Consultation Image

الإستشارة 06/04/2025

أنا في منتصف العشرينيات تزوجت بعد طلاقي الأول برجل أقل بكثير من طليقي من حيث التعليم والثقافة والشكل والسلوك وإن كان أكثر ثراء ولديه ممتلكات.. مطلق هو الآخر وليس لديه أطفال بينما أنا لدي طفل اشترط عليّ أن أتركه في حضانة والدتي ولا يأتي لبيتي وإنما أذهب أنا إليه وقت ما أريد..

ووافقت وتم الزواج وسرنا على اتفاقنا حتى أنجبت طفلي الثاني فجاءت أمي وأقامت لدي بضع أيام حتى تساعدني في فترة النفاس حتى أسترد صحتي وطبعا اصطحبت معها طفلي الأول الذي هو في حضانتها..

في البداية صمت زوجي وإن كنت أشعر به منزعج وذات يوم دخل ووجد طفلي الأول يحتضن أخيه ويقبله فثار ثورة عظيمة متهم الطفل إنه يريد إيذاء الوليد، وكان مما قاله إنه قال إن هذا الولد لا يدخل بيته (ابني نسخه من أبيه في الشكل وهو يغار جدًّا من أبيه)  فقالت له أمي أنا من أحضرته معي فقال لها إذن أنت أيضا غير مرحب بك في هذا البيت.

طردها هي وابني، وأقسمت أمي ألا تدخل بيتي مرة ثانية وقالت لي بيت أبوك مفتوح وألمحت لي إنه رجل لا يطاق وإنها في صفي إن طلبت الطلاق وانا لا اريد الطلاق للمرة الثانية رغم اني لست سعيدة مع هذا الرجل الفظ.

نسيت اقول لكم أن سبب طلاقي من زوجي الأول هو حماتي وتدخلها في حياتي وسلبية زوجي معها.. أما زوجي الثاني فلقد وفر لي سكنا مستقلا وأمه لا تتدخل في حياتي وأنا حزينة جدا لما حدث لأمي وابني ولست أدري ماذا أفعل.. هل من نصيحة؟

الإجابة 06/04/2025

أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك -ابنتي الحبيبة- على البوابة الإلكترونية للاستشارات الخاصة بمجلة المجتمع.. حبيبتي ما قالته لك أمك كان مجرد رد فعل للموقف ولا تقصده حقيقة ولا تطالبك به، فهي بالتأكيد حريصة على استقرارك واستقرار أسرتك، فلا تجعلي ما قالته لك من كلمات مؤرقًا لك.

 

أعلم أن الموقف الأخير كان مؤذيًا لأقصى حد.. لكنه حدث بالفعل ولا بد أن نتعامل معه بهدوء وذكاء حتى لا نشعر بالندم على أخذ قرارات عاطفية عنيفة كرد فعل سريع للموقف؛ لذلك نحن بحاجة لتحليل عميق لما حدث حتى يمكننا الفهم، ومن ثم نستطيع أخذ قرار صحيح.

 

صفحة مطوية

 

ابنتي الحبيبة، قبل أن نغوص في تفاصيل الموقف الذي حكيته أريد أن أسجل لك ملاحظة استوقفتني وربما تمنحنا إضاءات لما يحدث معك.

 

الحقيقة أنني لاحظت أنك تكثرين من الحديث عن طليقك السابق خاصة في سياق المقارنة مع زوجك الحالي، وأعتقد أن زوجك على نحو ما وصله هذا الشعور وإن لم يملك دليلاً عليه.. فأنت ترينه أقل وسامة ولعله هو يرى نفسه كذلك أيضًا.. أقل في التعليم والمستوى الثقافي، وهذا أيضا لا شك يعلمه.. ما الذي يميزه في عينيك إذن؟ ثراؤه وماله وممتلكاته.. كونه منحك بيتًا مستقلا.. هذه كلها أمور غير مرتبطة به هو كشخص ولكنها مكتسبات خارجية.. أما هو كرجل فيبدو لا مرئيا بلا مميزات..

 

أتعرفين -يا ابنتي- ما هو أقسى شعور قد يختبره الرجل؟ أن يشعر أنه كرجل لا تقدره زوجته.. هذا الشعور بعدم التقدير قاتل لرجولته ويجعل سلوكياته شبه قاتلة في محاولة لإثبات ذاته أو للمحافظة عليها أو على الأقل حتى يؤلم الطرف الآخر الذي يعتقد أنه يجرحه فيرد له الصاع صاعين.

