هل جيل Z أكثر إلحادًا؟

<p style="direction: rtl;">هل جيل Z أكثر إلحادًا مقارنة ببقية الفئات، وهل فعلا الإلحاد أكثر انتشارا في الشباب من ذي قبل، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا هذا الإلحاد الشبابي؟</p>

أخي الكريم، الإلحاد أزمة لأهل الأديان جميعًا، بعدما أخذ الإلحاد أشكالاً جديدة، فلم يعد مقتصرًا على إنكار وجوده الخالق سبحانه وتعالى، ولكن الذي أصبح الأكثر انتشارًا هو أن الشخص يفضل أن يكون بلا دين ولا إيمان ولا اعتقاد، وأزمة غياب الدين تعني غياب المنظومات الأخلاقية والقيمية التي ترتكز على الدين في تقويم السلوك الإنساني.

 

في الوقت الراهن أشكال الخروج على الدين متنوعة، والإلحاد المجاهر بإلحاده يبدو أقل في الظاهر، لكن يسعى لبث تغييب الضمير والأخلاق بين الناس وبخاصة الشباب من خلال الفحش والعري والفسق وتهوين بشاعته؛ لذا باتت الصور الفاضحة مألوفة وغير مستنكرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وهنا نأتي لمناقشة سؤالكم عن انتشار الإلحاد في جيل Z مقارنة بفترات سابقة، وجيل Z هو الجيل الذي نشأ ميلادًا ووعيًّا مع ظهور الإنترنت، وتشكلت ثقافته وقيمه ووعيه من خلال الرقمية.

 

سمات الجيل Z

 

جيل Z هو الجيل الذي ولد في الفترة ما بين عام 1997 وعام 2012م، ويوصف بأنه جيل رقمي أصيل، نشأ مع الانترنت والهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت التكنولوجيا الرقمية إلى مكون رئيسي في حياته وتفكيره وعلاقاته لا يمكن الفصل بينهما، حتى وصف أنه "جيل رقمي بالفطرة"، وأنه جيل أميل للهو والملذات مقارنة بالأجيال السابقة.

 

ومن السمات التي يوصف بها الاسراف في استهلاك وإنتاج الصور والرسائل والفيدوهات الجنسية، ولذلك مردوده النفسي والصحي والأخلاقي على هذا الجيل، كما أن هذا الجيل أكثر معاناة نفسيًّا بسبب الاكتئاب والقلق والتوتر، وقلة النوم التي وصلت إلى أدنى مستوى لها مع انخفاض جودة النوم بسبب التعرض للإشعاعات الصادرة من الهواتف المحمولة التي يقضي عليه هذا الجيل قرابة ثلث يومه مع الرقمية.

 

الجيل z والإلحاد

 

تشير دراسات مسحية في الولايات المتحدة إلى أن الجيل z هو الأقل تدينًا، حيث رصدت التقارير أن أكثر من (34%) من هذا الجيل لا ينتمي دينيًّا، أي بلا دين، لكن الأكثر خطورة -حسب تلك الدراسات- أنه الجيل الأكثر ميلا للتعبير عن إلحاده، فيُعرف 18% أنفسهم بأنهم ملحدون، كما أنه الجيل الأقل حضورًا للشعائر الدينية، والأقل التزامًا بالتعاليم الدينية.

 

تفيد الدراسات أن هذا الجيل نشأ في ظل معاناة انعكست على موقفه من الدين، فأغلبهم نشأ في أسرة يعولها شخص واحد، سواء الأب أو الأم، ولم يصطحب الكثير من الوالدين أبناءهم لحضور شعائر دينية، فجاءت نشأته في الطفولة بعيدة عن دفء الأسرة وطمأنينة الدين، والمعروف أنه في تلك السن المبكرة من الطفولة تُصاغ الهوية الدينية، لكنها مع هؤلاء تعرضت لأزمات وعزلة وإهمال، وربما كان ذلك من مسببات تسرب الأفكار الإلحادية إلى نفوس هذا الجيل، أو بمعنى آخر للأسرة بصمتها الواضح في وجود هذا الإلحاد في جيل z.

 

في حين ذكرت دراسة بريطانية نشرت في مطلع العام 2025 أن جيل z أقل إلحادًا مقارنة بآبائهم وأجدادهم، وقالت الدراسة "إن الله يعود"، وأن الأجيل الأصغر يمكن أن يطلق عليه أنه الأقل إلحادًا، لكنها ذكرت أن أبناء هذا الجيل يغذون حسهم الروحي من خلال الاستمتاع بالطبيعة، وليس من خلال المؤسسة الدينية، فهم ينفرون من تلك الأشكال المؤسسية للدين، وذكر التقرير أن ثلث كنائس بريطانيا لا يوجد أطفال ضمن أتباعها.

 

ومع فقدان اليقين الذي يوفره الدين، أخذ جيل z يلجأ للتنجيم، حسبما ذكرت استطلاعات، حيث لوحظ طفرة في منصات التنجيم على مواقع التواصل الاجتماعي حيث وصل عدد مستخدمي أحد مواقع التنجيم أكثر من (30) مليون شخص، ومن المتوقع أن ترتفع المبيعات المتعلقة بالتنجيم لتصل إلى (22.8) مليار دولار عام 2031م.

 

لكن هناك دراسة أخرى نشرت عام 2023م أجرتها جامعة "هارفارد" أظهرت ارتفاعًا في الأعداد من جيل z الذين يعتبرون أنفسهم كاثوليكا.

 

 الحديث السابق يطرح إشكالين:

 

أولهما: هل تلك الاستطلاعات والدراسات متناقضة بشأن العلاقة بين جيل z والإلحاد؟

 

والإجابة أن هذا الجيل قلق كطبيعة الشباب، ولم يُشكل رأيًّا نهائيًّا حول الحياة وحول اعتقاده الديني، كما أن ضعف تجربته الحياتية، وأزماته تدفعه إلى الانتقال من النقيض إلى النقيض، ومن ثم فالاستطلاعات صحيحة لكنها غير حاسمة ولا نهائية لإصدار حكم قاطع بأن جيل z أكثر أو أقل إلحادًا من الأجيال التي سبقته.

 

ثانيهما: ما علاقتنا كمسلمين وكشباب على وجه الخصوص بجيل z ونتائج الاستطلاعات حول ذلك الجيل الشبابي عالميًّا؟

 

والإجابة أننا في عالم الفكرة والمعلومة والخبر لا يستقر مكانه، ولكن ينتقل في الأرض بسرعة كبيرة، وهو ما يعني أن شباب المسلمين ليسوا بمعزل عن تلك المتغيرات العالمية؛ فالرقمية أوجدت تقطاعات وسمات مشتركة بين شبابنا وما يجري في العالم، وهو ما يفرض أخذ تلك الاستطلاعات على محمل الجد والاهتمام.

 

روابط ذات صلة:

الإلحاد الأبوي.. ماهيته وماديته

هل في الغرب من يعادي الإلحاد؟

الإلحاد الديني والعلمي هل هناك اختلاف؟

ابنها متأثر بأفكار الملحدين.. من الصراخ إلى الاحتواء والحوار