الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
121 - رقم الاستشارة : 1647
16/04/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخي الكريم، أنا رجل بسيط، عمري ٤٥ سنة، والله ما بدي من هالدنيا إلا راحة بال. تزوجت مرتين، وكل مرة كنت مفكّر إني لقيت شريكة الحياة، بس بالنهاية بكتشف إني داخل على معركة جديدة. المرة الأولى كانت تحكي بصوت عالي، تصرخ، ولو غلطت غلطة صغيرة كانت تعملها فيلم رعب. ما كنت أقدر أغلط، ولو بالغلط، إلا وتتحول الدنيا لنكد وخصام وسيل من الكلمات اللي توجع. ما قدرت أكمل، طلّقتها، وقلت: الله يعوضني.
رجعت تزوجت مرة تانية، قلت هاي مهذبة، هادية، ما بترفع صوتها. بس طلعت القصة أدهى. صوتها هادي، بس كل كلمة فيها لغم. مرة كنت عبفرم لها السلطة، وجرحت أصبعي، والدم نازل، توقعت تقول "سلامتك"، قالتلي بهدوء: "لازم كل مرة تجرح حالك تلوص الدنيا ؟"، وكأنها مو شايفة الدم، شايفة بس فرصة تهاجمني. مرة انكسرت الطاولة بالغلط، قالتلي بهدوء: "أكيد، بدك تترك لمستك بكل زاوية قبل ما تسافر".
حتى لما أساعدها بتنظيف البالوعة وبتطلع مي وسخة وريحة مو منيحة (يعني طبيعي، هاي بلوعة مو وردة!)، بتقلب الدنيا فوقاني تحتاني، وبتقلي: "شو هالعفاشة !؟ ما بتعرف تشتغل متل العالم؟"، وكأنو أنا سبب الريحة، مو البالوعة! يعني بدل ما تقول "يعطيك العافية"، بتلقاك بكلمة بتكسر الظهر. هي ما بتصرخ، بس كل همهمة، كل تنهيدة، كل نظرة، كأنها بتقول: "أنت غبي، مزعج، ما خرجك مسؤولية". مرة رشحت شوية معجون أسنان على المغسلة، مسحتهم وهي ساكتة، بس ملامحها تصرخ: "طفل، ما بتعرف تتصرف".
وإذا نزل مي من إيدي بعد الوضوء، تمسح الأرض وهي تنفخ وكأنها بتنشف البحر. بتعمل حركات صغيرة، بس كلها بتقول: "ما بنفع، انت دايمًا مزعج". أنا صرت أخاف أتحرك. حتى لو غسلت كاسة مي، تحسسني كأني فجّرت قنبلة بالمطبخ. مرة نمت على الكنبة بتيابي لأني كنت تعبان من الشغل، وما حطيت الغطاء علي وقالت بصوت هادي: "ليش ما تنام باالشغل إذا مو فارقة معك التخت و الغطا ؟"، وكأنها عم تمزح، بس طعنة. ما بتغلط، ولو قلتلها: "كلامك بيوجع"، بتقلي: "أنا؟ بس عم بقول رأيي"، أو "إنت حساس زيادة". فتفوتات خبز .
تعبت، والله تعبت، مشكلتي مو إنها بتلوم، المشكلة إنها بتعاير، حتى بأبسط الأمور. وقعت على الأرض؟ قلبت البيت فوق تحت وقالت: "خليني أنضف وراك مثل الخدامة". غسلت كاسة؟ صارت تقول: "شو الزنخة بالكاسة مو نضافة هي ؟!". أنا ماني طالب شي كبير، بس بدي حياة هادية، بدون ما أحس إني متهم طول الوقت. بدي شريكة، مش قاضية، مش جلاد. ليش دايمًا بطلع غلطان؟ ليش ما بلاقي بدي حدا يشوفني إنسان؟ أنا ما بدي أسمع "غير طريقة تفكيرك"، ولا "روح لطبيب نفسي"، أنا رجل طبيعي، بدي حل عملي. إذا في أمل، احكولي، وإذا لا، بس ادعولي... لأني مش عارف شو أعمل أطلقها ثانية و اقعد عزابي . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم على صفحة البوابة الإلكترونية للاستشارات الخاصة بمجلة المجتمع.. بالتأكيد يا أخي لا ننصحك بالطلاق للمرة الثانية فالزواج ميثاق غليظ {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}، وهناك حلول كثيرة ممكن اللجوء إليها قبل التفكير في خطوة هائلة مثل الطلاق.
رؤية موضوعية
أخي الكريم، قرأت رسالتك أكثر من مرة وهي بالطبع تعكس وجهة نظرك الشخصية للأمر.. أنا أدرك أنك تعاني وتتألم، ولكن هذا لا يمنع أن كل ما ذكرته هو جزء من الحقيقة.. أو على وجه الدقة جزء صادق من الحقيقة، فلا أحد يمكنه التشكيك في شعورك جهة الأمر لكن هناك أجزاء أخرى من الحقيقة أنت لم تذكرها، فتخيل لو أننا طلبنا من زوجتك حكي القصة من منظورها هي.. ترى ماذا ستقول عنك؟ وعن سلوكياتك معها وفي البيت؟ حاول أن تفكر معي بموضوعية عما يمكن أن تقوله.
