سيدة أعمال وحياتي الزوجية مهددة

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 155
  • رقم الاستشارة : 3103
30/10/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا ست متجوزة بقالى عشر سنين. بدأت حياتي الزوجية ببساطة شديدة، فخطوبتي كانت دبلة وخاتم بس، وبعد الفرح باعهم جوزي ومجبش بدالهم. مع إنه كان حاله كويس مادياً في البداية، بس ماكنش شايف أهمية الموضوع، وفضلت ساكتة.

بعد وفاة والدي – رحمه الله – تم تقسيم الميراث، وحسيت إني فقدت السند والحماية وما عادش عندي بيت ألجأ له. استثمرت الميراث اللي وصلني وفتحت نوفوتيه صغير لبيع مستحضرات التجميل والإكسسوارات النسائية. بدأت أشتغل من الصبح للليل، أتعلم البيع والتعامل مع الزباين، وأوفر كل جنيه أقدر عليه. كنت بجمع قرش فوق قرش، وحلمي إن مشروعي يكبر وأعيش بكرامة واستقلال مالي.

وبفضل ربنا، المحل بدأ يكبر. ضفت أقسام جديدة للعطور والحقائب والإكسسوارات، وبعدين قدرت أفتح بوتيك صغير لبيع الملابس النسائية المختارة والراقية.

دلوقتي بقيت مسؤولة عن كل حاجة من الحسابات للشراء وخدمة الزباين، وفلوسي كفاية ومستقلة بالكامل، ودهب كتير معايا من شغلي الطويل. مع مرور الوقت، وضع جوزي المادي اتراجع بسبب خساير متعددة وفشل في بعض مشاريعه، وبقى يعتمد عليا في مصاريف البيت وبعض الأمور العائلية.

في الفترة الأخيرة، جوزي طلب مني أساعد أخته في تجهيز بنتها للفرح، وقال إنه مش معاه سيولة كافية لتغطية نص الجهاز. أنا رفضت أتحمل نص الجهاز كله، وقلت له إن اللي أقدر أعمله هدية رمزية من قلبي: "هجيب لها غسالة وثلاجة وبوتاجاز كهدية مني." هو حاول يضغط، لكن أنا رديت له بثقة: "فلوسي من تعبي وجهدي، وبعد توفيق الله لي، ومش هضيع رأس مال مشروعي ولا دهبي لأي حد، المسؤولية على أهلها وزوج بنتهم."

دلوقتي عندي استقلال مالي كامل، أقدر أشتري بيت أو أستأجر براحتى، ومش محتاجة أرجع لأي حد أو أتعرض لأي ضغط. كل اللي حققته في شغلي نتيجة تعبي وجهدي، وبعد توفيق الله لي، ومحدش له الحق يجبرني على أي حاجة.

لكن دلوقتي أنا محتارة، لأنه خيرني بينه وبين مشروعي: إما أقفل مشروعي وأقعد في البيت وهو يصرف عليا وعلى العيال، أو أتمسك بشغلي واستقلالي وأواجه الضغوط العائلية.

أسئلتي هل أنا على حق إني متمسكة بشغلي ودهبي؟ هل من حق جوزي أو أي حد يطلب مني أبيع جزء من مالي لمساعدة أهله أو تدمير مشروعي؟ إيه الموقف الشرعي والاجتماعي الصح في الحالة دي، خصوصًا مع خياري بين الاستقلال المالي وبين بقاء العلاقة الزوجية؟

الإجابة 30/10/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.

 

لقد منحك الإسلام ذمة مالية خاصة بك، ولا شك أن هذا المال الذي بذلت جهدك فيه هو حقك الشرعي لا خلاف على ذلك؛ فرأس المال كان ميراثك، وجهدك وعملك هو ما جعل مشروعك ينمو ويتطور طبعًا بفضل الله عليك، ومن ثم استطعت أن تصلي لهذه الحرية المالية.

