في "بيت العيلة" هل يجب علي خدمة حماتي؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك ابنتي الغالية في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات، ومبارك لك الخطبة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقك السعادة في زواجك.

ابنتي، أنت لا يجب عليك خدمة حماتك، فعقد الزواج لا ينص على ذلك، وإنما الواجب عليك خدمة بيتك بالمعروف، وهناك خلاف فقهي في المسألة ليس هذا موضعه، ولكن جرت العادة أن تخدم الفتاة بيتها، وكانت السيدة فاطمة بنت النبي ﷺ تخدم بيتها رغم مشقة ذلك (حكم النبي ﷺ بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة وحكم على عليّ بالخدمة الظاهرة).

والخدمة الباطنة: العجين والطبخ والفرش وكنس البيت واستقاء الماء وعمل البيت كله. وكان ذلك يؤثر على يديها فيصيبها الجفاف وعلى ملابسها فتتسخ سريعًا، وكان الذكر هو علاج ذلك.

وفي "الصحيحين": (أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي ﷺ تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى، وتسأله خادمًا فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها، فلما جاء رسول الله ﷺ أخبرته. قال عليّ: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال "مكانكما"، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على بطني، فقال: "ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا الله ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبرا أربعًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم". قال عليّ: فما تركتها بعد، قيل ولا ليلة صفين؟ قال ولا ليلة صفين).

وكذلك كانت أسماء بنت أبي بكر تقوم بكثير من الخدمات أو كما تقول هي: (كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله، وكان له فرس وكنت أسوسه وكنت أحتش له وأقوم عليه).

ابنتي الغالية، نحن لا نريد القفز على الواقع فأنت كفرد لا تستطيعين مجابهة العادات والتقاليد وحدك، هناك حاجة لحراك مجتمعي واسع خاصة في الريف حتى يتم تغيير نمط المعيشة فيه، فلقد جرت العادة في الريف وفي كثير من بيوت العيلة أن يكون هناك معيشة مشتركة فيتم طهي الطعام وتناوله معًا كعائلة ممتدة، فإذا كان هذا النمط الذي سوف تعيشين عليه فطبيعي أنك ستقدمين كثيرًا من الخدمات لحماتك التي تقضين معظم الوقت في بيتها، وسوف تأكلين على مائدتها، وسوف تقدمين هذه الخدمات حتى لو كانت صحيحة لا تعاني من أي علة.

ولكن هناك نظام آخر مواز انتشر مؤخرًا خاصة في الطبقات الأعلى والأكثر ثقافة، وهو أن تستقل كل أسرة بمعيشتها وطعامها وشرابها، ويتم قضاء بعض الوقت مع الأم والأب كصلة رحم، وفي هذه الحالة أنت لست مسئولة بالتأكيد عن خدمة حماتك، لكن في حال تعبها أو مرضها فإنه من حسن العشرة أن تخدميها وتساعديها خاصة في الوقت الذي يغيبه ابنها (زوجك) في العمل، فمن لا يرحم لا يُرحم.

لكن في حال كونها صحيحة معافاة وأنت مستقلة بمعيشتك، فلا يجب عليك خدمتها في شيء إلا لو قدمت لها بعض المساعدات بطيب نفس ورغبة في صناعة الألفة، ودون إلزام أو التزام بوقت محدد أو خدمات محددة.

ابنتي الغالية، أنصحك أثناء فترة الخطبة وقبل إتمام الزواج أن يتحدث ولي أمرك مع زوجك المستقبلي، والأفضل أن يكون الكلام أمام عائلته بشكل واضح عن نمط المعيشة الذي ستتزوجين وتعيشين في بيت العيلة على أساسه، فكثير من أولياء الأمور يشترطون أن تسكن ابنتهم بشكل مستقل (وهذا هو الأقرب لروح الشرع وللعدالة)، ولا يتركون هذه النقطة معلقة حتى يتم الزواج الفعلي ثم تحدث المشكلات المتوقعة مع نظام المعيشة المشتركة.

والذي يبدو لي من سؤالك أنك تريدين العيش بشكل مستقل بعيدًا عن خدمة حماتك لذلك تسألين، ولكن الإجابة لا تكون في الفراغ، فهناك واقع وهناك عرف، لذلك لا بد من الاتفاق الصريح الذي يضع النقاط فوق الحروف.

المشكلة أن هناك بعض المناطق في الريف لا يوجد فيها إلا النظام الأول الخاص بالمعيشة المشتركة، وفرصة أن تجدي زوجًا لا يريد هذا النظام تكاد تكون معدومة أو أن الخاطب فيه من المميزات الكثير بحيث يصعب رفضه لكنه متمسك بنظام المعيشة المشترك، وهنا ستجدين نفسك مضطرة لتقديم الخدمات للبيت الكبير وستكون حماتك هي المسيطرة على إدارة الأمور، وهنا يجب عليك تعلم مهارات العمل الجماعي بل وتعلم كل المهارات الناعمة وأدوات الذكاء العاطفي والاجتماعي حتى تعيشي حياتك بصورة مستقرة..

اكتبي لنا أكثر عن النظام المعمول به في بيت خطيبك والمخاوف التي تراودك، وستجدين منا آذانا صاغية وقلوبًا متفهمة وأفكارًا تساعدك على التكيف، وفقك الله تعالى وأسعدك قلبك ويسر أمرك.

روابط ذات صلة:

مظالم في بيت العيلة

هل يجب إرضاء حماتي دائمًا؟!