وهناك سؤال آخر غاية الأهمية: هل زوجتك إنسانة على هذه الدرجة العالية من الخبث بحيث تقابل كل جهودك لمساعدتها في إدارة البيت بهذه الكلمات التي تقصم الظهر بدلا من كلمات الشكر؟ هل هي بهذا السوء الذي يجعلها لا تتحمل أي تصرف عفوي منك؟ أريدك أن تفكر لماذا تقول هذا الكلام؟ ولماذا يبدو على وجهها الامتعاض؟ هل تكرهك مثلا؟
امرأة مثلها بالغة الهدوء ما الذي يجعلها تحتقن بهذا الشكل؟ هل هناك أسباب من وجهة نظرك.. أشياء أنت أخطأت فيها.. في الحقيقة أنت لم تذكر عيبًا واحدًا في شخصك ولا خطأ واحدًا ارتكبته.. فهل أنت إنسان بلا أخطاء؟
لو أنك لم تخطئ في شيء فهي في الغالب امرأة مختلة كونها تحتقن من اللاشيء أو امرأة جاحدة خبيثة.. فهل تراها هكذا؟
أعتقد -أخي الكريم- أنك كتبت مشكلتك تحت ضغط الانفعال كتعبير عن مشاعرك فلم تراعِ الموضوعية ولم تراعِ أننا نسمع ونقرأ لطرف واحد فقط.. لذلك أدعوك للإجابة عن الأسئلة التي طرحتها عليك حتى تبدو الصورة أكثر وضوحًا في ذهنك وبحيث لا تدع مشاعرك وانفعالاتك هي المتحكمة الوحيدة في تصورك للمشكلة وفي تصورك أيضا لطبيعة الحل.
مواجهة أم انسحاب
أخي الكريم، عندما نواجه مشكلة في حياتنا عمومًا وفي حياتنا الأسرية خاصة نحن نسعى للمواجهة بحثًا عن حل.. وسوف أشرح لك في السطور القادمة كيف يمكن أن نواجه بذكاء مثل هذه المشكلة.. لذلك آلمني أن يتبادر إلى ذهنك الانسحاب كحل.. أن تفكر في الطلاق فكأنما تهرب من المواجهة وتهرب من البحث عن حل.. نعم قلت إنك عاتبتها مرة وقالت إنها تمزح ثم ماذا فعلت بعد ذلك؟
الإنسان عندما يكون غاضبا أو حزينا لا بد أن يلجأ للحوار كخطوة أولى.. أن يشرح للطرف الآخر ما يضايقه ويؤلمه ويطلب منه بشكل صريح أن يتوقف عما يضايقه؛ لذلك كان ينبغي أن تخبر زوجتك أنك تحاول مساعدتها وتتطلع أن تقدر هذه المساعدة وتشكرك عليها.. لا أن تسخر منك، وأنك لا تحب هذا النوع من المزاح.. وهذه أولى خطوات مواجهة المشكلة.
فإن عاتبتك هي الأخرى، فأنصت لما تقول، وامتلك من الشجاعة أن تعترف بالخطأ إن كان ثمة خطأ منك.
في مرحلة لاحقة إذا شعرت أن أسلوبها وكلماتها لا تتغير رغم إبداء ملاحظاتك يمكنك استخدام لغة جسد تعبر عن الغضب، بدءًا من التواصل البصري الثابت مع نظرة حادة.. وقفة متحفزة.. إشارة تهديد باليد، بمعنى لا أقبل.
إذا استمر شعورك أن زوجتك لا تقدرك وتتعمد استفزازك بالكلمات الملغمة يمكنك أن تصل لمرحلة الهجر، فتتجنب الحديث معها وتتوقف عن العلاقة الخاصة بينكما وتشيح بوجهك عنها في الفراش، فهذا سيدفعها لفتح حوار حول مشكلتكما، وستدرك أن الأمور تنحدر لمنحدر سيئ وخطير.
إذا لم تنجح كل الخطوات السابقة في تخفيف حدة المشكلة فليس أمامك إلا التلويح والتهديد بالطلاق؛ لأن حاجة الرجل إلى التقدير لا تقل عن حاجته عن للطعام والشراب.. هذا التهديد بالطلاق لن يكون مفاجأة لها لأنه سبقته خطوات متعددة وسيكون بمثابة إنذار أخير لها.
وأخيرًا، أوصيك أخي الكريم بأن تكثر من التغافل فهو دأب الصالحين، فما يمكنك تمريره مرره دون عتاب ودون أن تحمل في قلبك غضبًا تجاه زوجتك.. فهناك أشياء لا تكون مقصودة بمعنى سيئ.. مزاح ثقيل أو دعابة تفتقر لروح المرح أو شيء مما جرت به العادة على الألسنة.. تغافل عن ذلك ولا تقم برصد كل صغيرة وكبيرة.. وتذكر مميزات زوجتك الكثيرة فهي هادئة ماهرة في إدارة شؤون المنزل وأشياء أخرى فكر فيها فهي ستساعدك على التغافل عن الأمور الصغيرة.. أسعد الله قلبك وأَّلف بينك وبين زوجتك، وتابعنا بأخبارك فسوف ننصت لك.