 

يا ابنتي، طليقك السابق صفحة وطويت خاصة أنك تزوجت بالفعل وأنجبت واستقرت حياتك بعيدًا عنه.. ربما كنت بحاجة لمزيد من الوقت قبل أن تتزوجي مرة أخرى حتى تتخطي آثار التجربة السابقة، لكن لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب وأنت تزوجت بالفعل، وبالتالي فلا بد من غلق هذه الصفحة من سجلك الشعوري، فلا تتكلمي عنه ولا تتابعي أخباره واعملي حظرًا لجميع صفحاته على منصات التواصل، وعندما يرد على خاطرك المقارنة استعيذي بالله من الشيطان الرجيم.

 

بين زوجك وطفلك

 

ذكرت أن زوجك يغار من طفلك لأنه نسخة مصغرة من والده.. إذن طفلك ليس المقصود بسلوكه الرديء وإنما هي مشاعر الغيرة التي تتلبسه حين يذكر طليقك، وأنا لا أدافع عنه؛ فموقفه بالفعل يدل على عدم نضج نفسي واهتزاز ثقة، ولكن أنا فقط أحاول الفهم لما يحدث على أرض الواقع معه.

 

هو لا يمنعك عن طفلك، بدليل أنه سمح لك بزيارته قدر ما تشاءين، وهذا أمر جيد ولو بصورة نسبية، فأنت تستطيعين التواصل الحقيقي مع طفلك دون أي مشاكل او محظورات.. فقط هو لا يرغب في التعامل معه بشكل مباشر؛ لذلك لا يرغب أن يزورك الطفل في البيت، وهو كان واضحًا منذ البداية، وأخبرك بهذه الأمور ولم يخدعك ولم يقل لك كلامًا معسولاً عن أنه سوف يكون والدًا ثانيًا لابنك ثم فاجأك برفضه.

 

وأنت وافقت بإرادتك الحرة على كلامه، وبالتالي فعليك أن تتحملي بالفعل مسئولية قرارك، ولا داعي للمبالغة في نعته بصفات قاسية حتى تبني حاجزًا شعوريًّا قويًّا بينك وبينه وحتى وإن كنت لا تريدين الطلاق لأسباب مجتمعية فأنت تحكمين على نفسك عن طريق هذا الحاجز الشعوري في العيش بتعاسة.

 

وأنا لا أريد لك أن تعيشي هذه المشاعر القاسية.. والمشاعر تتغير بتغير الأفكار فلو سيطرت عليك فكرة (إنه يكره طفلي) سوف تشعرين بالغضب بينما فكرة (كان واضحًا منذ البداية وعلى أن أتكيف في حياتي وفقا لما اتخذت من قرارات) ستجعل الأمر أكثر قدرة على الاحتمال.. خاصة أنه قد أصبح لديك طفل آخر لا بد أن تضعيه هو الآخر في معادلة حياتك.

 

الخروج من المأزق

 

ابنتي الغالية، لديك نعم كثيرة في حياتك عليك أن تشكري الله عز وجل عليها.. لديك عائلة متفهمة تفتح لك أبوابها مهما تعرضت له من ظروف.. لديك أم رائعة احتضنت طفلك وساعدتك على بدء حياتك من جديد.. لديك زوج يبدو واضحًا بشدة أنه يحبك ويغار عليك، منحك بيتًا مستقلاً وأظنه بيتًا لطيفًا ولا يسمح لأحد بالتدخل في حياتك.. وبالتأكيد لو كنت في حالة نفسية هادئة فستجدين فيه مميزات أخرى، وكل هذه نعم لا تقللي منها ولا تألفيها وتعتبريها أشياء عادية.

 

زوجك بحاجة أن يشعر بالتقدير.. بحاجة لبعض كلمات من المدح الصادق.. بحاجة أن يشعر أنك ترينه كرجلك المميز الذي تفخرين به، وثقي أن رد فعله سيبهرك.

 

تحدثي إليه برقة وقولي له إنك تعرفين معدنه الأصيل وأنك تحبينه حقًّا، وأنك تعلمين أنه لم يكن يقصد إهانة والدتك لكنه بالغ في رد فعله وأن عليه أن يتواصل معها ولا تلحي.. دعيه يفكر في الأمر وإن شاء الله سيصل للصواب.. ولا تربطي تعاملك الرقيق معه بشروط عليه أن يحققها.. اجعلي لك رصيدًا عاليًا من الحب في قلبه وهذا لن يتحقق إلا ببذل الجهد منك في محاولة اكتشاف مميزاته...

 

وبالطبع هذا لن يكون على حساب طفلك الذي عليك أن تتواصلي معه بكل الصور الممكنة لمتابعته بالزيارة.. بالهاتف.. بمكالمات الفيديو.. بالمتابعة لأدق تفاصيله مع والدتك، واستعيني بالله ابنتي وسوف ييسر لك كل الأمور، وتابعيني بأخبارك دائمًا.

الرابط المختصر :