الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
150 - رقم الاستشارة : 1118
25/02/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. زوجي يستمع للغناء والموسيقى، وكذلك اكتشفت أنه يشاهد المواقع الإباحية على النت، فكيف أتصرف معه؟ وهل أواجهه مع العلم أنه يدعي التقوى، ويقول لي: لا تنظري إلى التلفاز أو حتى إلى البرامج الهادفة. مع العلم أنه يصلي، وملتزم ظاهريا، ولا أدري ماذا أفعل معه وكيف أتصرف. وهو عصبي جدا معي ومع والدته، وعند الغضب يتفوه بكلمات لا تروق لي، وعندما أعاتبه يقول: لقد كنت غضبانا.
أختي الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بك، وشكر الله لك حرصك على أن يكون زوجك من الطائعين لله -عز وجل- البعيدين عن معصيته، وبعد...
فليس المصلون ولا الملتزمون ظاهريًّا بالملائكة الذين لا يخطئون، وليسوا أبدًا معصومين ومنزهين عن الوقوع في المعاصي؛ فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، كما قال صلى الله عليه وسلم. وقد كان في الجيل الأطهر والأعظم والمزكَّى من الله ورسوله –وهم جيل الصحابة– عصاة ارتكبوا كبائر وصغائر بحكم بشريتهم، فلماذا نفترض في الناس اليوم أن يكونوا ملائكة، وأن يكونوا أفضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
هذا مفهوم يجب أن ندركه أولًا حينما نتعرض لمثل هذه المشكلات، وليس معنى هذا أننا نقر الناس –ومنهم زوجك– على أخطائهم ومعاصيهم، حاشا لله، ولكن الهدف هو أن نستوعب تلك الأخطاء والمعاصي ونضعها في حجمها الصحيح، ولا تسبب لنا إزعاجًا يلهينا عن علاجها وتصحيحها، وندرك أنه ليس هناك الآن معصومون على وجه الأرض، مهما كانوا؛ فالفتنة أختي الكريمة لا تؤمَن على حي، نسأل الله العفو والعافية.
أما بالنسبة لما تأخذينه على زوجك، فتعالي نتكلم في كل شكوى ذكرتِها على حدة:
بالنسبة لاستماعه للموسيقى والغناء، فلا أدري أي نوع من الغناء أو الموسيقى يستمع إليها زوجك، فالمسألة فيها تفصيل لدى الفقهاء، ولا يجوز أن نحكم على أمر كهذا بإطلاق، ونشعل الخلاف حول أمر مختلف فيه. ولست هنا في مقام الإفتاء، ولكني أود أن أذكرك أن الأمر فيه خلاف يجب أن نستوعبه، فانظري إلى ما يستمع إليه زوجك، فإن كان من قبيل ما أباحه بعض الفقهاء بشروطهم، فيجب عليك ألا تنكري عليه في ذلك، ولكن يمكنك أن تنصحيه بعدم الإكثار منه؛ لأن الإكثار من المباحات يجر إلى الحرام أحيانًا، ويلهي عن الواجبات.
أما إن كان ما يستمع إليه من قبيل الغناء المحرَّم، فيجب عليك في هذه الحالة أن تنكري عليه ذلك، ولكن باتباع وسائل دعوية تحقق الهدف ولا تخلق هوة بينكما وتتسبب في مشكلات عائلية، ولا تجعله يزداد عنادًا وإصرارًا. فبعض الرجال يترفعون وتأخذهم العزة بالإثم تكبرًا وعنادًا إن جاءتهم النصيحة والنهي والإنكار بشكل مباشر من زوجاتهم، ولا ينجع معهم إلا طرق أخرى، سأحدثك عنها بعد قليل.
أما بالنسبة لمشاهدته للمواقع الإباحية، فلا يختلف اثنان على حرمة ذلك بالطبع، فهو أمر مستقبح عقلًا وشرعًا، وعواقبه وخيمة على الفرد والأسرة والمجتمع.
أما عن الوسائل التي يمكنك اتباعها مع زوجك ليقلع عن سماعه للغناء المحرم ومشاهدته للمواقع الإباحية، فأنصحك بالآتي:
1- إياك والنهي المباشر، وإشعار زوجك بأنه يتلقى منك تعليمات أو أوامر، واحذري من نظرات الاتهام والاحتقار، وخصوصًا أنك قد ذكرت أن زوجك عصبي وينفعل بسرعة.
2- ابحثي عن الأسباب التي تدعوه لتلك الأفعال، فقد يكون من ضمن أسبابه إهمالك لاحتياجاته النفسية والبدنية، فيبحث عن إرواء لها من خلال تلك القبائح، فتفقدي أحوالك واهتمامك بهيئتك وملابسك وزينتك ونظافتك الشخصية وتلبية احتياجاته العاطفية والبدنية، مع الحرص على التجديد والابتكار في كل ذلك، وكما يقول المصريون: «املئي عينيه» حتى لا ينظر لغيرك، وكل لبيب (ولبيبة) بالإشارة يفهم.
3- إياك أن تشعريه بالمراقبة والتجسس عليه، وكذلك لا داعي من التلميحات والهمز بالكلام، فهذا سيؤدي به إلى العناد، وإياك أيضًا أن تفضحيه بين أقاربه أو أصدقائه بدعوى أن ينصحوه أو يساعدوك في إصلاحه، بل استري عليه زلته وهفوته وأقيلي عثرته، وتأكدي أنه سيحفظ لك ذلك الفعل، ولو قمت بالعكس سيخلق هذا شرخًا كبيرا في علاقتكما، وسيجعله يفقد الثقة بك كأمينة على أسراره.
4- اعلمي أختي أن زوجك لا ينقصه العلم بحرمة ما يفعل، بدليل أنه ينهاكم عنه، ولكن ما يحتاجه زوجك حقيقة هو رفع منسوب الإيمان لديه، وهذا سيتأتى عن طريق دعوته بحب ليشاركك في أنشطة إيمانية، كصلاة ركعتين معًا في جوف الليل، والاجتماع على تلاوة شيء من القرآن بصفة دورية، أو الصيام والإفطار معًا. وقولي له إنك أنت التي تشعرين بحاجتك لهذا، وأنك تتمنين منه أن يساعدك.
5- احرصي على تشجيعه للقيام بأعمال أو هوايات مفيدة تشغل وقته، على أن تكون مفضَّلة له، ولا تمثل بالنسبة له عبئًا أو واجبًا إضافيًّا.
6- لا تهملي سلاح الدعاء، فهو أمضى سلاح، وأنجع دواء، فتوجهي إلى ربك -سبحانه- بالدعاء الحار أن يهدي زوجك ويعصمه من هذه الفواحش.
أعلم أن المهمة شاقة، لكن الثواب المترتب عليها من قبل الله -عز وجل- يستحق هذه المشقة وهذا التعب، وتذكري وعد الحبيب صلى الله عليه وسلم: «فوالله لأنْ يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من أن يكون لك حُمر النعم» [رواه البخاري]، وزوجك أحق الناس بأن تسعي لهدايته. وفقك الله أختي، وأصلح لك زوجك، وتابعينا بأخبارك.