الإستشارة - المستشار : د. موسى المزيدي
- القسم : إدارية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
15 - رقم الاستشارة : 2103
03/07/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كثير من الناس يقومون بالتفكير في أمورهم قبل اتخاذ قرارات أو بدء أعمال جديدة أو تصحيح مسار حياتهم، ما أهمية التفكير؟ وما الفرق بين الإنسان الذي يفكر وغيره في رؤية الأمور والتعامل معها؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي الفاضل في موقع استشارات المجتمع، وبعد:
فالله سبحانه وتعالى ميز الإنسان بالعقل والتفكير، ليستطيع أن يدير شؤونه ويعمر الأرض، والفرق كبير بين الإنسان المفكر والإنسان العادي في رؤية الأمور والتعامل معها، وتناولت هذا الموضوع في الكبسولة الرابعة من كبسولات النجاح العشر والتي تبدأ بحرف الواو.
وسِّع نطاق أمانيك:
أخي الفاضل، يُحكى أن رجلاً كان يغسل سيارته الجديدة، فعندما رآه جاره، سأله في دهشة: متى اشتريت هذه السيارة؟! فأجاب صاحب السيارة قائلاً: أخي، هو من اشتراها لي، وأعطاها لي هدية، فرد عليه جاره: تمنيت لو أن لي سيارة مثلها.
فرد عليه صاحب السيارة قائلاً: كان ينبغي أن تقول: تمنيت لو أن لي أخًا مثل أخيك، أو تقول: تمنيت لو أكون شخصًا مثل أخيك. هكذا تكون الأماني الواسعة العظيمة. لا تكن أمنيتك أن تبقى على قيد الحياة فقط، وإنما:
أن تعيش حيويًّا، بعد أن تبقى على قيد الحياة.
وأن تستشعر، بعد أن تتلمس.
وأن تُراقِب، بعد أن تنظر.
وأن تتشرب بالعلم، بعد أن تقرأ.
وأن تُصغي، بعد أن تسمع.
وأن تفهم، بعد أن تُصغي.
أخي الكريم، يُحكى أن صيادًا كان يصطاد سمكًا، وكان كلما اصطاد سمكة كبيرة ألقاها في البحر، وكان يحتفظ بما يصطاده من سمك صغير فقط.
فسأله أحد المارة في دهشة! لماذا تلقي السمك الكبير في البحر؟ فأجاب الصياد:
ليس لديَّ في المنزل فرن كبير يسع ما أصطاده من سمك كبير!
هكذا التفكير الضيق.
وهكذا الأماني الضيقة.
وضِّح أهدافك في الحياة واكتبها في ورقة:
يُفكِّر الإنسان العادي كيف يعيش يومه. أما الإنسان غير العادي فهو يفكِّر كيف يعيش حياته.
يُفكِّر الإنسان العادي في مهمات يومية عليه أن يُنجزها. أما الإنسان غير العادي فهو يُفكِّر في أهداف، وغايات على المدى القريب، وأخرى على المدى البعيد يريد إنجازها.
يُفكِّر الإنسان العادي في ضمان قوت يومه. أما الإنسان غير العادي فهو يُفكِّر في ضمان فرص ذهبية في حياته.
الإنسان الذي يسير في هذه الحياة من دون تحديد لهدف، كالرامي الذي يرمي ببندقيته، من دون تحديد هدف يصوب نحوه.
الإنسان -من الناحية الجسدية- هو من أضعف مخلوقات الله: لا يستطيع الطيران مثل الطير، بإمكان بعوضة أن تقتله، لا يستطيع العَدو كالنمر، لا يستطيع السباحة كالتمساح، لا يستطيع تسلق الأشجار كالقرد، لا يملك بصرًا حادًّا كالنسر، ولا يملك مخلبًا وأنيابًا كالأسد.
الإنسان يملك أغلى هدية أُهديت له من الله، وهي قدرته على التفكير. يمكنه –من خلال قدرته على التفكير- تحديد الأهداف التي يريد أن يحققها في حياته، ويمكنه استحداث بيئة يعيش فيها، ومحيط يتكيف معه، في حين أن الحيوانات تتكيف مع البيئة التي توضع فيها.
من المحزن جدًّا في عالمنا: إنه يوجد ثلاثة أشخاص فقط -من أصل كل مائة شخص- لهم أهداف مكتوبة ومحددة، و14 شخصًا لهم أهداف محددة، ولكنها غير مكتوبة، و83 شخصًا ليست لهم أهداف. يعيشون كالرامي بالبندقية، يطلق النار عشوائيًّا، من دون هدف واضح يصوب نحوه.
تحديـــــد الأهداف يعطيــــك إحساسـًا بالاتجاه الذي تريد السيـــر فيه في حياتــتك (Sense of direction).
أخي الكريم، كن في توضيح أهدافك مثل تذكرة السفر، فهي لا تُسمَّى تذكرة سفر إلا إذا احتوت على المعلومات التالية:
مكان الانطلاق (مكان إنجاز الهدف ابتداءً).
مكان الوصول (مكان إنجاز الهدف انتهاءً).
نوع الدرجة في الطائرة (أهمية الهدف).
السعر (ثمن إنجاز الهدف).
تاريخ الرحلة (بدء تنفيذ الهدف).
صلاحية التذكرة (المدة الزمنية المطلوبة لإنجاز الهدف).
فالهدف بحاجة إلى العناصر الستة المذكورة أعلاه.
الأهداف بحاجة إلى أحرف كلمة Smart، وهي أن يكون الهدف:
مُحددًاS = Specific
مُقاسًاM = Measurable
مُحققًاA = Achievable
واقعيًّاR = Realistic
مُؤطرًا بزمن T = Time-bound
وقّت للأعمال واضبط زمن إنجازها:
أخي الفاضل، يُحكى أن سبّاحًا أراد أن يقطع قناة كاتالينا -بين فرنسا وبريطانيا- عام 1952م، وكانت ضفاف هذه القناة على الطرف الآخر كثيفة الضباب.
بدأ السبّاح رحلته من دون أن يؤقت لها زمنًا محددًا، وكان ينظر مرارًا في أثناء السباحة إلى الضفة المقابلة، فلا يستطيع أن يرى شيئًا لكثافة الضباب، فاستسلم من دون أن يكمل رحلة السباحة.
كم كانت دهشته حينما اكتشف أنه على بعد نصف ميل فقط من خط الوصول إلى الضفة المقابلة، لكنه لم يصطنع لنفسه الأعذار.
قرر السبّاح أن يخوض هذه التجربة بعد شهرين، وذلك بعد أن حدد لنفسه زمنًا لتحقيق هدفه. كم كانت دهشته حينما قطع القناة في زمن أقل من زمن الذين سبقوه بساعتين!
وأخيرًا، اجعل لكل هدف وقتًا لإنجازه، والتزم به. عليك أن تُنهي ما بدأته، فإن لم تستطع فعليك أن تعدّل الإطار الزمني لهدفك. ينبغي عليك ألا تُلغي هدفًا مفيدًا قد حددته سابقًا.