زوجة ابني مهملة.. ما العمل؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : العائلة الكبيرة
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 141
  • رقم الاستشارة : 2497
27/08/2025

أنا أم وابني تزوج من 10 شهور وبابني يشتكي إن زوجته ما تطبخ ولا تنظف ولا تغسل ملابسه، وملابسه دايمًا وسخة. حاولت أحكي لأمها بالحسنى قالت لي خلاص بينحل الموضوع، لكن الموضوع مستمر. أمها كانت كل كم يوم تنزل تنظف وتساعد، والحين عندها ظرف والبنت ما تتحرك، والحمل خلص من شهر ونص، وأنا أحيانًا أروح أطبخ وأنظف رغم ظروفي وزوجي وأولادي والشغل وعمري 58 سنة وارتفاع الضغط. وبابني تعبان بعد الدوام ولازم أجيب له أكل جاهز أو أطهو له وأنظف وأجلي، وهي ما تسوي شيء رغم البيت كله مجهز. أنا تعبت جدًا ومش عارفة أتصرف، محتاجة نصيحة

الإجابة 27/08/2025

أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.. أقدر مشاعرك وأنت تشعرين بمعاناة ابنك وصعوبة حياته وشعورك أنك غير مطمئنة على استقرار ابنك، حتى أنك تبذلين الكثير من الجهد المادي والنفسي، فتشترين له الطعام الجاهز أو تطهين بنفسك، ثم تقومين بالتنظيف وغسل الأطباق، وتتركين زوجك وأولادك ورغم عمرك وحالتك الصحية فتعملين في الخارج وتعملين في بيتك وتعملين في بيت ابنك، وهذا أمر مرهق جدًّا وغير صحي بالمرة.

 

أختي الغالية، قبل أن أحلل لك صورة العلاقة بين ابنك وزوجته أريد أن أحدثك عن صورة العلاقة بينك أنت وبين ابنك.

 

أنت وابنك

 

غاليتي، لقد وصل ابنك لسن النضج وتزوج وأنجب وتحمل مسئولية حياته وبيته وابنه، ولم يعد طفلاً صغيرًا ولا مراهقًا ساذجًا، ولم يعد من المقبول أبدًا التدخل في حياته على هذا النحو حتى لو كان ذلك بدافع الشفقة والخوف.. لقد أصبح ابنك رجلاً، عليك أن تستوعبي ذلك، وألف باء رجولة هو تحمل المسئولية.

 

الرجل -يا عزيزتي- له القوامة في بيته ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾، يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت.. فلو أن زوجة ابنك زوجة سيئة ومهملة ولا تتحرك ومقصرة في حق زوجها على هذا النحو الذي تقولين فزوجها (ابنك) هو الذي له الحق بل عليه واجب إصلاحها بدءًا من النصح والحوار وحتى الهجر والخصام، وليس من حقك التدخل في ذلك بأي صورة.. أنت في أمس الحاجة أن يحدث فطام نفسي بينك وبين ابنك فتتركيه يواجه مسئولياته ومشكلاته.

 

زوجته لا تطهو.. لا تنظف.. لا تغسل هو المتضرر، وهو المسئول عن تقييم الموقف، وهو المسئول عن إيجاد حل، فهو لم يعد طفلاً صغيرًا -كما قلت لك- حتى لا يرى هذه المشكلات (إن كانت موجودة بهذه الدرجة التي وصفتها).

 

خلاصة ما أريد قوله لك أن تبتعدي –عزيزتي- عن حياة ابنك الزوجية.. أنت أمه وستظلين أمه، بعد زواجه لك الحق في الصلة والبر، عليك الدعاء له بالتيسير والبركة، لكن ما يحدث داخل زواجه خارج دائرتك تمامًا، وذلك لصالح الجميع وأولهم أنت، فأنت تبذلين الكثير من الجهد البدني والنفسي بيتك أحق به، بالإضافة إلى أنك مريضة، وكل هذا الجهد يعد تحميلاً زائدًا على صحتك.

 

وعندما ترفعين يدك عن حياة ابنك الزوجية فأنت تمنحينه الفرصة الكاملة لتحمل مسئوليته الكاملة عن بيته وعن حياته.. هو ليس طفلا نبحث له عن طعامه ونظافة ملابسه، وعلى افتراض أن زوجته لا تصنع شيئًا فهو من عليه القيام بمهامه وليس استيراد أمه أو حماته للقيام بذلك.

