Consultation Image

الإستشارة 28/02/2025

أنا إمام لمسجد في شهر رمضان وأؤم الناس في صلاة التراويح، وأريد نصائح تعينني على أداء هذه المهمة على أكمل وجه، بحيث أوفق بين إطالة الصلاة بخشوع دون مشقة على الناس، وأحقق تأثيرًا إيجابيًا في قلوب المصلين، وأجعل من صلاة التراويح محطة إيمانية متميزة لهم. فبماذا تنصحونني؟

الإجابة 28/02/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

 

فاعلم أخي الإمام بأنّ الله قد أكرمك بأن جعلك من الذين يحملون مسؤولية إمامة المسلمين في رمضان، وهذه نعمة عظيمة لكنها تكليف وليست مجرد تشريف. فإمامة التراويح ليست مجرد تلاوة آيات، بل هي تربية روحية وإصلاح للمصلين، تجمع بين جمال الأداء وخشوع القلب، وبين الاتباع للسنة ومراعاة أحوال الناس.

 

وإليك وإلى أئمّتنا الآتي:

 

أولًا: فهم طبيعة المهمة ودور الإمام في رمضان

 

- الإمام في التراويح هو قائد روحي للناس في شهر القرآن، ومهمته تتجاوز مجرد القراءة والصلاة، بل هو معلم وواعظ وموجه للأرواح.

 

- قال النبي ﷺ: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا"، وهذا يدل على أن الإمام قدوة في أقواله وأفعاله، وأن حسن أدائه ينعكس على خشوع المصلين.

 

ثانيًا: التوازن بين الخشوع وعدم المشقة

 

- اتباع السنة في الاعتدال، والنبي ﷺ قال: "من أمّ الناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والمريض وذا الحاجة"، والتراويح عبادة، وليست امتحانًا لتحمل المشقة؛ لذا اجعل القراءة متوسطة الطول تراعي أحوال الناس.

 

- عدم المبالغة في السرعة أو الإطالة: لا تكن سريعًا في القراءة بحيث تفقد الصلاة روحها، ولا تبالغ في الإطالة بحيث ترهق المصلين، ولا تنثره نثر الدقل، ولا تهذه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب.

 

- تيسير الصلاة على الناس: اجعل الركعات معتدلة الطول، فمن الناس كبار السن ومنهم العمال والمرضى، والأفضل أن يكون هناك تدرج في الطول، فتكون الركعات الأولى أطول، ثم تخفف في آخر الليل لمن تعب.

 

ثالثًا: حسن التلاوة والتأثير الروحي، ويتمثل ذلك في الآتي:

 

- القراءة بتدبر وخشوع، فحاول أن تتفاعل مع الآيات بروحانية، وأشعر المصلين بحلاوة القرآن: "زينوا القرآن بأصواتكم"، ولا تبالغ في التجويد المتكلف، بل اجعل الأداء سهلًا مؤثرًا.

 

- التنوع في القراءات والاختيار المناسب للآيات، فيمكن التنويع بين السور في الليالي المختلفة، واختيار آيات تؤثر في القلوب خاصة آيات الجنة والنار والمواعظ.

 

رابعًا: مراعاة أحوال المصلين والبيئة المحيطة

 

- مراعاة وجود الأطفال والنساء وكبار السنّ، فقد يحضر معك من لا يستطيع الوقوف طويلًا، فكن رحيمًا بهم، وبعض الأئمة لا يراعون ذلك فيطيلون إطالة شديدة، فيتسببون في فتور الناس عن الحضور.

 

- تنظيم الصفوف وتشجيع النظام، وتأكد أن الصفوف منتظمة، ووجِّه المصلين إلى سد الفجوات والتراصّ، مع التذكير بآداب الصلاة في المسجد، مثل عدم التشويش والحرص على النظافة.

 

خامسًا: دور الإمام في التوجيه والإرشاد

 

ومما يُنصح به أخي الإمام؛ حتى تحقق التوجيه الرشيد، ما يأتي:

 

- تحضير كلمات قصيرة بين الركعات، ويمكن أن تلقي خاطرة قصيرة مؤثرة قبل التراويح أو في وسطها، مثل تذكير بمعاني الآيات المقروءة، ولا تكن الخاطرة طويلة حتى لا يملّ الناس، بل اجعلها دقيقة أو دقيقتين.

 

- الاهتمام بالدعاء والقنوت؛ فالقنوت في الوتر فرصة عظيمة لدعاء جامع يشمل الدعاء للأمة والمصلين، وليكن الدعاء خاشعًا بعيدًا عن التكلف والتصنع.

 

- التفاعل مع المصلين بعد الصلاة، وكن قريبًا من المصلين، سلّم عليهم، واستقبل أسئلتهم واستفساراتهم، وشجّع الشباب والصغار على الحضور، وكن قدوة لهم في السلوك والأخلاق.

 

سادسًا: تجنب الأخطاء الشائعة، ومنها الآتي:

 

- التسرع في القراءة مما يجعل الصلاة شكلية بلا روح.

 

- التطويل الشديد بلا مراعاة للناس مما ينفرهم من الصلاة.

 

- المبالغة في الأداء الصوتي بطريقة متكلفة تفقد الصلاة خشوعها.

 

- إهمال أحوال المصلين وعدم مراعاة ضعفهم أو حاجتهم إلى تخفيف الصلاة أحيانًا.

 

وقفة دعوية مع الإمام بين المسؤولية والتأثير

 

- أخي الإمام، أنت في موقع عظيم، فاستحضر الإخلاص في عملك، واصدق في نيتك.

 

- واجعل صلاتك سببًا في هداية القلوب وربط الناس بالقرآن. قال رسول الله ﷺ: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (البخاري).

 

ونسأل الله أن يجعلك من الدعاة المهديين، وأن يكتب لك أجر كل من خشع وراءك وتأثر بتلاوتك، وأن يجعل هذا الشهر بابًا للخير والبركة لك ولأهل مسجدك.