الحكمة من تشريع النية وجعلها ركنًا للأعمال

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فقد شرعت النية لتمييز العبادات من العادات، وتمييز رتب العبادات بعضها من بعض، كالوضوء والغسل يتردد بين التنظف والتبرد والعبادة، والإمساك عن المفطرات قد يكون للحمية والتداوي أو لعدم الحاجة إليه، والجلوس في المسجد قد يكون للاستراحة, ودفع المال للغير قد يكون هبة أو صلة لغرض دنيوي وقد يكون قربة كالزكاة والصدقة والكفارة، والذبح قد يكون بقصد الأكل وقد يكون للتقرب بإراقة الدماء، فشرعت النية لتمييز القرب من غيرها.

وكل من الوضوء والغسل والصلاة والصوم ونحوها قد يكون فرضًا ونذرًا ونفلاً، والتيمم قد يكون عن الحدث أو الجنابة وصورته واحدة، فشرعت لتمييز رتب العبادات بعضها من بعض.

ويقول الإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ:

اعلم أنه قد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر حديث النية. قال أبو عبيدة: ليس في أخبار النبي ﷺ شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة منه، واتفق الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل وابن مهدي، وابن المديني، وأبو داود، والدارقطني وغيرهم على أنه ثلث العلم، ومنهم من قال: ربعه، ووجه البيهقي كونه ثلث العلم: بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه، فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها; لأنها قد تكون عبادة مستقلة، وغيرها يحتاج إليها ومن ثم ورد (نية المؤمن خير من عمله).

وكلام الإمام أحمد يدل على أنه أراد بكونه ثلث العلم، أنه أحد القواعد الثلاث التي ترد إليها جميع الأحكام عنده فإنه قال: أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث (الأعمال بالنية) وحديث (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وحديث (الحلال بين والحرام بين).

والله تعالى أعلى وأعلم.

روابط ذات صلة:

النيات تحول المباحات إلى طاعات

النية في العبادات.. حقيقتها وأهميتها والتلفظ بها

النية وأثرها على صيام النفل والفرض

حكم تبييت النية من قبل الفجر في الصيام

نية الطلاق من الزوج وكتابة هذه النية هل تعتبر طلاقا؟