قطع الطريق على مساعدات غزة بين الحرابة والردة

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
  • القسم : السياسة الشرعية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 455
  • رقم الاستشارة : 2225
30/07/2025

هل يعتبر سرقة المساعدات التي تذهب إلى غزة من قطاع الطرق هل يعتبر ذلك جريمة حرابة وهل تطبق فيها حد الحرابة؟

الإجابة 30/07/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالذين يسرقون الإعانات والمساعدات التي تذهب إلى أهل غزة ليسوا سراقًا، بل هم محاربون تطبق عليهم عقوبة الحرابة، وإن كان فعلهم هذا بتنسيق مع أعداء الله فهذه ردة وخيانة تطبق عليهم حد الردة والخيانة.

 

وقد عرف الفقهاء السرقة بأنها أخذ مال الغير الذي يبلغ النصاب خفية من حرز مثله بقصد التملك، فالشرط الأساس في السرقة هو الأخذ خفية.

 

والسرقة عقوبتها قطع اليد اليمنى من مفصل الكف أولاً، فإن عاد فقطع القدم اليسرى من مفصل العقب، وإن عاد ثالثة فمحل خلاف بين الفقهاء فمنهم من يرى قطع اليد اليسرى ثم القدم اليمنى ومنهم من يرى حبسه تعزيرًا حتى يتوب أو يموت.

 

يقول الله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38].

 

أما الحرابة: فهي الخروج على الناس في الطرقات بقصد أخذ المال أو إزهاق النفس أو انتهاك العرض، باستخدام القوة أو التهديد، بما يُحدث الفزع العام ويقطع الأمن.

 

وبتطبيق هذا التعريف على ما يفعله تجار الحروب في غزة الذين يأخذون المساعدات قهرًا ثم يبيعونها بأسعار باهظة لا يقدر عليه الناس، فإن كان الدافع وراء ذلك هو الطمع والجشع والاستيلاء على الأموال فهي حرابة، أما إن كانوا يفعلون هذا بالتنسيق مع الصهاينة وتغليبًا لمصلحة المحتل حتى يموت الناس جوعًا ويضطروا إلى ترك أوطانهم والاستسلام للعدو فهذه ردة وخيانة تستوجب القتل.

 

ولقد جاءت عقوبة الحرابة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33].

 

وروى البخاري ومسلم بسندهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "قدم على النبي ﷺ نفرٌ من عُكل أو عُرينة، فاجتووا المدينة، فأمر لهم رسول الله ﷺ بلقاح وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلقوا، فلما صحّوا قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا الإبل، فبعث في آثارهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا".

 

وقد اختلف الفقهاء حول عقوبة حد الحرابة هل هي للتخيير أو الترتيب، والراجح أنها للترتيب فإذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإن قَتلوا قُتلوا، وإن أخذوا المال قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، أي تقطع اليد اليمنى مع القدم اليسرى مرة واحدة، وإن أخافوا السبيل حبسوا.

 

والخلاصة أن من يقطعون الطريق أمام المساعدات لا يخرجون عن حكم المحاربين، أو الخونة المرتدين، ونسأل الله أن يعيذنا وإخواننا منهم.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

الرابط المختصر :