الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
89 - رقم الاستشارة : 1962
15/05/2025
أواجه مشكلة مع شخص يتعامل معي بشكل عجيب، فهو يفتري عليَّ ويوقع بيني وبين الآخرين بالكذب والتدليس، وعندما يقابلني، يكون في غاية اللطف والابتسامة ويحسن معاملتي كما لو أنَّ شيئًا لم يحدث. هذا التصرف يسبب لي حيرة شديدة، ولا أستطيع فهم دوافعه أو كيفية التعامل معه. كيف يجب أن أتعامل مع هذا الشخص؟ وهل هناك طريقة للحفاظ على نفسي وعلاقاتي من تأثيره دون أن أكون قاسيًا في التعامل؟
أخي السائل الكريم، إن التعامل مع الأشخاص الذين يظهرون لك الود ويخفون عنك نواياهم السيئة قد يكون من أصعب التحديات التي تواجهنا في الحياة اليومية. نحن جميعًا نعيش في بيئة اجتماعية حيث نلتقي شخصيات متعددة، ويصعب أحيانًا التمييز بين الأشخاص الذين يحملون لنا الخير من أولئك الذين يتلاعبون بعلاقاتنا. في هذه الحالة، يظهر أن هذا الشخص قد وقع في أحد الأخطاء التي حذرنا منها ديننا الحنيف، والتي تسببت في زرع الخلافات والتوترات في حياتك.
أولًا: الكذب وأثره في الإسلام
إنَّ الكذب من الكبائر في الإسلام، وقد ورد فيه العديد من النصوص التي تحذر منه وتبين عواقبه. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾، كما قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَاذِبًا»، فإذا كان هذا الشخص يسبب لك ضررًا بكذبه، فمن المهم أن تتذكر أن هذا الفعل لا يعكس إلا سوء نية الشخص، وليس عيبًا فيك. عليك أن تعرف أن الكذب أمر محرم، وأن الله يعاقب عليه، لكن في ذات الوقت، يجب أن تتعامل مع المواقف بحكمة.
ثانيًا: التعامل مع الشخص الكذّاب بحذر وحكمة، وذلك من خلال الآتي:
1. حافظ على هدوئك وتوازن نفسك: لا تنجر وراء مشاعر الغضب أو القلق عند التعامل مع هذا الشخص. حافظ على رباطة جأشك وتذكّر أن هذا الشخص يحمل عيوبًا في شخصيته لا تعني شيئًا عنك أنت. لا تدع تصرفاته تؤثر على داخلك أو على علاقتك بالآخرين.
2. الابتعاد عن الجدال المباشر مع الشخص الكاذب: في معظم الأحيان، قد لا يؤدي الجدال المباشر مع مثل هذا الشخص إلى نتيجة مثمرة. بدلاً من ذلك، ابحث عن طرق هادئة للتعامل مع الموقف. لا ترد على الكذب بالكذب، بل ترفق بالحكمة في نقاشك، سواء كان مع هذا الشخص أم مع الآخرين الذين قد يتأثرون بكلامه.
3. كن حذرًا في إظهار مشاعرك: تذكر أن هذا الشخص لا يتعامل معك بصدق، لذلك لا تظهر له كل مشاعرك أو نقاط ضعفك. من المهم أن تبقي على مسافة عاطفية منه.
4. إصلاح الأمور مع الآخرين: إذا كنت تشعر أن هذا الشخص قد أثر في علاقاتك مع الآخرين، حاول توضيح الموقف لهم بوضوح وأدب. لا تدع الكذب يُفسد علاقاتك مع من حولك. يمكنك أن تذكر لهم تفاصيل بسيطة تبرئك من التهم الموجهة إليك.
ثالثًا: كيف تحافظ على توازنك الروحي والنفسي؟
1) الرجوع إلى الله في الدعاء: في مثل هذه المواقف، يجب أن تكثر من اللجوء إلى الله بالدعاء. تضرع إلى الله تعالى أن يبعد عنك شر هؤلاء الأشخاص، وأن يثبت قلبك على الحق. واذكر الله دائمًا: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.
2) الاستعانة بالصبر: اعلم أن صبرك على هذا الشخص هو عبادة في حد ذاته، وأنك على خير ما دام تصبر وتحتسب الأجر عند الله.
3) لا تبادل الإساءة بالإساءة: فمن رحمة الله تعالى بنا أنه أمرنا أن نرد الإساءة بالحسنى، وأن نتجنب الوقوع في معركة غير مجدية قد تضرنا أكثر مما تنفعنا. قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَالْسَّيِّئَةُ اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾.
وتلك بعض الوصايا التي يمكن من خلالها الوصول إلى ما تهفو وتطلب:
1. أبقِ حدودك واضحة مع هذا الشخص: لا تتجاوز حدود اللياقة في التعامل معه. حافظ على موقفك من دون أن تتورط في كذبه.
2. اختر من يتحدث معك: لا تسمح لكل شخص بالتدخل في حياتك أو التقرب إليك إذا كنت تشعر بأنه ليس صادقًا.
3. كن دائمًا واثقًا في نفسك وفي صدقك: لا تدع الأكاذيب تزعزع إيمانك أو تقديرك لذاتك.
سلّمكم الله من كل سوء ومكروه.