زوجها يشتكي الإهمال وعدم النظافة ولا تحبه.. ما الحل؟

<p>أريد أن يجيب عليَّ أحد المستشارين الرجال..</p> <p><span dir="RTL">كيف يري الزوج إهمال الزوجة في تنظيف البيت.. الفوضي تعم كل مكان... وينبه على التنظيف ولكن دون جدوى... ما الحل لعدم رغبه الزوجة في التنظيف لأنها لا تحب زوجها... أريد دوافع تجعلني أحب بيتي وأنظفه باستمرار؟</span></p>

مرحبًا بك أختي الفاضلة، وأشكرك على تواصلك معنا، وثقتك بنا، وأسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يملأ قلبك بالسكينة والمودة، وأن يُنير بصيرتك للخير، ويُصلح حالك ويسعدك في الدارين، وأن يجعلك قرة عين لزوجك، ويجعل زوجك قرة عين لك، وبعد...

 

فإنَّ تساؤلك هذا يعبر عن واقع تعيشه بيوت كثيرة، وهو صراع بين واجبات الزوجية وواقع المشاعر والجهد، خصوصًا ما يتعلق بنظافة البيت وترتيبه. لا شك أن البيت هو السكن والملاذ، ومستودع للأسرار والمودة، ونظافته وترتيبه ليسا مجرد واجب شكلي، بل هما انعكاس لحالة نفسية وعاطفية عميقة.

 

كيف يرى الزوج إهمال الزوجة في تنظيف البيت؟

 

إن رؤية الزوج لإهمال الزوجة في تنظيف البيت لا تتوقف عند حدود الفوضى المادية، بل تتجاوزها إلى انعكاسات أعمق نفسيًّا واجتماعيًّا.

 

1. الإحساس بعدم الاهتمام وعدم التقدير:

 

البيت بالنسبة للزوج هو مملكته ومكان راحته بعد عناء العمل. عندما يعود ويجد الفوضى تعم المكان، يترجم ذلك عقله الباطن إلى رسالة واضحة: «أنا لستُ مهمًّا بالقدر الكافي لتهيئة مكان راحتي». ويشعر أن زوجته لا تولي راحته أو شعوره بالسكينة أي اهتمام، وهو ما يمس كرامته ومكانته، ولا سيما إذا كان قد نبهها مرارًا. هذا الإهمال يُشعر الزوج بأنَّ جهده خارج البيت لم يُقابل بتقديرٍ أو عنايةٍ داخله.

 

2. إضعاف السكن والمودة والرحمة:

 

القرآن الكريم وصف العلاقة الزوجية بوصف عظيم، فقال سبحانه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكم مِّنْ أَنفُسِكمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21]. والبيت النظيف والمرتب هو البيئة المادية لتحقيق كل ذلك. أما الفوضى فتزعج النفس، وتُقلق البال وتُبدد المودة والرحمة. فالزوج يرى أن هذا الإهمال يهدم أهم ركن في العلاقة، وهو إيجاد بيئة الراحة والهدوء التي تُعين على تحقيق السكن والمودة والرحمة.

 

3. الشعور باليأس والإحباط وفقدان الأمل في التغيير:

 

تكرار التنبيه دون جدوى يُصيب الزوج بالإحباط العميق. يتحول الإهمال من مجرد مشكلة في التنظيف إلى إثبات لعدم رغبة الزوجة في التفاعل الإيجابي أو الاستجابة لمطالبه المشروعة. هذا قد يجعله ييأس من الإصلاح، ويُفكر في البحث عن راحته وسكينته خارج البيت، أو يتطور الأمر إلى فتور عاطفي وبرود في العلاقة، وربما التفكير في الانفصال، أو الزواج من أخرى.

 

4. الانتقاص من الأهل والناس:

 

البيت هو واجهة الأسرة. عندما يأتي ضيف أو أحد الأهل، يصبح الإهمال مُحرِجًا جدًّا للزوج؛ حيث يرى أن هذا الإهمال لا يسيء له وحده، بل يسيء لسمعة بيته، وقد يُضطره للاعتذار عن استقبال الناس، مما يُضيِّق عليه حياته الاجتماعية.

 

ما الحل لعدم رغبة الزوجة في التنظيف لأنها لا تحب زوجها؟

 

أولاً- معالجة جذر المشكلة (فقدان المودة):

 

إنَّ عدم رغبتك في التنظيف ينبع من فقدانك للدافع الأسمى وهو محبة الزوج. فحب الزوج هو وقود العطاء في البيت. لا يمكن إجبار القلب على الحب؛ لكن يمكن العمل على إصلاح ما بينكما من خلال:

 

1. المصارحة الهادئة والاحتواء:

 

يجب عليكما فتح حوار صريح وحميمي بينكما، بعيدًا عن اللوم والانتقاد المباشر. عليكما أن تسألا أنفسكما بصدق: «ما سبب هذا الفتور في علاقتنا؟». قد تكون الزوجة تعاني من ضغط نفسي، أو تشعر بالوحدة، أو الإهمال العاطفي من الزوج. والاحتواء العاطفي هو المفتاح.