 

ضوابط عمل المرأة

 

غاليتي، عمل المرأة مشروع بالتأكيد ولكن بضوابط محددة يأتي على رأسها ألا تهمل بيتها وزوجها وأطفالها، وأنت تعملين من الصباح وحتى الليل وتقومين بجميع مهام العمل التجاري: الشراء.. الحسابات.. خدمة العملاء، فهل بعد كل هذا الجهد الشديد تهتمين ببيتك وزوجك وأطفالك بصورة لائقة؟ أجيبي نفسك بصدق.

 

يقول كثير من الفقهاء إن الأعباء المالية التي تترتب على عمل المرأة هي من تتحملها وعلى سبيل المثال.. لا وقت لديك للطهي قومي بشراء الطعام الجاهز أنت المسئولة عن ذلك.. تأتين بعاملة منزلية تساعدك في إدارة البيت أنت مسئولة عن ذلك.. طفلك الصغير يذهب للحضانة مبكرًا أنت مسئولة عن ذلك.. طفلك الذي كنت تدرسين له لم يعد له وقت فاحتاج لدرس أنت مسئولة عن ذلك، وبالتالي فهناك جزء من مصاريف البيت يجب أن تتحمليها لأنها ترتبت على عملك.

 

لك أجران

 

لست أدري هل تتحملين مصروفات البيت بالكامل أم مصروفات محددة فقط كما أشرت لك، فإن كنت تتحملينها بالكامل نتيجة ظروف زوجك الاقتصادية السيئة وفشله في مشروعاته فهذا فضل منك وإحسان وصدقة جائزة.. بل ولك أجران، فعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال رسول الله: "تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن"، قالت: فرجعت إلى عبد الله فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد، وإن رسول الله ﷺ قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزئ عني وإلا صرفتها إلى غيركم.

 

قالت: قال لي عبد الله: بل ائتيه أنت، قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله ﷺ حاجتي وحاجتها، قالت: وكان رسول الله ﷺ قد ألقيت عليه المهابة، قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله ﷺ فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما عن أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن، قالت: فدخل بلال على رسول الله ﷺ فسأله، فقال له رسول الله ﷺ: "من هما؟"; قال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال له رسول الله ﷺ: "أي الزيانب؟" قال: امرأة عبد الله، فقال رسول الله ﷺ: "لهما أجران، أجر القرابة، وأجر الصدقة" متفق عليه، واللفظ لمسلم.

 

ولكن احذري –غاليتي- بالمنّ على زوجك بهذا المال أو الانتقاص من رجولته وقوامته كونه يحتاج إليك.. بل كوني كريمة معه هادئة ولطيفة.. فالرجل عندما يتعثر ماديًّا يكون حساسًا للغاية ويشعر باهتزاز في ثقته في نفسه، وواجبك أن تمنحيه دون أن تجرحيه وتعززي ثقته بنفسه حتى يستطيع الوقوف على قدميه مرة أخرى، وهذا دورك كزوجة وفية.. لا بد أن يكون لديه الوقت الكافي للحديث معه ودعمه، والأهم من الوقت أن يكون لديك الطاقة النفسية لفعل هذا، فهذا هو دورك الذي لا بديل له، فقد تأتين بمعلمة لطفلك وعاملة لبيتك، لكن دورك كزوجة لن يقوم به أحد غيرك.

 

صفقة خاسرة

 

يبدو لي أن زوجك تجاهل ما يشعر به كزوج من تقصير مقابل أن يشعر أنه له حق في هذا المال، وهذا ما شجعه أن يطلب منك منحه المال اللازم لنصف جهاز ابنة أخته، فهو يتركك تعملين منذ الصباح وحتى الليل دون اعتراض وربما تعودين منهكة فيتنازل عن حقوقه الزوجية أيضًا مقابل أن يعتمد عليك ماليًّا في الوقت الذي تراجعت ظروفه المادية، والحقيقة أن موقفه هذا ليس صحيحًا بحال من الأحوال، فكان يجب عليه تنبيهك إذا كان يشعر أن حقوقه كزوج منتقصة لأنه حتى لو أعطيته المال كله فسيظل يشعر بالحرمان النفسي والعاطفي.

