الدارك ويب كارثة تمس أخي الصغير.. كيف أنقذه منها؟!!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : المراهقون
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 35
  • رقم الاستشارة : 3050
23/10/2025

يا دكتورة، أنا أخ كبير عندي ٢٠ سنة، ومصدوم من اللي اكتشفته مؤخرًا. أخويا الصغير عنده ١١ سنة، ولقيته داخل على الدارك ويب! الموضوع مرعب ومش عارف أتصرف.

لاحظت وجود VPN ومواقع غريبة على جهاز البيت، ولما واجهته اتوتر وقال دي ألعاب، لكن تصرفاته بقت مريبة جدًا: بيخفي الموبايل، بيسهر، وبيتكلم مع ناس مش واضحة هويتهم. خايف يكون اتورط في حاجات خطر أو حد بيبتزّه.

المشكلة إن والدينا كبار في السن ومش فاهمين في التكنولوجيا، وأنا مش عارف أقولهم ولا لأ. محتار أتعامل إزاي مع أخويا من غير ما أخوّفه أو أضيّعه، وفي نفس الوقت مش عايز أسيب الموضوع يعدي.

فأرجوكِ يا دكتورة، دليني أتصرف إزاي خطوة بخطوة، أكلمه إزاي، وهل أبلغ الأهل أو المدرسة، وازاي أحميه وأحمي الأسرة من الخطر ده؟

الإجابة 23/10/2025

ابني الكريم، حفظك الله وبارك في وعيك، وأُثمن فيك خوفك على أخيك الصغير وحرصك على حماية أسرتك، فتصرفك هذا يدل على نضج انفعالي ومسؤولية أسرية مبكرة. ما قمت به من مراقبة ذكية وحرص على الفهم قبل الاتهام، هو أول طريق الإصلاح، فلا تندفع باللوم أو الخوف، ولكن تعامل بحكمة واتزان.

 

دعني بداية أشرح لك الأمر من منظور علم النفس التربوي:

 

الوعي التكنولوجي الأسري

 

في سن الحادية عشرة، يمر الطفل بمرحلة الفضول المعرفي والاستكشافي (Cognitive Curiosity)، وهي مرحلة طبيعية يسعى فيها لاكتشاف العالم من حوله، خاصة في غياب التوجيه الرقمي، أو ما نسميه الوعي التكنولوجي الأسري (Digital Family Awareness).

 

حين لا يجد الطفل مرجعًا يجيبه عن أسئلته أو يوجهه، قد يلجأ للبحث في أماكن خطيرة مثل "الدارك ويب"، دون أن يدرك العواقب.

 

التعامل النفسي

 

أولًا: كيفية التعامل النفسي مع الموقف:

 

- اقترب من أخيك بقلب الأخ وليس بعين المراقب.

 

- اجلس معه جلسة هادئة يسودها الأمان.

 

- ثم ابدأ الحوار بجمل تُشعره بالثقة، مثل: "أنا مش جاي ألومك، أنا جاي أفهمك وأساعدك لو في حاجة مضايقاك".

 

بهذا الأسلوب، تفتح ما يسمى في علم النفس بـ قناة التواصل الوجداني (Emotional Communication Channel)، وهي المفتاح الأول لتقويم السلوك دون مقاومة من الطفل.

 

تحليل الدافع

 

ثانيًا: علينا أيضًا أن نقوم بتحليل الدافع وراء السلوك:

 

قد يكون دافعه الفضول، أو البحث عن التسلية، أو التقليد، أو الهروب من ملل الواقع الرقمي المعتاد.

 

لذا من المهم أن تكتشف "لماذا" قبل أن تقرر "كيف تعالج"، فالسلوك دائمًا رسالة، وليس مجرد خطأ.

 

توجيه تربوي عملي

 

ثالثًا: إليك الآن التوجيه التربوي العملي الذي تتبعه معه:

 

1- ضع حدودًا رقمية آمنة (Digital Boundaries) على الأجهزة في البيت، دون أن يشعر أنه مراقَب مراقبة قمعية، بل اشرح له أن هذه قواعد حماية مثل قواعد المرور.

 

2- استخدم برامج رقابة أبوية خفيفة، تُشرف عليها أنت، مع شرح الهدف له: "أنا عايز أحميك، مش أتحكم فيك".

 

3- احرص على أن تملأ فراغه النفسي والاجتماعي بأنشطة واقعية: رياضة، ناد، تعلم مهارة جديدة، أو جلسات عائلية مشتركة.

 

4- علّمه التفرقة بين الفضول المعرفي البنّاء والفضول المضر.

 

معرفة الوالدين

 

رابعًا: ضرورة إشراك الوالدين بحكمة:

 

نظرًا لأن والديك كبار في السن ولا يجيدان التعامل التكنولوجي، لا تصارح دفعة واحدة، وكذلك لا تخفي عنهما الحقيقة كلها، ولكن أخبرهما بصورة مبسطة أن "الولد محتاج متابعة على الإنترنت لأن فيه مواقع خطيرة"، ثم تولَّ أنت المتابعة التقنية. المهم أن يشعرا أن هناك احتواء أسريًّا دون فزع.

 

ثم ذكّره بأن الحرية مسؤولية، وأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾، وأن استخدام التقنية أمانة، وسيُسأل عنها الإنسان كما يُسأل عن وقته وعمره.

 

واستعن بالدعاء له، وادعُ الله أن يحفظه من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يهديه للحق ويحببه في الخير.

 

خامسًا: لا بد من العناية بنفسك أيضًا..

 

فلا تتحمل العبء وحدك، فالدور الذي تقوم به يُعرف في التربية بـ الدور الأبوي التعويضي (Substitute Parental Role)، وهو مُجهد نفسيًّا، فاحرص على التوازن بين خوفك عليه وطمأنينتك بالله تعالى، ولا تشعر بالذنب لأنك لم تكتشف الأمر مبكرًا؛ فالأهم الآن هو إصلاح المسار لا محاسبة الذات.

 

* وهمسة أخيرة:

 

كن لأخيك سندًا وصديقًا، فالصداقة بين الإخوة أقوى أحيانًا من أي سلطة.

 

وفقك الله يا بني لما فيه صلاح أسرتك، وأعانك على أمانتك، وجعل أخاك من المهتدين الواعين.

 

روابط ذات صلة:

إدمان الألعاب الإلكترونية.. المخاطر وطرق العلاج

حين تتحول الألعاب إلى لغم.. «ترند» رقمي يكشف قنبلة في جيوب أطفالنا!

كيف يمكننا استثمار أفلام الكارتون والألعاب الإلكترونية تربوياً؟

الألعاب الإلكترونية.. وورطة الأسرة المسلمة

الألعاب الإلكترونية.، وورطة الأسرة (2)

الرابط المختصر :