 

2. عدم نسيان الأصول:

 

حتى لو فقدت الزوجة الحب، فلا يجوز لها شرعًا إسقاط الواجبات الزوجية والإهمال المتعمد للبيت. فعليها أن تتذكر حقَّ الله عليها وحقَّ العشرة بالمعروف. وإذا كان هناك كره للزوج، فالصبر والمحاولة والإصلاح خيرٌ من الهدم، وقد يأتي الخير من حيث لا تعلم. قال تعالى: ﴿فَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كثِيرًا﴾ [النساء: 19].

 

3. التعاون والمشاركة في الواجبات:

 

على الزوج أن يتذكر سيرة نبينا الكريم محمد ﷺ الذي كان قدوة في التعاون داخل بيته. وقد سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها: «مَا كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كانَ يَكونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ –تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ– فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» [رواه البخاري]. فمشاركة الزوج في بعض أعمال البيت أو على الأقل تقديره لجهدها، يبعث فيها الرغبة في العطاء. فحاولي تنبيهه لهذا الأمر بهدوء ولطف.

 

 دوافع تجعلك تحبين بيتك وتنظفينه؟

 

أيتها الأخت الكريمة، لنبحث معًا عما يحوِّل عملك إلى عبادة، وجهدك إلى متعة، ويشعل جذوة الحب والهمة في قلبك:

 

1. الدافع الإيماني: نيل الأجر والاحتساب لله تعالى:

 

اجعلي نظافة بيتك هدفًا يُرضي الله، وعبادة تُثابين عليها.

 

* النظافة من الإيمان: تذكري الحديث النبوي الشريف: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» [رواه مسلم]. والنظافة تشمل نظافة الجسد، والملبس، والمكان (البيت). فعملك هو جزء من إيمانك.

 

* مرتبة الإحسان: نظافتك لبيتك هي إحسان في أداء واجبك الزوجي، والاحتساب لله في أداء الحقوق يضاعف الأجر. أنتِ بذلك تسعين لتحقيق بيئة السكينة التي أمر الله بها.

 

2. الدافع النفسي والروحي: البيت «محراب للسكينة»:

 

البيت النظيف والمنظم هو أساس الراحة النفسية لك أنتِ أولاً.

 

* الراحة لنفسك: الفوضى تسبب ضغطًا نفسيًّا، وتشتتًا في الذهن، وتُطفئ نور الروح. بينما الترتيب والنظافة تبعث على الطمأنينة والهدوء. اجعلي تنظيف البيت هو تنظيف لروحك من الفوضى والقلق.

 

* تهيئة العبادة: البيت المنظم بيئة مناسبة للعبادة، وقراءة القرآن، وقيام الليل. بيتك هو محرابك، فاجعليه طاهرًا مُهيَّأً.

 

3. الدافع الاجتماعي والتربوي: بناء أسرة سعيدة:

 

نظافة البيت هي مفتاح لتكوين ذكريات جميلة لأبنائك (إن وُجِدوا) ولزوجك.

 

* القدوة الحسنة: أنتِ القدوة لأبنائك في النظام والاهتمام. بيتك يعلمهم كيف يكونون في بيوتهم المستقبلية.

 

* إنعاش المودة والرحمة: النظافة والترتيب يفتحان أبواب المودة والمحبة مع الزوج. عندما يرى الزوج اهتمامك، سيبادله بالتقدير والحب، وهذا قد يكون نقطة بداية لإصلاح العلاقة التي فقدت الحب.

 

نصائح عملية لتنشيط تلك الدوافع:

 

* البدء التدريجي: لا تحاولي تغيير كل شيء في يوم واحد. ابدئي بركن تحبينه، أو غرفة واحدة، أو 15 دقيقة يوميًّا من الترتيب السريع.

 

* أجواء العمل الممتعة: استمعي إلى إذاعة القرآن الكريم أو لبرنامج تحبينه وأنتِ تنظفين. اجعلي العمل مرتبطًا بشيء مريح مبهج.

 

* المكافأة الذاتية: كافئي نفسك بشيء تحبينه بعد إتمام مهام الترتيب والتنظيف.

 

وختامًا أيتها الأخت الفاضلة، إنَّ البيت هو مملكتك، وجنتك في الأرض، وهو نواة المجتمع المسلم. فلا تجعلي الشيطان يستغل فتور المشاعر بينك وبين زوجك ليُفسد عليك واجباتك، فيخسر بذلك زوجك راحته، وتخسرين أنتِ أجر إحسانك.

 

ابدئي الآن بتجديد النية، واجعلي تنظيف بيتك عبادة، لتحصيل السكينة التي أمر الله بها، وإحسانًا تُقابلين به ربك. حتى لو كان الحب غائبًا الآن، فإن الإحسان في العمل سبب لعودة المودة، فالله يضع المحبة في قلوب من يسعون للإصلاح.

 

استعيني بالله، وتذكري أن الأمر كله بيد الله. أدعو الله أن يُلهمك السداد والرشاد، ويجمع بينك وبين زوجك على خير ومحبة وسكينة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روابط ذات صلة:

زوجة ابني مهملة.. ما العمل؟

زوجتي متدينة وطيبة لكنها تهمل بيتها.. ماذا أفعل؟