كيف تستمر في طريق الدعوة؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. عادل عبد الله هندي
  • القسم : مناهج الدعوة ووسائلها
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 134
  • رقم الاستشارة : 2379
15/08/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب أحب الدعوة وأحرص على ممارستها بشكل صحيح ونقي، ولكن للأسف أجد في ميادين الدعوة بعض الأشخاص الذين لا يلتزمون بأخلاق الإسلام، منهم من يمد يده إلى المال الحرام، ومنهم من يقيم علاقات محرمة، وبعضهم يقع في الخطأ وهو يعلم ذلك، ومع ذلك يتصدرون المشاهد أمام الناس، وهذا يجعل نفسي تضعف ويأس ينتابني، فأشعر أن هذه الدعوة لا تليق لي مع وجود هؤلاء، فما نصيحتكم لي؟ كيف أستطيع أن أستمر وأمارس الدعوة بصدق وإخلاص وسط هذه الأجواء؟

الإجابة 15/08/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أخي في الله، أقدر مشاعرك وأتفهم مقدار الألم والاضطراب الذي يعتريك حين ترى من يحمل لواء الدعوة من لا يلتزم بأخلاق الإسلام وسلوكياته، فقد يكون ذلك مصدر إزعاج نفسي وإحباط، لكنني أؤكد لك أن هذا شعور طبيعي في طريق الدعوة، وأن التحديات والمحن من سنن هذه المهنة العظيمة.

 

أولاً: الدعوة إلى الله ليست مرهونة بصلاح كل من يحمل لواءها، فالله سبحانه وتعالى واسع الرحمة، لا يمنع أحدًا من الهداية، ويعلم سرائر القلوب وأسرار النفوس، فالذين يخطئون ويرتكبون المعاصي قد يكونون في طريق العودة إلى الله، ولعلهم في مرحلة ضعف أو اختبار.

 

ثانيًا: قال النبي ﷺ محذرًا من الغلو والتشدد: «إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين»، والغلو هنا يشمل التشدد، لكن هناك أيضًا أصحاب أخلاق منحرفة لا يجوز أن يُعتبروا نموذجًا للدعوة، مع ذلك يجب أن لا تدع ضعف هؤلاء يؤثر على عزيمتك.

 

ثالثًا: يجب أن تعي أن النبي ﷺ لم يكن كل من حوله مثالاً كاملاً، بل كان يصحح ويرشد، فكم من صحابي كانوا ضعفاء في البداية ثم هداهم الله وارتقوا، فمثلاً: عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في البداية شديد الغضب، لكنه صار عمر الفاروق أحد أعظم قادة الإسلام، وهذا معاذ بن جبل رضي الله عنه كان شابًّا يافعًا لكنه كان من أعظم علماء الصحابة.. إنّ هذه النماذج تدل على أن الإنسان مع الاستمرار والصبر والتوبة يصلح ويتقدم.

 

رابعًا: عليك ألا تجعل ضعف البعض سببًا لضعفك أو توقفك، فقد قال النبي ﷺ: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا»، فالتيسير هو منهج الإسلام، والاعتدال طريق النجاة.

 

خامسًا: اجعل همتك منصبة على الإخلاص لله وحده، ولا تلتفت كثيرًا لما يفعله الآخرون، فإن الله ينظر إلى القلوب والنيات، قال تعالى: ﴿من كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾.

 

سادسًا: التمس الرفقة الصالحة التي تشد أزرك وتعينك، وابتعد عن مجالس الفسق والضعف، فقد قال النبي ﷺ: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» وأيضًا قال: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك ونافخ الكير…».

 

سابعًا: تجديد النية والتوبة المستمرة، واللجوء إلى الله بالدعاء والاستعانة به من أعظم أسباب الثبات.

 

أخي السائل الكريم:

 

تخيل أن هناك شبابًا بدؤوا في دعوة صادقة، واجهوا من حولهم قصورًا أو أخطاءً، لكنهم استمروا وأخذوا بيد زملائهم برفق ولين، وكرم أخلاق، حتى صاروا قدوة، ولم ييأسوا بسبب ضعف البعض، بل كانت هذه التجارب تذكيرًا لهم بمدى حاجة الأمة للدعوة الحقيقية الصادقة.

 

ودعنا ختامًا ندعو الله تعالى: اللهم ثبت قلب أخي على دينك، وارزقه الصبر والإخلاص والهمة العالية، واحفظه من كل فتنة ظاهرها باطل وباطنها حق، واجعل عمله خالصًا لوجهك الكريم، واهد به غيره إلى صراطك المستقيم. اللهم اجعل نوره في قلبه ساطعًا، ولا تجعله من الذين ييأسون من رحمتك، وبارك له في جهده ووقته وأعوانه، آمين يا رب العالمين.

الرابط المختصر :