Consultation Image

الإستشارة 03/05/2025

أنا امرأة متزوجة وعايشة مع أهل زوجي وصدقوني مو سهل أبداً تكوني من بيئة بسيطة وفقيرة وتعيشي وسط عيلة غنية كل شي فيها محسوب بالمظاهر والمكانة الاجتماعية.

أنا من عيلة فقيرة بس الحمد لله متعلمة تعليم عالي وربي وربا أهلي علمني إني احترم الناس وأتعب على حالي وأرفع راسي بالعلم والأخلاق.

بس من يوم ما فتت على بيت زوجي وأنا عم حس كأنو هاد الشي ما بيكفي نظراتهم اللي دايمًا فيها استعلاء مو لأني غلطت معهم أو أسأت بس لأني مو من مستواهم بيركزوا على كل تفصيل صغير لبسي طريقتي بالحكي حتى لما أطبخ أو أشاركهم بأي شي بحس كأنهم عم يقيموني وعم يحكموا عليّ من فوق لتحت.

أوقات بحس كأني دخيلة عليهم مو كأنو مرت ابنهم كأني ضيفة لازم تثبت حالها كل يوم وكل لحظة وما تنسى إنها جاية من عيلة فقيرة.

زوجي مو دايمًا معي أوقات بيساندني وبيفهمني بس أغلب الوقت بيقلي ديري بالك هني حساسّين أو لا تعطي أهمية وبيتركني وحدي بهالمعركة اليومية وأنا ما عاد فيني أكذب على حالي أنا تعبت مو بس من نظراتهم وكلماتهم تعبت لأني عم حس حالي عم بخسر كرامتي شوي شوي.

أنا ما بدي مشاكل ولا بدي أخلق جو سلبي بس كمان ما بدي أكون الشخص الضعيف يلي بيتحمل الإهانة بصمت، هل الغلط فيي هل لازم أساير وأجامل وأبتلع الإهانات بس لأني مرت ابنهم ولا فيني لاقي طريق أحمي فيه حالي بدون ما أخسر بيتي وزوجي، عنجد محتاجة حدا يسمعني يحس فيني ويدلّني على الطريق يلي بيخليني عايشة بكرامة

الإجابة 03/05/2025

ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على صفحة الاستشارات الإلكترونية الخاصة بمجلة المجتمع..

 

أقدر –حبيبتي- ما تعانين منه من ضغط نفسي بسبب تواجدك في بيئة غير مريحة بالنسبة لك؛ لأنك تشعرين أنك في حرب دائرة بصورة يومية حولك بحيث تخترق أمانك النفسي؛ فأنت تشعرين كما لو كنت متهمة كون خلفيتك الاجتماعية بسيطة أو فقيرة وعليك أن تظلي في حالة تبرير ودفاع.. تستشعرين أنك مستنزفة في معركة تستهدف كرامتك وكبرياءك؛ لأن ثمة من ينظر لك نظرة استعلائية فوقية، وهذا كله يسبب لك ضغوطًا مركبة وحالة توتر عنيفة، خاصة أن زوجك لا يقدم لك الدعم الذي تحتاجين إليه.

 

 رعاية ذاتية

 

ابنتي الحبيبة، أنت في حاجة ماسة لبرنامج رعاية ذاتية مكثفة؛ فمفتاح حل مشكلتك يكمن في داخلك أنت.. زوجك تحتاجين دعمه نعم ولكن كحل ثانوي لا يجدي نفعًا ما لم تتحركي أنت لدعم نفسك ورعايتها.. هذه الرعاية هي ما ستفكك مشكلتك لقطع صغيرة يمكن التعامل معها.

 

ابنتي الغالية، نعم أنت فتاة بسيطة من أسرة فقيرة هذه حقيقة.. وهي حقيقة تدعو للفخر لأنك رغم هذه الظروف الاقتصادية نجحت وحققت حلمك ودرست دراسة عالية.. أسرتك البسيطة بذلت كل جهدها حتى تقف وراءك أليس هذا أمرًا يدعو للفخر..

 

حبيبتي، ليس العلم فقط ما يميزك إنما الخلق الرفيع الراقي الذي يمنعك من رد الإساءة بمثلها.. لذلك لا عجب أن زوجك ابن العائلة الثرية وقع اختياره عليك أنت بالذات وقد كان بإمكانه أن يتزوج ممن تشبهه مالاً وحسبًا.

