الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
43 - رقم الاستشارة : 1820
03/05/2025
تأتيني وساوس كثيرة تجعلني أشعر أنني لست مؤهلاً لدعوة الآخرين إلى الله، خاصة أنني أرتكب المنكر في بعض الأحيان. هل يجب عليَّ أن أترك الدعوة إلى الله بسبب هذه الوساوس؟ وكيف أتعامل مع هذا التردد في قلبي؟
أخي الكريم، إن ما تمر به من وساوس وشكوك في قدراتك على الدعوة إلى الله ليس بالأمر الغريب، بل هو نوع من الابتلاء الذي قد يمر به كل مسلم يسعى إلى الخير ويريد أن يكون من أهل الحق. دعني أولًا أن أذكر لك بعض النقاط المهمة التي ستساعدك على فهم المسألة والتعامل معها بشكل صحيح.
أولًا: الدعوة واجب على كل مسلم
إنَّ الدعوة إلى الله هي مسؤولية عظيمة، ولكنها ليست محصورة في العلماء أو الدعاة فقط، بل هي مسؤولية كل مسلم في حدود قدراته. قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، إذن، الدعوة هي أمر واجب علينا جميعًا، ولا يتطلب الأمر أن تكون خاليًا من الذنوب تمامًا، بل أن تكون صادقًا في السعي نحو الإصلاح والابتعاد عن المنكر.
ثانيًا: لا يمنعك الذنب من الدعوة
من المهم أن تعرف أن الدعوة إلى الله لا تعني الكمال؛ بل تعني السعي المستمر لتحسين النفس والنهوض بالآخرين، ولَا يَفْتَرِقُ الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَالْحَقُّ لَا يَسْتَكْبِرُ عَنْهُ إِلَّا مَنْ فَجَرَ، فالإنسان الذي يرتكب ذنبًا ثم يتوب ويستغفر لا يمنعه ذلك من نصح الآخرين، بل يزيده هذا تواضعًا ورحمة في دعوته.
ثالثًا: التوبة ليست سببًا لترك الدعوة
إنَّ العبرة ليست بكمال الشخص، بل بإخلاصه لله. إذا كنت ترتكب المنكرات ثم توبة، فهذا لا يعني أنك غير مؤهل للدعوة. بل العكس، هذا هو السبب الذي يجعلك أكثر أهلية للدعوة، لأنك جربت الضعف البشري وتعلمت كيفية الرجوع إلى الله. قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحون}.
رابعًا: لا تسكت عن الدعوة بسبب معاصيك
التوقف عن الدعوة بسبب أنك ترتكب معاصي هو من وساوس الشيطان. إن الدعوة لا تتوقف على حال الشخص، بل هي من أسمى الأعمال التي تقوي الإيمان وتزيد البركة في حياتك. لا تترك عملًا صالحًا لسبب أنك لست كاملًا، لأن الكمال لله وحده. قال رسول الله ﷺ: "كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ".
خامسًا: استمرّ في الدعوة ولكن مع تصحيح النية
إنَّ كان قلبك مليئًا بالنية الصافية لإصلاح نفسك وإصلاح الآخرين، فاستمر في دعوة من حولك. لكن عليك أن تكون صريحًا مع نفسك أولًا وتواصل السعي لتصحيح أخطائك، وذلك بالدعاء والتوبة والعمل الصالح، واعلم بأن الدعوة إلى الله ليست مبنية على الكمال الشخصي؛ بل على القدرة على التأثير بما تعلمته وبما تنوي فعله.
سادسًا: إليك بعض الوصايا العملية:
1) تواصَل مع الله بالدعاء والتوبة: اجعل الدعاء حليفك دائمًا، وتأكد أن الله يستجيب لمن يدعوه بصدق.
2) كن قدوة للآخرين في التوبة: لا تخجل من محاربة المنكر في حياتك الشخصية، فإنك بذلك ستلهم الآخرين.
3) ابحث عن العلم: استمر في تعلم دينك لزيادة قدرتك على إقناع الآخرين وإجابة تساؤلاتهم.
4) التحلِّي بالصبر: لا تدع وساوس الشيطان تسيطر عليك، بل احرص على الاستمرار في الدعوة مع النية الطيبة.
نسأل الله تعالى أن يوفقكم لكل خير ورشاد.