 

والأمر الثاني الذي أخطأ فيه أنه لم يشرح لك وجهة نظره في إدارة المال، بمعنى أنه لم يخبرك بشكل صريح أنه يتنازل عن حقوقه مقابل حصة معينة من المال، وهو وإن كان أمر غير مقبول ولا يستقيم، لكن على الأقل واضح وصريح وشفاف بحيث يكون لك حق القبول أو الرفض أو التعديل.

 

لكن المشكلة بدت فجة وسخيفة وأنت تشعرين أنه يبتزك، فإما مال كثير لجهاز البنت ولو بعت بعض الذهب أو أخذت جزءًا من رأس مال المشروع، وإما تجلسين في البيت وتقومين بتصفية المشروع الناجح الذي استثمرت فيه سنوات من الجهد، وإما فحياتك الزوجية مهددة.. وهذا ما جعلك حتى تتذكري الخاتم والدبلة الذهبية اللذين أخذهما منك، ويبدو لي أنهما كانا كل ذهبك ولم يعوضك عنهما؛ لأنك كنت ترغبين أنه يبذل لأجلك فإذا بك تجدين العكس هو الذي يريد الأخذ منك وبصورة فيها مبالغة.

 

أنت أيضا –غاليتي- يدور بداخلك سيناريو سلبي، فأنا معي من المال ما يكفي لشراء بيت خاص بي وبأولادي ولدي دخل يجعلني أعيش معهم بكرامة، فلماذا أقبل بهذا الابتزاز؟!

 

فن التفاوض

 

أختي الكريمة، أريدك أن تتعلمي فن التفاوض حتى تستطيعي أن تعظمي مكاسبك للحد الأقصى وتقللي خسائرك للحد الأدنى.. لذلك أقترح عليك الحديث مع زوجك بهدوء وتخبرينه بمكانته في قلبك وأنكما أنتما الاثنان في قارب واحد وأنك لا يمكن أن تتركيه في أزمة أبدًا، لكنه في المقابل لا يرضى بخسارة مشروعك بعد كل هذه السنوات، وأنك لا تستطيعين أن تأخذي من رأس مال المشروع، وأن ذهبك هذا هو خيار الطوارئ وهو استثمار استراتيجي للمستقبل، وأن إمكانيتك الآن تسمح بشراء الأجهزة الثلاثة، وهذا ليس بالقليل أبدًا، وأنك تعتبرين هذه الأجهزة هدية منك للعروس.. لو أن عليك زكاة وجب وقت إخراجها فامنحيه أيضًا منها باعتبار العروس فقيرة لا تملك ثمن الجهاز الذي لن تتزوج دونه، وقولي له لولا هذا المشروع ما استطعت شراء هذه الأجهزة أو دفع هذا المال أو الحفاظ على استقرار أسرتنا الاقتصادي، فكيف أقوم بتصفيته؟!

 

اقترحي عليه أنك ستعملين لنصف الوقت فقط بحيث تفوضين بعض المهام لآخرين، قد تقل الأرباح نعم ولكنك ستربحين زوجك واستقرار عائلتك، فهناك أشياء لا يمكن تقييمها بالمال والذهب.

 

فوضي بعض مهامك لفتيات يتمتعن بالخبرة والمهارة، وراقبي المشروع عن بعد بمساعدة الكاميرا، وكثير من أصحاب المشاريع يفعلون ذلك لا يتواجدون طيلة الوقت وينتقون شخصًا أمينًا للمساعدة في إدارة المشروع ومتابعته جزئيًّا عن بُعد.

 

وبهذه الطريقة تجدين الوقت الكافي للاهتمام بزوجك وبأطفالك ويستشعر أنك حققت مطلبه ولو بصورة جزئية فيشعر أن له تأثيرًا ملموسًا عليك وفي الوقت ذاته لن تدفعي في تجهيز ابنة اخته إلا ما ارتضيته أنت بطيب نفس.. أسعد الله قلبك وأصلح ما بينك وبين زوجك، وبارك في مالك، ورزق زوجك وأصلح حال تجارته، ودمت زوجة متعاونة وفية مرنة ذات قلب دافئ طيب، وتابعينا بأخبارك دائمًا.

 

روابط ذات صلة:

مضغوطة بين العمل والمنزل والخلافات الزوجية

الرابط المختصر :