 

غاليتي، أنت بحاجة لبناء ثقتك بذاتك بشكل حقيقي وعميق، وهذه هي أولى خطوات الرعاية الذاتية التي تحتاجينها، وكي يتم بناء هذه الثقة والتقدير فلا بد من الوعي المعرفي بذاتك.. فأنت إنسان كرمه الله تعالى وإن كان بعض البشر يتعالون على البعض بسبب الثروة أو العائلة فهذا دلالة على السذاجة، يتشبهون بإبليس ويرتكبون كبيرة من أكبر الكبائر، فهم يستحقون الشفقة على ما يقومون به والذي ينبغي ألا يخدش كرامتك الإنسانية التي ينبغي أن تحيطيها بسياج من التقدير الذاتي المستمد من تكريم الله سبحانه وتعالى لك.

 

كرامتك الإنسانية هذه قمت بتهذيبها بالعلم وصقلها بالخلق الرفيع حتى أصبحت تستحقين أن تعتزي بذاتك، وهناك فارق شاسع بين الاستعلاء وبين الاعتزاز بالذات، وأنت تستحقين أن تعتزي بنفسك.. وأنا أدعوك للاعتزاز بذاتك وتقديرها والاعتزاز بخلفيتك الاجتماعية والاقتصادية كما الاعتزاز بعلمك وخلقك، عليك أيضًا أن تقدري جمالك وأنوثتك ولطفك ورقتك التي جذبت زوجك لك.. غاليتي تأملي نعم الله عليك واستشعريها بقلبك واجعليها تتخلل روحك واشكري الله سبحانه وتعالى عليها بقلبك ولسانك.

 

ابنتي الكريمة، وعيك المعرفي بنقاط قوتك والنعم التي أسبغها الله عليك عندما تنتقل أيضًا إلى استشعارك لها بقلبك وذكرك لها بلسانك كي تشكري الله عليك تبني تقديرك لذاتك على أسس قوية.. وهنا ينعكس هذا التقدير من الداخل للخارج، أي أن ثقتك ستنبع من داخلك ويستشعرها من حولك.

 

تتنوع صور الرعاية الذاتية التي أنت بحاجة إليها، وأدعوك أن تضعي خطة بسيطة تستوعب هذه الصور، ومن ذلك:

* الرعاية الجسدية: فأنت بحاجة للاسترخاء حتى لا تشعري بأنك تخوضين حربًا يومية.. بحاجة للنوم العميق ليلاً وبحاجة لقيلولة قصيرة ظهرًا.. بحاجة لتناول طعام صحي وممارسة رياضة خفيفة.. بحاجة لحمام دافئ مساء.. بحاجة للاهتمام بشعرك وبشرتك حتى تستشعري جمالك.

 

* الرعاية الفكرية: أعيدي شغفك بالقراءة واقرئي يوميًّا ولو ٥ صفحات من كتاب يروقك حتى تستشعري رحابة الحياة وعمقها، فلا يقتصر وعيك على التفكير في عائلة زوجك.

 

* رعاية إيمانية، بأن تخشعي في صلاتك وتقرئي كتاب الله وتكثري من الذكر حتى تشعري بطمأنينة القلب.

 

* رعاية نفسية، بأن تتعلمي كيف تخرجين مشاعرك المضغوطة، جربي أن تكتبي عن مشاعرك الغاضبة فهي طريقة لتحريرها بدلا من الكبت الذي يجعل الجرح متقيحًا، وإن كان موضوعًا أسفل ضمادة.

 

تعلمي أن تتحدثي مع نفسك بطريقة إيجابية وتحللي المشاكل بطريقة عقلانية.

 

 كيف تسحرين زوجك؟

 

لا تندهشي –غاليتي- من هذا العنوان فإنما أقصد السحر الحلال.. جاذبيتك وكلماتك الناعمة.. رقتك ودلالك.. ابتسامتك الجميلة.. أناقتك وعطرك.. نظراتك واهتمامك بكل التفاصيل.

 

ابنتي، لا يكره الرجل أكثر من الشكوى والنكد، فهو إن تعاطف مرة يتجاهل مرات، خاصة أن شكواك غارقة في بحر فقدان الثقة بالنفس، وهذا يحمل رسالة بالغة السلبية وتشكك في اختياره لك؛ لذلك فعليك أن تتوقفي عن الشكوى فورًا.. اهتمي بجذبه لعالمك الجميل الملون بالسعادة والمرح والدفء وسوف يقوم بعمل أي شيء للحفاظ على هذه السعادة، وسوف تجدين البعض يقولون لماذا يهتم بها هكذا؟ ولماذا يسارع لتحقيق كل ما ترغب فيه؟ هل سحرت له؟!

 

اكسبي –ابنتي- حب زوجك واهتمامه وسوف يعزز هذا من الثقة الداخلية في نفسك وسوف يعزز موقفك أمام عائلته، فيكفي أن تبتسمي ابتسامة واسعة عندما تعلق إحداهن عليك وتنظري في عينيها وتقولي برقة لكنه يعجب زوجي!

