صلاة الاستخارة.. حكمها وكيفيتها

Consultation Image

الإستشارة 23/10/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لا أعرف من أين أبدأ، لكني أشعر أني تائه بين خيارين كبيرين في حياتي. أحدهما يبدو أسهل، والآخر أكثر طمأنينة في قلبي، لكني لا أريد أن أندم لاحقًا. سمعت كثيراً عن صلاة الاستخارة، وأنها تريح القلب وتكشف لك ما هو خير لك، لكنني بصراحة لا أعرف كيف أؤديها ولا متى أقول دعاء الاستخارة. هل ممكن أن تشرحوا لي كيف أصلي صلاة الاستخارة خطوة بخطوة؟ وما هو نص دعاء الاستخارة الصحيح كما ورد عن النبي ﷺ؟ وهل يجب أن أحفظ الدعاء عن ظهر قلب، أم يمكنني قراءته من ورقة أو من هاتفي بعد الصلاة؟ بعض أصدقائي قالوا إن دعاء الاستخارة يُقال بعد السلام من الصلاة، وآخرون قالوا إنه يُقال قبل التسليم، فمتى هو الوقت الصحيح؟ كما أنني سمعت أن علامة الاستخارة أن يرى الإنسان رؤيا في المنام، فهل هذا صحيح؟ لأني صليت الاستخارة من قبل ولم أرَ شيئاً، فهل يعني ذلك أن استخارتي لم تُقبل؟ وماذا لو لم أشعر بأي شيء بعد الدعاء؟     هل يجوز أن أكرر صلاة الاستخارة أكثر من مرة؟ وهل يُمكن أن يستخير عني أحد غيري إذا كنت متردداً أو في حالة ضيق نفسي؟ سؤالي الأخير: أحياناً أكون في مكان العمل أو في المواصلات ولا أستطيع أن أصلي، فهل يجوز أن أقول دعاء الاستخارة بدون صلاة في تلك الحالة؟ أم لا تكون استخارة صحيحة إلا بركعتين؟ والله، ما أريد إلا أن يختار الله لي الخير، لكني أشعر أن قلبي مشوش ولا أستطيع أن أميز بين الراحة النفسية والهوى.. فكيف أعرف أن نتيجة الاستخارة جاءت من الله فعلاً؟ أرشدوني بارك الله فيكم، فقلبي بين خوف ورجاء، أبحث عن طمأنينة أجدها في دعاء الاستخارة.

الإجابة 23/10/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فصلاة الاستخارة سُنّة مستحبة عن رسول الله، والدليل على ذلك هو حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ... (رواه البخاري). وهذا يدل على شموليتها لكل أمر مباح يحتار فيه المسلم ويتردد، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا.

 

كيفية صلاة الاستخارة

 

وكيفيتها أن يصلي ركعتين كصلاة النافلة، ثم يدعو بالدعاء المأثور عن رسول الله ﷺ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -ويسمي حاجته - خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي (أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ)، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -وتسمي حاجتك مرة أخرى) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي (أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ)، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ".

 

نتيجة الاستخارة

 

ثم يفعل المسلم ما ينشرح إليه صدره، وليس بالضرورة أن يرى المسلم رؤيا أو منامًا، ونتيجة الاستخارة هي تيسير الأمر أو تعسيره، فإذا كان الأمر خيرًا لك، ستجد أن الله ييسر لك أسبابه، وتشعر بانشراح صدر وطمأنينة للمضي فيه. وإذا كان الأمر شرًّا لك، ستجد أن الله يصرفه عنك، فتظهر لك عوائق، أو ينقبض صدرك عنه، أو لا يتيسر.

 

الاستخارة مع الأخذ بالأسباب

 

وهذه الاستخارة لا تغني عن الأخذ بالأسباب والمشاورة مع من ترضى دينه وأمانته، ويمكنك تكرار الاستخارة أكثر من مرة حتى ينشرح صدرك، ويمكنك صلاتها في أي وقت من غير أوقات الكراهة، وأفضل الأوقات هي التي تكون فيها أقرب إلى الله، مثل ثلث الليل الأخير.

 

وقد أجاز بعض الفقهاء أن تكون بالدعاء فقط دون صلاة أو عقب أي صلاة مكتوبة أو نافلة، والأفضل أن تستخير بعد النافلة، ونسأل الله أن يشرح صدرك ويدبر لك أمرك، ويرزقك الخير ويرضيك به.

 

ويمكنك مراجعة أي كتاب من كتاب الفقه، مثل فقه السنة للشيخ سيد سابق، أو الموسوعة الفقهية الكويتية، أو غيرها لتقف بنفسك على كافة التفاصيل، لو أردت ذلك، وإلا فما ذكرناه لك فيه الكفاية إن شاء الله تعالى.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

الرابط المختصر :