو حادة.

 

ثالثًا: أوصيكِ ومعكِ الأم والجد والجدة أن تتعاملوا معها بمبدأ الحزم الحنون (Firm but Kind)؛ أي أن نضع قواعد واضحة، لكن مع دفء واحتواء، لا بالصوت المرتفع أو القسوة. قال رسول الله ﷺ: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه".

 

خطوات عملية للتعامل مع البنت

 

رابعًا: من الناحية العملية أوصي بما يلي:

 

1- الاحتواء العاطفي:

 

خصصي لها وقتًا للحوار الفردي، استمعي لها دون مقاطعة، وأظهري التعاطف مع مشاعرها.. فهذا يُعزز ما يسمى في التربية بـ Emotional Bonding أو الترابط العاطفي.

 

2- عليكم بتقدير دورها:

 

لأنها الكبرى وتشعر أنها مراقَبة دائمًا، امدحي ما تقوم به من أدوار إيجابية، وأخبريها أن صبرها وتحملها أجره عظيم عند الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

 

3- اعملوا على تعديل سلوكها:

 

حين ترفع صوتها، لا تقابلوها بصوت مرتفع، بل استخدموا أسلوب النموذج الهادئ؛ فالطفل يتعلم من المحاكاة. وأبلغوها أن الحوار لا يُستكمل إلا حين يهدأ الصوت.

 

4- كذلك ضرورة التدرج في المسؤوليات:

 

لا تُثقِلوها بمهام تفوق طاقتها، بل اجعلوا لها مهام تناسب عمرها، فهذا يحقق لها شعور Self-Efficacy  (الكفاءة الذاتية) دون إنهاك نفسي

 

5- ومن المهم جدًّا إشباع روحها الإيمانية وتعزيز الوازع الدينى داخلها:

 

قرِّبوها من الصلاة والقرآن والدعاء، واجعلوا لها مشاركة في أنشطة إيمانية أو اجتماعية تشعرها بالانتماء.

 

6- لا بد أيضا لها من دعم أسري مشترك:

 

فمن المهم أن تتوزع المسؤولية بين الأم والخالة والجد والجدة؛ فالتربية ليست عبئًا على طرف واحد، وإنما نظام أسري يقوم على التكامل والتوازن.

 

* همسة أخيرة:

 

أذكركم يا أختاه بقول الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، فصبرًا على تربية الأيتام فإن لكم بهم أجرا عظيم إن أحسنتم تربيتهم.

 

ويقول الشاعر أيضا:

 

وليسَ كالعِلْمِ شيءٌ أنتَ تدَّخِرُهُ ** يَصُونُكَ حَينَ يَفنى المَالُ وَالحَسَبُ

 

فكونوا لها مصدر علم وحكمة وصبر، فهي أمانة، وربما تكون بركة البيت إن أُحسن توجيهها.

الرابط المختصر :