Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
  • القسم : أركان الإيمان
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 363
  • رقم الاستشارة : 2090
14/06/2025

ما هو علم الكلام وما حكمه؟ وهل صحيح أن السلف قد ذموه؟

الإجابة 14/06/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فعلم الكلام هو علم إقامة الأدلة العقلية على صحة العقائد الإيمانية، وهو بهذا المعنى لا ذم فيه ألبتة، بل كان أمرًا امتلأ به كتاب ربنا، وسنة نبينا ﷺ، فقد عرّف علماء الكلام ذلك العلم بأنه: علم يُقْتَدر به على إثبات العقائد الدينية مُكْتَسَب من أدلتها اليقينية.

 

ولا مانع من دراسة هذه العلم في الجامعات والمعاهد المتخصصة، بعد تطويره وتنقيته من المباحث التي لا حاجة لها في هذا العصر.

 

وكثير من العوام وغير المتخصصين لا يحتاجون إليه في صورته القديمة، وما جاء في القرآن الكريم وتفسيره والسنة المطهرة وشروحها يكفي المسلم للتعرف على أصول العقيدة.

 

وعلم الكلام ما دام مرتبطًا بالقرآن الكريم والسنة المطهرة فلا يعاب ولا يذم، أما إذا كان قائما على الجدل وحده والاعتماد على الأدلة العقلية وحدها حتى لو خالفت القرآن والسنة فهو مذموم.

 

ويمكننا فهم أقوال السلف الذين ذموا علم الكلم على هذا الأساس فهو يخاطب العقل وحده، ويعتمد على الجدال والمناظرة التي تجعل القلوب قاسية، والإسلام كما يخاطب العقل يخاطب الروح والنفس والوجدان؛ فالتوازن بين هذه الأمور هو الأساس.

 

يقول الشيخ القرضاوي – رحمه الله – في كتابه فقه الأولويات:

 

ما زال "علم الكلام" يدرس على الطريقة القديمة نفسها، وهو في حاجة إلى أن يتجدد ليتحدث بلغة القرآن التي تخاطب الفطرة، وتخاطب العقل والقلب معًا، وليس بأسلوب الفلسفة اليونانية، وقد ألَّف الإمام ابن الوزير كتابه القيم "ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان". انتهى كلام الشيخ.

 

وقد استعمل القرآن الكريم والسنة المطهرة الأدلة العقلية بحيث يفهمها العامة والخاصة، ونكتفي بذكر ثلاثة أمثلة هنا للتأمل والتفكر من القرآن الكريم وقد أتت متتالية في سورة البقرة تخاطب العقل والقلب والوجدان وكل جزء في جسم الإنسان، وهي قوله تعالى:

 

1- ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ المُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 258].

 

2- ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 259].

 

3- ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: 260].

 

فلو اعتمد علم الكلام على طريقة القرآن الكريم والسنة المطهرة في عرض الإيمان بالله والتوحيد لكان فيه الخير الكثير.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :