كيف يوازن الداعية بين نشاطه الدعوي وواقعه الشخصي والأسري؟

Consultation Image

الإستشارة 25/11/2025

أنا (أحمد)، متزوج ولدي طفلان، وأشارك في برامج دعوية أسبوعية. أحب العمل الدعوي، لكني أجد نفسي مقصرًا أحيانًا في بيتي وفي حق أهلي بسبب كثرة ارتباطاتي الدعوية. أشعر بالذنب، وفي نفس الوقت لا أريد أن أترك الدعوة. كيف أوازن بين الدعوة وواقعي الشخصي؟

الإجابة 25/11/2025

مرحبًا بك أخي أحمد، وبارك الله في غيرتك وحرصك على خدمة الدين، وسؤالك من أدق الأسئلة التي يواجهها كثير من الدعاة الميدانيين. إن الدعوة عبادة عظيمة، لكن الإسلام لا يريد منك أن تهمل واجباتك الأخرى لأجلها، بل يريد منك أن توازن.

 

قال النبي ﷺ لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما لما بالغ في العبادة: (إن لربك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولزوجك عليك حقًا، فأعطِ كل ذي حق حقه) وهذه القاعدة النبوية العظيمة كفيلة بحل كثير من إشكالات الدعاة.

 

كيف تحقق التوازن العملي؟

 

واختصارًا نجيب على سؤال: (كيف تحقق التوازن العملي؟) وذلك من خلال النقاط والخطوات التالية:

 

1) اكتب أولوياتك وفق الشرع لا العاطفة: الأسرة ليست «منافسًا» للدعوة، بل هي جزء من مسؤوليتك الدعوية. فأنت مأجور على تربية أبنائك كما أنت مأجور على إلقاء محاضرة.

 

2) ضع جدولًا دعويًّا واقعيًّا لا مثاليًّا: لا تحمّل نفسك ما لا تطيق. فالإرهاق المستمر يجعلك تضعف في بيتك وفي دعوتك معًا، ولذا تعلم أن تقول (لا) أحيانًا.

 

3) اجعل بيتك شريكًا في دعوتك: أشرك زوجتك وأبناءك في شيء من برامجك الدعوية المناسبة، ليشعروا أنهم جزء من رسالتك لا ضحاياها..

 

4) خصّص وقتًا عائليًّا ثابتًا لا يُمسّ: كما تحدد موعد المحاضرة، حدد وقتًا للأسرة. هذا الانضباط يحميك من الميل الزائد في أحد الجانبين.

 

5) كن قدوة في بيتك كما أنت قدوة في المسجد: فكثير من الدعاة يخسرون أبناءهم لأنهم كانوا حريصين على دعوة غيرهم أكثر من دعوتهم لأهلهم.

 

الموازنة بين الجهدين:

 

إذا أهملت أهلك، قد يُحمل هذا على الدعوة نفسها فيكرهها مَن في بيتك. أما إذا شعروا أنك تعدّهم أولوية، أحبوا دعوتك وساعدوك فيها. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: 6] فابدأ بالأهل قبل غيرهم.

 

وختامًا أنصحك بالآتي:

 

* اجعل أسرتك امتدادًا لدعوتك لا عائقًا لها.

 

* لا تغفل أن حسن معاشرتك لهم عبادة.

 

* تذكر قول النبي ﷺ: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».

 

وأسأل الله أن يبارك لك في وقتك، ويجمع بين قلبك وقلب أهلك على طاعته، ويجعل دعوتك بركة عليك وعلى أسرتك، ويرزقك الحكمة في الموازنة بين الواجبات.

 

روابط ذات صلة:

التوازن في حياة الداعية.. كيف تحقق المعادلة الصعبة؟

الداعية بين منبر الدعوة وحضن الأسرة

التحدي بين العمل الدعوي والالتزامات الشخصية

الرابط المختصر :