الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : الأطفال
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
8 - رقم الاستشارة : 2048
23/05/2025
أنا أب رزقني الله بولد وبنت، يتعاركان مع بعضهما باستمرار في المنزل، رغم أنني أحرص على تعليمهما الدين والأخلاق، وأستخدم أساليب النصح والترغيب والترهيب لتهذيب سلوكهما. لكن بسبب غضبي الشديد منهما، ضربتهما ضربًا قاسيًا بعد محاولات عديدة ولم أتمكن من السيطرة على نفسي. أشعر بالذنب الآن وأريد أن أعرف كيف أتعامل معهما بشكل أفضل وأضبط نفسي في المرات القادمة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، وبعد:
فمما لا شك فيه أن التربية هي من أعظم المسؤوليات التي يتحملها الإنسان، خصوصًا في ظل البيئة التي يواجه فيها أولادنا تحديات كثيرة، سواء على مستوى العلاقات الشخصية أو على مستوى التأثيرات الخارجية من الإعلام والمجتمع. إن ما يحدث بين الأولاد من شجار لا يعد أمرًا غير طبيعي في مراحل معينة من نموهم، ولكن كيفية التعامل مع هذا الشجار هي التي تُحدّد شكل العلاقة الأسرية ومدى تأثيرها على سلوكهم في المستقبل.
وأما ما يتعلق بضرب الأولاد: الإسلام حثّ على الحلم والصبر مع الأبناء، وجاء عن النبي ﷺ أنه ما ضرب غلاما ولا امرأة ولا أمَة، وقد بيّن السلف الصالح أنّ الضرب ينبغي أن يكون في أقسى الحالات، بشرط أن يكون ضربًا غير مُؤذٍ، ويكون آخر وسيلة بعد استنفاد جميع أساليب التوجيه. وعليه، فإن أول خطوة عليك أن تتخذها هي الاعتذار لأولادك، هذا الاعتذار سيعلّمهم احترام المشاعر والتواضع، ويعزز العلاقة بينك وبينهم.
أما عن التعامل مع شجارهما فأنصحك بالآتي:
1) الاستماع إليهما فرديًّا: استمع لكل منهما على حدة، وحاول أن تفهم دوافع الشجار. فقد يكون الشجار ناتجًا عن غيرة أو رغبة في جذب الانتباه.
2) تعليمهم مهارات التعامل مع الاختلافات: علمهم كيف يتعاملون مع الخلافات بطريقة بنّاءة، من خلال الحوار والمشاركة بدلاً من العنف أو الشجار. يمكنك الاستفادة من القصص النبوية التي تتحدث عن كيفية التعامل مع النزاعات.
3) القدوة الحسنة: كن قدوة في الصبر والهدوء في التعامل مع الصراعات. فإذا رآك أولادك تتحكم في غضبك، سيتعلمون منك كيف يتحكمون في أنفسهم.
4) التوجيه بالحوار: بعد كل شجار، اجتمع بهما واجعل الحوار جزءًا من العلاج، حيث تشرح لهما مغبة التصرفات السلبية وتأثيرها على العلاقة بينهما، وتحثهما على التفاهم.
وعلى سبيل الإجمال أوصيك بالآتي:
1. احرص على التحكم في غضبك: اعلم أن الغضب يُفسِد العمل ويؤدي إلى نتائج عكسية. استخدم تقنيات تهدئة النفس كالتنفس العميق والجلوس لفترة.
2. وضع قواعد للأسرة: حدد قواعد أساسية بينك وبين أولادك فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الخلافات، مثل التحدث بهدوء أو اتخاذ فترة للهدوء قبل النقاش.
3. تعزيز الروح الأخوية: اجعل بينهما فرصًا للتعاون معًا، مثل عمل الأنشطة المشتركة التي تقوي الروابط بينهما.
وختامًا: فإنَّ التربية مسؤولية كبيرة، وفيها صعوبات عديدة، ولكن عليك أن تتذكر دائمًا أن الصبر والمثابرة هما السبيل لتحقيق النجاح في هذا الجانب. لا تيأس من التوجيه، فبداية الطريق هي الإصلاح الداخلي لك، ثم للأبناء.