الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : الأطفال
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
96 - رقم الاستشارة : 2603
04/09/2025
السلام عليكم يا دكتورة، أنا عندي مشكلة محيراني جدًا مع ابني.
ابني في أولى ابتدائي، ومن أول ما بدأ الدراسة وهو بيرفض يدخل حمامات المدرسة خالص، وبيقول لي إنها مش نظيفة وبتقرفه جدًا، وفعلاً لما رحت المدرسة لقيت كلامه صح، الحمامات هناك حالتها صعبة جدًّا.
الموضوع مضايقني لأني خايفة عليه من احتباس البول، ساعات بيرجع من المدرسة ماسك نفسه ومتعذب، وأنا مش عارفة أتصرف إزاي.
إحنا كمان مش قادرين ننقله لمدرسة تانية أفضل من دي، فالموضوع ده مأثر على نفسيتي ونفسيته هو كمان.
أنا محتارة: أشجعه يقاوم ويدخل غصب عنه؟ ولا أسيبه على راحته؟
عايزة أعرف إيه الحل الأمثل والتوجيه الصح اللي يساعد ابني وفي نفس الوقت أقدر أوجه إدارة المدرسة؟"
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
عزيزتي الأم القلقة، مشكلتك موجودة في كثير من المدارس، وليست حالة فردية.
الاشمئزاز الوقائي
وابنك حينما يرفض استخدام حمامات المدرسة لأنه يتقزّز من عدم نظافتها، فهذا رد فعل طبيعي تمامًا يدل على أن لديه حسًّا إدراكيًّا داخليًّا بالنظافة، وهذا ما يُسمّى في علم النفس التربوي بـ الاشمئزاز الوقائي (Protective Disgust Response)، وهو آلية دفاعية نفسية طبيعية يهدف بها الطفل إلى حماية نفسه من الأذى والعدوى.
ولكن الخوف يكمن في استمرار الضغط النفسي عليه؛ لأن احتباس البول المتكرر (Urine Retention) قد يؤثر سلبًا على صحته الجسدية، كما قد يسبب له توترًا داخليًّا يزيد من قلقه المدرسي.
ما الحل؟
1- التوازن بين حماية الطفل وتعليمه المرونة:
ينبغي ألا نرغمه على دخول حمام غير نظيف؛ لأن هذا يولّد داخله شعورًا بالقهر (Psychological Coercion)، وفي الوقت نفسه لا نتركه يعاني الاحتباس. الحل أن نعلّمه استراتيجيات بديلة للتكيف، مثل:
- الدخول إلى الحمام عند الضرورة القصوى فقط، بعد أن يفرش قاعدة المرحاض بمناديل ورقية، أو يستخدم مناديل مبللة مطهرة.
- حمل زجاجة صغيرة من المطهّر لتعقيم يديه بعد الحمام.
2- كما يجب تهيئة الطفل نفسيًّا:
اشرحي له أن الله عز وجل أوصانا بالطهارة، فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، وبيّني له أن اتخاذ الاحتياطات واجب، ولكن ينبغي ألا يحرم نفسه من قضاء حاجته.
3- لا بد من التواصل مع المدرسة:
من واجب الإدارة المدرسية أن تُهيّئ بيئة آمنة ونظيفة للطلاب، قال رسول الله ﷺ: "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"، فكيف بحال مكان يقضي فيه الأطفال حاجتهم! يمكنك تقديم طلب رسمي مهذّب لإدارة المدرسة بضرورة الاهتمام بنظافة الحمامات، أو أن يتولى عامل المدرسة تنظيفها أكثر من مرة يوميًّا.
4- تعزيز الاستقلالية عند الطفل:
شجّعيه على أن يحافظ على نظافته بنفسه، فهذا يعزّز لديه ما يُعرف بـ الكفاءة الذاتية (Self-Efficacy)، أي شعوره بالقدرة على مواجهة المواقف دون اعتماد كامل على الآخرين.
5- إعطاؤه بدائل عملية:
- اجعليه يدخل الحمام في البيت مباشرة قبل الذهاب للمدرسة.
- اتفقي معه أن يحاول تجنّب شرب كميات كبيرة من الماء قبل الحصص الطويلة، مع ضرورة تعويض ذلك فور عودته إلى المنزل.
واطمئني أختي الغالية، فأنتِ بالفعل تقومين بدورك الأمومي التربوي على أكمل وجه، وما تعانينه من قلق أمر طبيعي.
تذكّري قول النبي ﷺ: "إن الله لا يضيع أجر المحسنين"، وقد أحسنتِ إذ سعيتِ لحماية ابنك وتوجيهه، فلا تقعي في لوم نفسك.
* همسة أخيرة:
الصغير يحتاج أن يرى فيكِ الهدوء والثبات؛ لأن الأطفال يكتسبون أمانهم النفسي من وجوه أمهاتهم قبل كلماتهم، فكوني له سندًا ومرشدة، ومع الوقت سيتعلّم أن يتعامل مع الأمر بمرونة.
بارك الله لك في ابنك.