Consultation Image

الإستشارة 29/04/2025

أنا شاب طموح أرغب في العمل في مجال الدعوة وأصاحب أهل الدعوة، لكن والدي يخاف عليّ بسبب ما يشهده في الآونة الأخيرة من ظلم يقع على بعض الدعاة المؤثرين من تضييق وأذى يلاحقهم، ويتمنى أن أبتعد عن هذا الطريق حفاظًا على سلامتي. أريد أن أوازن بين رغبتي في الدعوة واحترام رغبة والدي، فما العمل؟ وكيف أتعامل مع هذه المخاوف؟

الإجابة 29/04/2025

أخي الكريم، أولا، نسأل الله لك التوفيق في مسعاك وأن يُسدد خطاك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى. إن شعور والدك تجاهك ينبع من حبه لك وخوفه على مستقبلك، وهو شعور لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه. ولكن في ذات الوقت، فإن الدعوة إلى الله عمل عظيم، وكما ورد في القرآن الكريم: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.. فالدعوة إلى الله طريق محفوف بالمصاعب، ولكن الأجر عظيم، خاصة عندما يخلص العبد في نيته.

 

وفي هذا السياق، يمكنني أن أقدم لك بعض النقاط التي قد تساعدك في التعامل مع هذه المسألة:

 

1. التوكل على الله: في البداية، ينبغي أن تتذكر دائمًا أن الله هو الحافظ والمستجيب، وأن ما قد يحدث لك هو بأمر الله، وأنه سبحانه أرحم بك من نفسك ومن والدك. لذلك، عليك أن تتوكل عليه وتعلم أن الدعوة إلى الله لا تأتي إلا مع الابتلاء والاختبار، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين.

 

2. احترام رغبة الوالد: طاعة الوالدين هي فرض على المسلم، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى ذلك في القرآن الكريم في قوله: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا، أنت في موضع ممتاز إذا استطعت أن توازن بين رغبتك في الدعوة وبين احترام والدك واطمئنان قلبه عليك، فلا بد أن تطمئن والدك بحذر، وأن تظهر له أنك تأخذ الأمور بجدية وحرص على سلامتك، كما يمكنك شرح طريقتك في الدعوة بأنك ستظل بعيدًا عن أية مخاطر قد تثير قلقه.

 

3. القيام بالدعوة بطريقة حكيمة: ربما يمكنك أن تضع خطة لدعوتك تكون سلمية وتدريجية، تبدأ في الأماكن الآمنة والمناسبة التي لا تشكل خطرًا عليك أو على غيرك. يمكن أن تكون البداية عبر الإنترنت أو من خلال الأنشطة الدعوية الخيرية التي لا تثير التوتر أو الانزعاج.

 

4. الصبر والثبات: إذا كنت فعلاً تريد دعوة الناس إلى الحق، فاعلم أن هذا الطريق لا يخلو من الصعاب. الصبر والثبات على الطريق هما سبيلك للنجاح. كما قال رسول الله ﷺ: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"، تأكد أن ما تفعله هو رسالة عظيمة تستحق أن تصبر من أجلها.

 

وإليك بعض الوصايا العملية اسمح لي بتقديمها لك ولغيرك:

 

1. التواصل مع والدك: حاول أن تتواصل مع والدك وتبين له مدى أهمية الدعوة في حياتك، وأنك تأخذ جميع الاحتياطات الممكنة.

 

2. استشارة أهل العلم: إذا كنت لا تجد نفسك متأكدًا من كيفية القيام بالدعوة بشكل آمن، استشر أهل العلم الذين يمكنهم توجيهك وتحذيرك من أي خطوات قد تعرضك للخطر.

 

3. التحلي بالصبر: الدعوة تحتاج إلى صبر وهدوء. حاول أن تلتزم بالأساليب التي تؤتي ثمارها دون تهور أو استعجال.

 

4. إدارة المخاطر بحذر: إذا كنت تعلم أن هناك مخاطر من العمل الدعوي في محيطك، فابحث عن طرق يمكن أن تقلل من هذه المخاطر، مثل العمل الجماعي مع أصحاب الثقة.

 

وختامًا:

 

أخي الكريم، إنَّ الدعوة إلى الله شرف عظيم، ولكنها تحتاج إلى توازن بين الفهم الصحيح والدعوة الحكيمة. عليك أن تثبت في طريقك وأن تراعي الظروف، ولكن لا تتوقف عن السعي في سبيل الله، وتذكر دائمًا أن الله هو الحافظ وهو الذي يختبر عباده بما يليق. حفظك الله ورعاك ووفقك لما يحب ويرضى.

الرابط المختصر :