الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الطلاق وتبعاته
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
14 - رقم الاستشارة : 3355
21/11/2025
أنا امرأة مطلقة بعد ظلم شديد، وأعيش في ضيق مادي ونفسي. في الفترة الأخيرة ظهر رجل يعرض عليّ الزواج، لكنه يشترط أن يكون زواجًا سريًّا بعقد عرفي، لا يعرف به أهلي ولا أولادي ولا أصدقائي، ويقول إنه سيحضر شاهدين من بلاد أخرى.
وأنا أخاف من الشبهات، وأخشى أن يظن الناس بي السوء، خصوصًا أن أهلي يراقبونني والجيران يلاحظون أي تغيير. قلت له: "لا أريد زواجًا سريًّا"، لكنه أجابني: "زوجتي ستعرف وقد تتركني مع الأولاد، وفي دولتنا تُخبر الزوجة بزواج زوجها، لذلك أغلب الرجال هنا يتزوجون عرفيًّا".
وأنا لم أفتح الموضوع مع أهلي، لأنني أعلم أنهم سيرفضون، ولم أحسم أمري بعد. الآن يزداد خوفي أكثر: إن رفضتُ عرضه، قد يطردني من عملي، وأنا في أمسّ الحاجة إلى هذا العمل لأعيل نفسي. فهل يجوز أن أقبل بهذا الزواج خوفاً من فقدان مصدر رزقي؟
أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك بوابة الاستشارات الإلكترونية.
أقدر ما تشعرين به من ضغوط وإحباطات متنوعة، وعلى الرغم من ذلك أقول لك قولاً واحدًا لا تقبلي بهذا الزواج (إن اعتبرت هذا زواجًا).
أختي الكريمة، الله سبحانه وتعالى هو الرزاق لا بد أن تؤمني إيمانًا يقينيًّا بذلك ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾، فإياك إياك أن يساورك القلق تجاه ذلك، إن رزقك مكتوب في السماء ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾.
أختي الغالية، هذا الرزق المقدر لكل إنسان بل ولكل دابة وكل طائر سيحصل عليه بل سيطارده مطاردة حتى يصيبه وفي الحديث: (ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته).. وزواج مشبوه لا يعرف عنه أهلك ولا أولادك شيئًا معصية لله الذي قال عن الزواج "ميثاقًا غليظًا" والنبي ﷺ يقول: (اعلنوا النكاح). لذلك لا تسعي للرزق بهذه المعاصي والشبهات.
بين التلاعب والابتزاز
أختي الكريمة، هذا الرجل يتلاعب بك، هو يريد زواجًا غير موثق حتى لا تعلم زوجته، وهو أمر عليه ملاحظات كثيرة تخص ضمانات حقوقك، لكن لماذا السرية حتى عن الدائرة القريبة جدًّا عائلتك وأولادك؟
كيف يطلب منك الزواج دون ولي؟ ألم يفكر فيك لحظة وهو يطلب منك هذه العلاقة السرية؟
ماذا لو اكتشف أهلك هذه العلاقة؟ ماذا لو شكّوا في سلوكياتك؟
ألم يفكر لحظة في سمعتك وصورتك وسط عائلتك وجيرانك؟
والإجابة بلا رتوش: لا يا أختي هو لم يفكر في ذلك أبدًا.. لم يشغل باله بك.. لم يفكر إلا في مصلحته ورغباته.. هذا الرجل يتلاعب بك ولا يمنحك أي قيمة.
أما الأسوأ من التلاعب فهو الابتزاز، فإذا كان المتلاعب يحاول خداعك فإن المبتز يرهبك ويهددك كأن يضع استمرارك في عملك مقابل هذه العلاقة المزيفة مجهولة الهوية.. رجل مثل هذا لا يؤتمن على العرض وقد يستغلك بصور لا تخطر على بالك أصلا فتنبهي.
ما العمل؟
أختي الكريمة، ارفضي هذا العرض رفضًا قاطعًا ولا تتركي بابك غير محكم الغلق.. أنت أكرم من هذا.. أنت الذي كرمك رب العالمين كيف تحطين من هامتك وهامة أهلك هكذا.
أريد أن أسألك سؤالاً: هل لو كنت فتاة بكرًا هل كان سيعرض عليك هذا الرجل هذا العرض؟ ولو عرضه هل كنت لتقبلين به وبعبارة أكثر دقة هل كنت ستفكرين مجرد التفكير فيه؟
طلاقك يا أختي لا يقلل منك أبدًا لا بد أن تؤمني إيمانًا لا شك في ذلك، فمعيار التفاضل بين النساء بالتقوى لا بالبكارة ﴿عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾.. في ضوء هذه الرؤية ستتحركين في حياتك.
* مرة أخرى ارفضي هذا العرض بكلمات قاطعة ودون تلعثم.
* إن هددك بترك العمل بشكل صريح فاتركيه دون تردد والجئي لله عز وجل استغيثي به وقولي ﴿ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين﴾.. ادعي الله دعاء المضطر.. دعاء البحارة عندما يشتد عليهم الريح وأبشري بالفرج العاجل ولعلك تكتبين لنا وقتها تشاركينا البشرى.
* إن هددك بشكل غير مباشر فابدئي من اللحظة البحث عن عمل آخر فتأخذي زمام المبادرة.
* الحديث معه يكون بمنتهى الجدية ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾.
* إذا لم تجدي عملاً وظل يطاردك فاتركي العمل واصبري وتحملي التقشف في المعيشة في بيت أهلك حتى يرزقك الله وكثفي الدعاء.
* احرصي على قراءة القرآن الكريم حتى يزول ما بك من ضيق مادي ونفسي ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾.
* ادعي دائما بهذا الدعاء قبل قراءة القرآن أو بعده (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أَمتك ناصيتي بيدك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله به فرحا)، وانتظري ذهاب الهم والغم وعودة الفرح والسعادة لحياتك.
* في طريقك.. في فراغك.. وأنت تقومين بعمل البيت أكثري من الاستغفار والصلاة على النبي ﷺ بنية قضاء الحاجة.
أختي الفاضلة، اثبتي واصبري إنما النصر صبر ساعة فتحملي وأري الله من نفسك خيرًا وأبشري بالفرج.. يسر الله أمورك كلها وفرّج ما بك من هم عاجلاً غير آجل، وتابعيني بأخبارك دائمًا.
روابط ذات صلة: