Consultation Image

الإستشارة 09/04/2025

أنا شاب جامعي، أحرص على طاعة الله، وأحب الالتزام بديني، وأجد راحتي في القرب من الله. لكن قلبي تعلّق بفتاة ذات خلق حسن، طيبة القلب، غير أنها لا ترتدي الحجاب. وأنا في حيرة من أمري، هل أستمر في علاقتي بها وأتقدم لخطبتها، لعل الله يهديها على يدي؟ أم أن عدم التزامها بالحجاب سيؤثر على حياتي الدينية ويجعلني في صراع مستمر بين عاطفتي وديني؟ أخشى أن أكون أعيش وهمًا وأُمنّي نفسي بأمل قد لا يتحقق. أرشدوني بارك الله فيكم، فأنا أريد أن أتخذ قراري بما يرضي الله.

الإجابة 09/04/2025

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فمرحبًا بك أيها الشاب الكريم، وأسأل الله أن يرزقك الحكمة في اتخاذ القرار الصائب، وأن يهدي قلبك لما فيه الخير لدينك ودنياك، وإليك الآتي:

 

أولًا: الزواج.. شراكة حياة لا عاطفة لحظية

 

فالزواج ليس مجرد ارتباط عاطفي، بل هو ميثاق غليظ كما وصفه الله تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}، وهو شراكة في الحياة تقوم على المودة والرحمة، لكن الأهم من ذلك: القيم المشتركة والثوابت الدينية التي تضمن استقرار العلاقة.

 

ثانيًا: معيار اختيار الزوجة الصالحة

 

إن النبي ﷺ بيّن لنا الأساس الصحيح لاختيار الزوجة، فقال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" (متفق عليه)، وهذا لا يعني أن كل امرأة غير محجبة ليست ذات دين، ولكن الحجاب من مظاهر الالتزام الظاهرة التي تعكس استجابة المرأة لأوامر الله. فهل من السهل عليك أن تعيش مع زوجة قد تكون طيبة القلب، لكنها لا ترى الحجاب جزءًا من طاعة الله؟

 

ثالثًا: هل تتغير بعد الزواج؟

 

البعض يقول: "سأتزوجها وأحاول أن أقنعها بالحجاب"، ولكن تأمل معي هذه النقاط:

 

1) لا ضمان في تغيير شخص بعد الزواج، وما هي إلا أسباب، وكثيرون دخلوا هذا التحدي، وفشلوا في إحداث التغيير. بعض النساء لا يقتنعن بالحجاب بسهولة، وإذا لم يكن الدافع نابعًا من قناعتها الشخصية، فقد يكون الأمر صعبًا.

 

2) قد يؤدي إلى صراع دائم: إذا كنت تحب الالتزام، فربما تجد نفسك بعد الزواج في دوامة من الخلافات، بين رغبتك في أن تكون زوجتك ملتزمة بالحجاب، وبين رفضها أو تأجيلها لهذا الأمر.

 

3) التغيير إن حصل، فليكن قبل الزواج وليس بعده: فإذا كنت ترى أن الفتاة فيها خير، فحاول برفق أن تدعوها للتأمل في أمر الحجاب قبل الزواج، فإن استجابت عن قناعة، فبها ونعمت، وإن لم تستجب، فالأمر بيدك.

 

رابعًا: هل عدم ارتدائها الحجاب مانع من الزواج؟

 

إنّ الأمر يعتمد على رؤيتك لمدى تأثير ذلك على دينك، ومدى استعدادها للاستجابة لأوامر الله. الزواج علاقة طويلة الأمد، وقد يكون الزوج هو سبب هداية زوجته، ولكن ينبغي ألا يكون هذا هو الرهان الوحيد.

 

خامسًا: نصائح عملية لاتخاذ القرار

 

1) استخِر الله بصدق: ولا تتسرع في القرار، وادعُ الله أن يريك الحق ويشرح صدرك لما فيه الخير.

 

2) حاورها في مسألة الحجاب قبل اتخاذ القرار: اسألها عن رأيها في الحجاب، ولماذا لا ترتديه؟ هل تراه أمرًا يمكن تغييره؟ هذا سيعطيك مؤشرًا على المستقبل.

 

3) استشر من تثق بدينه وحكمته: لا تعتمد فقط على مشاعرك، بل استعن بمن لديهم تجربة ونظرة ثاقبة للأمور.

 

4) لا تتجاهل قناعاتك الدينية؛ فدينك هو أساس حياتك، فلا تتخذ قرارًا يجعلك في صراع دائم بين قناعتك الشرعية وحياتك الزوجية.

 

والخلاصة:

 

أنّ الحب وحده لا يكفي لنجاح الزواج، بل لا بد من الانسجام الديني والقيمي بين الزوجين. فإذا كنت ترى أنها قريبة من التزامها بالحجاب ويمكن أن تقتنع به برفق، فالأمر فيه سعة. أما إذا شعرت أنها غير مقتنعة، فالأفضل أن تبحث عن زوجة تعينك على دينك، ولا ترهن حياتك على احتمال التغيير الذي قد لا يأتي أبداً، وأسأل الله أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك في الدنيا وتعينك على الآخرة.

الرابط المختصر :