Consultation Image

الإستشارة 04/03/2025

أنا أعمل في السعودية، وزوجتي موجودة في الأردن مع ابني. والدي يمتلك منزلاً ويقيم فيه مع والدتي وأختي. طلبت من زوجتي الإقامة في منزل والدي لفترة مؤقتة حتى يتسنى لي إحضارها إلى السعودية، لكنها ترفض، وتصر على البقاء في منزل والدها. لدي أسباب كثيرة لعدم رغبتي بقاء زوجتي مع أهلها، منها أني لا أريد لزوجتي أن تستمع لأمها.

سؤالي: هل تعتبر زوجني آثمة ومن واجبها طاعتي؟ أم يعتبر تصرفي إكراها لها على فعل ما لا تريد؟

الإجابة 04/03/2025

أخي الكريم، سلام الله عليك ورحمته وبركاته، ومرحبًا بك، وأشكرك على ثقتك بنا، ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لمساعدتك، إنه على ما يشاء قدير، وبعد...

 

فالعلاقة الزوجية أخي الكريم ليست كسائر العلاقات، وقد سماها المولى عز وجل (الميثاق الغليظ)، لذا فهي تتمتع بخصوصية معينة؛ إذ يجب أن تقوم على المودة والرحمة والإعذار والتعاون، والتغافر والتغافل، والكثير من القيم الفاضلة التي بدونها تتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق، وقد يؤدي فقدانها إلى خراب البيوت، وإنهاء علاقة الزواج، وما يترتب على ذلك من تبعات مزعجة ومرهقة، يتحمل إصرها كل أفراد الأسرة.

 

لذا أخي الحبيب، أدعوك إلى النظر إلى المشكلة من جانب آخر، فالحكم الشرعي في طاعة المرأة لزوجها فيما ليس فيه معصية، هو حكم معروف وثابت، ولا أحد يجادل في وجوب طاعة الزوجة لزوجها، وتنفيذ أوامره والسعي في رضاه طالما لم يأمرها بمعصية، إلا أننا لا يجب أن نستخدم هذا الحكم الشرعي استخدامًا متعسفًا مع زوجاتنا، فنرغمهن على طاعتنا إرغامًا أو نحملهن ما لا يطقن، بل الأفضل والأجمل والأنسب أن نجعلهن يفعلن ذلك بالحب والتراضي والتفاهم، دون أن نجعل حق الزوج في الطاعة سيفًا مسلطًا على رقابهن.

 

والنبي صلى الله عليه وسلم دعا بالرحمة للرجل السمح، وأمرنا بالتيسير وعدم التعسير، وأوصانا بالنساء خيرًا، ووصفهن بالأسيرات عندنا.

 

كان لا بد من هذه المقدمة أخي، حتى تسلك في حوارك مع زوجتك طريقًا آخر غير طريق إرغامها على طاعتك، فهو وإن كان من حقك، لكن ما أجمل أن تحصل هذا الحق بطريقة يحفها التفاهم والرضى.

 

وقد فهمت أخي من رسالتك أنه لا يوجد لكما سكن مستقل في الأردن، أو ربما لكما ولكن لا تستطيع زوجتك وابنك أن يعيشا وحدهما فيه؛ لذا وجب إقامتهما عند أهلها أو أهلك؛ لذا أرى من الأفضل أخي أن تتحاور مع زوجتك بصراحة في أسباب رفضك لإقامتها عند أهلها، ومناقشة هذه الأسباب ومحاولة إقناعها بها، وأيضًا يجب أن تشجعها على إبداء أسبابها لرفض إقامتها عند أهلك، فربما لديها أسباب تقنعك بها، فاجعل صدرك رحبًا ولا تجعل القضية أهلها وأهلك، بل اجعل القضية أيّ المكانين أنسب وأفضل وأكثر أمنًا وراحة لإقامة زوجتك وابنك، وبالتأكيد – أخي الكريم – أنت تعلم أن الإنسان لا يستريح إلا في بيته أو في بيت أهله الذين عاش معهم عمرًا طويلاً وألِف طباعهم.

 

ولتعلم أخي أن سبب رفضك لإقامة زوجتك وابنك عند أهلها وهو خوفك من أن تستمع لكلام أمها، لن يمحى ولن يزول أثره إذا تركت زوجتك هذا البيت وذهبت لبيت أهلك، فالأمر ليس متعلقًا بالإقامة؛ فالاستماع لكلام الأم من الممكن أن يحدث عبر الهاتف أو في زيارة أو بأية طريقة من طرق التواصل، وما أكثرها في عصرنا، ولكن الأمر يتعلق بشخصية الزوجة وعلاقتكما مع بعضكما البعض، ومقدار التفاهم والحب بينكما، والذي إن كان قويًّا فإنه يمنع تأثير أي كلام يقوله أي شخص مهما كان.

 

فإن تفاهمتما واتفقتما على وضع ما، فليحاول كل طرف من جانبه أن يشعر أهله برضاه عن هذا وموافقته عليه، وأنه أنسب وأفضل الخيارات، وأنه يفعل هذا مقتنعًا، حتى لا تحدث مشكلات وضغائن بين العائلتين، أو بين زوجتك وأهلك، أو بينك وبين أهل زوجتك، قد تستمر طويلاً.

 

وأنصحك أخي أن تسعى بكل ما تستطيع لإحضار زوجتك وولدك إلى محل عملك بالسعودية في أسرع وقت، لتنتهي هذه المشكلة، وأوصيك ألا تقطع التواصل مع أهل زوجتك، وأن تساعدها على صلة رحمها، لتعامل هي أهلك نفس المعاملة، وتساعدك على برهم.

 

وفي النهاية أدعو الله عز وجل أن يجمع شملك بزوجتك وولدك، وأن يرزقكما السعادة في الدنيا والآخرة، وتابعنا بأخبارك.