 

 الحدود الذكية

 

ابنتي الغالية، إذا نجحت في بناء التقدير الذاتي وأصبح عقلك مقتنعًا تمامًا بقوتك وكان قلبك مؤمنًا بها فسوف تتحركين في حياتك كلها بناء على هذه الثقة.. ومع أهل زوجك تحديدًا بناء على هذه الثقة، ومع استنادك على قوة العلاقة مع زوجك لا بد أن تتغير قواعد التعامل فأنت بحاجة لوضع الحدود الذكية.

 

الحدود الذكية تحميك من الأذى النفسي، وفي الوقت ذاته تمنع حدوث مصادمات.. يمكنك اعتبار هذه الحدود مسافة آمنة حولك لا يمكن لأحد اقتحامها؛ فكل ما يمس كرامتك لا يمكن أن تسمحي له بالمرور.. كل ما ينتهك خصوصيتك لا تسمحي له بالمرور.. كل ما يقلل من شأنك لا تسمحي له بالمرور، فكيف توقفي هذه الأشياء المستفزة؟

 

* عن طريق لغة جسدك وتدربك على مهارات الرد، فتعلمي ألا تهربي بل انظري لعين محدثك.. يمكنك بعدها الابتسام والتجاهل إذا كان الأمر لا يستحق.

 

يمكنك أن ترفعي حاجبًا واحدًا مع نصف ابتسامة ثم تطلبي ممن قال شيئًا أن يكرر ما قاله "ماذا قلت"، فهنا أنت تسمحين له بالتراجع وتشعرينه بالخجل.. ثم كرري ما قاله بطريقة تشعره بالخطأ، هل تقصد أن تقول كذا؟!

وفي حال إصرار محدثك على السخافة قومي بالرد الذكي الذي يفحمه والابتسامة تزين وجهك دون أن تقطعي التواصل البصري، ومن نماذج الردود التي تمنع الآخرين من العبور لحدودك.. هذه وجهة نظرك لكن بصراحة لا تعجبني أو هذه وجهة نظرك، بصراحة لا تقنع، أو أنا معجبة بها هكذا أو تعجب زوجي.. أو تحويل مجرى الحديث للطرف الآخر بسؤال هجومي مهذب..

 

تدربي على ما ستقوليته أو على لغة جسدك حتى يصبح ردك تلقائيًّا عفويًّا.. لا تجعليه ردًّا طويلا فأنت لست متهمة.. قولي ما ترغبين بصورة مهذبة ثم التفتي في إشارة إلى أن الحديث انتهى.. أما إذا كان الطرف الأخر لا يتكلم وإنما ينظر لك بطريقة استعلائية فلا تهربي من نظراته بل بادليه النظر وامنحيه نظرة مشابهة مع ابتسامة شبه ساخرة.

 

ومن الأمور التي تمنعهم من تجاوز حدودك رفضك في الخوض في أمورك الشخصية، بدءًا من الرد العام وانتهاء بهذا أمر خاص.. فيمكنك قول لماذا تسألين؟ هذا أمر خاص لا أحب الخوض أو حتى اصمتي لبرهة وغيري مجرى الحديث.

 

أعلم أنه أمر مرهق نفسيًّا، لكن أنت لن تلجئي إلى هذا إلا وقت الضرورة، فحاولي قدر استطاعتك أن تبتعدي عن محيط من يسبب لك الأذى وتجاهليه وضعيه في زاوية محددة من حياتك المليئة بالأمور الثرية، ولا بأس من إخبارهم بذلك أنك امرأة مشغولة، لا تخبريهم بطريقة مستفزة استعلائية وإنما بطريقة تقريرية.

 

وأخيرًا، اطلبي دعم زوجك في الأمور المهمة فقط.. اطلبيه بطريقة لا يمكنه رفضها.. مثلا اطلبي منه أن يحتضنك لأنك متعبة، وعندما يسألك ما هناك، انظري له بعتاب وحزن وتحدثي بهدوء ورقة وأخبريه بكلمات محددة وأنهي كلامك بأنا بحاجة لك.. أو أنا على يقين أنك لن تسمح لأحد بإيذائي.. يمكنك أن تبكي والأفضل أن تدمع عيونك بصمت وأنت تنظرين لعينيه.

 

وكما قلت لك، فليكن طلبك لدعمه آخر أوراقك، ولا تستخدمي هذا السلاح إلا في وقت الطوارئ حتى لا يفقد مفعوله، ولا تستخدميه إلا بعد أن تستطيعي جذب زوجك وتكوني على يقين أنه لن يخذلك، ولا تطلبي منه أبدًا أن يؤذي أحدًا أو يمنع صلة؛ فأنت لست معتدية، وكل ما تطلبينه ألا يتجاوز أحد معك.. أسعد الله قلبك ورزقك قوة من عنده، وتابعيني بأخبارك.

الرابط المختصر :