 

عندما ترفعين يدك عن حياة ابنك الزوجية تساعدين زوجة ابنك على تحمل مسئولياتها، فطالما هي ترى من يسارع لخدمتها وخدمة زوجها وبيتها فمن الوارد ألا تتحرك، ومن الوارد أنها تخشى من ملاحظاتك فتخاف أن تسمع من النقد واللوم ما يؤلمها فتترك العمل.. ربما هي تريد الطهي مثلاً ولكنها تخشى من ملاحظاتك الكثيرة على الطعام فيقوم ذلك بكبح رغبتها في العمل والحركة. ابتعدي قليلا عزيزتي وسوف تجدين الأمور تتجه للحل.

 

ابنك وزوجته

 

على الرغم من أن ما بين ابنك وزوجته هو أمر خاص بهما فقط فإنني سأحاول تقديم تصور موضوعي لشكل العلاقة بينهما حتى يطمئن قلبك ويساعدك ذلك على الابتعاد.

 

لقد تزوج ابنك منذ نحو عشرة شهور، وعلى ما يبدو فإن زوجته لم تخرج غاضبة لبيت أهلها طيلة هذه الفترة ولم يحدث بينهما مشكلات ساخنة تناهت لسمعك، ولم يذهب هو ليشكو لوالدها أو والدتها، بل وأثمر هذا الزواج عن طفل وزوجته حاليًا تتعافى من فترة النفاس.. هذا كله يشير إلى أن علاقة ابنك بزوجته مستقرة وهادئة.. تتساءلين كيف يكون ذلك وهي مقصرة في الطهي والتنظيف؟

 

أقول لك -يا عزيزتي- إن أولويات ابنك في الزواج وما ينتظره منه مختلف عن أولوياتك، ولولا أنه يشعر بالراحة مع زوجته لوجدت كل يوم مشكلة، إنه يشعر بالإشباع في هذه العلاقة، وهذا يكفيه أو على الأقل هذا يمثل له الأولوية، هو لم يتزوج لأنه يريد من يطهو ويغسل ملابسه، فلقد كان في بيتك يحصل على هذه الخدمات، لقد كان يبحث عن شيء آخر ووجده.. ألا يعني هذا أن الطهي والتنظيف أمور مهمة لاستقرار الحياة؟.. نعم هي كذلك بالفعل.. لكنها ليست على رأس الأولويات بالنسبة لابنك..

 

أُقرب لك الأمر، لو تصورت أن الحياة الزوجية عبارة عن مقررات تشبه المقررات الدراسة، فهناك مقررات تحصلين فيها على امتياز وأخرى على جيد جدًّا وجيد، وهكذا حتى مقررات الرسوب فيها ضعيف يمكن أن ينجح مع استخدام الرأفة وهناك ضعيف جدًّا.. وزوجة ابنك حصلت على تقديرات عالية في مقررات لها الأهمية عند ابنك ولكنها متعثرة في مقررات أخرى، فهو يتغاضى عنها ويتغافل أو يبحث عن حل لها..

 

هو يرى أنه لا مانع من شراء الطعام الجاهز أحيانًا.. هو على استعداد لتناول طعام بسيط معمول بطريقة غير احترافية.. أما غسل الملابس وغسل الصحون في ظل توافر آلات تقوم بالعمل فلم يعد يمثل أي مشكلة، وليس معنى أنه تصادف أنك رأيته مرة يرتدي ملابس غير نظيفة أن هذا هو الأصل.. يستطيع ابنك أن يأتي بعاملة منزلية.. يستطيع أن يقدم مساعدات بنفسه.. ما أقصده أن هناك كثيرًا من الحلول لهذه المشكلة فهي ليست مشكلة وجودية بالنسبة له..

 

وأخيرًا، أذكرك أن هذه الفتاة تمر بفترة نفسية حساسة بعد أن أصبحت أُمًّا فهي لا تكاد تنام الليل، ومعظم الأمهات خاصة في المرة الأولى يعانين كثيرًا وبعضهن يصاب باكتئاب يطلق عليه اكتئاب ما بعد الولادة؛ فكوني رحيمة بها ولا تسلطي الضوء على تفاصيل حياتها ودعيها هي وابنك يتعلمون معًا كيف يخططان لحياتها ويمضيان بها قدمًا.. يسر الله أمر ومتعك بالصحة والعافية وأقر عينك ببر أبنائك بك.

 

الرابط المختصر :