ما أفضل الطرق للدعوة والحفاظ على الصداقة؟

Consultation Image

الإستشارة 13/10/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا فتاة أحب ديني وأتمنى أن أكون سببًا في هداية من حولي، خاصة صديقاتي. لكنني أحيانًا أشعر بالتردد والحيرة: كيف أبدأ الحديث عن الإسلام بطريقة غير مباشرة لا تجعل الطرف الآخر يشعر بالضغط أو الإحراج؟ وكيف أتعامل مع أسئلة صديقاتي المختلفة، خاصة إن كانت صعبة أو شائكة تتعلق بقضايا الدين؟ كما أنني أحرص على صداقتي بهن ولا أريد أن أخسرها بسبب أسلوب خاطئ مني، وفي الوقت نفسه لا أريد أن أقصّر في إيصال الحق لهن. فما هي أفضل الطرق لذلك؟ وما أبرز الأخطاء التي يجب أن أتجنبها في دعوتي اليومية؟

الإجابة 13/10/2025

مرحبًا بكِ أيتها الأخت المباركة، وأسأل الله لكِ التوفيق والسداد، وأن يجعلكِ من الداعيات الصادقات العاملات، وأن يرزقكِ الحكمة في القول والعمل، فإن الدعوة إلى الله من أشرف المهام وأعظم القربات، بل هي وظيفة الأنبياء والمرسلين، وللجواب عن استشارتكِ، نقف مع عدة محاور متسلسلة.

 

بيان فضل الدعوة ومكانتها

 

* قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ فهو استفهام يحتاج إلى جواب، والجواب: لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله..

 

* ويقول النبي ﷺ: (لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم)، فالدعوة ليست مجرد كلام، بل هي أعظم تجارة رابحة مع الله، ولذا يكفيك أن تستحضري أنك تسيرين على خطى الأنبياء.

 

كيف أبدأ الحديث عن الإسلام بلطف وذكاء؟

 

1. البداية بالقدوة: أفضل طريقة غير مباشرة هي أن تكوني أنتِ نموذجًا عمليًّا للإسلام: صدقًا، أمانة، لطفًا، رحمة، التزامًا بالعبادة. فالناس يتأثرون بالفعل أكثر من القول.

 

2. اغتنام المواقف الطبيعية: إذا دار الحديث عن الأخلاق أو العدالة أو معنى الحياة، يمكنك أن تُدخلي جملة بسيطة، مثل: "ديننا يعلّمنا كذا..." دون أن يكون الأمر محاضرة.

 

3. السؤال الذكي: بدلًا من تقديم جواب مباشر دائمًا، جربي أن تسأليهن: "برأيك، ما الغاية من الحياة؟" أو "هل تجدين أن المال وحده يجلب السعادة؟" ثم اربطي الإجابة برسالة الإسلام.

 

4. المشاركة بالقصص: قصي لهن شيئًا قصيرًا من سيرة النبي ﷺ أو الصحابة بأسلوب مشوق، فالقصص أقرب إلى القلوب.

 

5. التركيز على القيم المشتركة: مثل الرحمة، العدل، الإحسان، فهي قيم إنسانية يقدّرها الجميع، ثم أظهري كيف جاء الإسلام ليكملها.

 

التعامل مع الأسئلة الصعبة أو الشائكة

 

1. الثقة والهدوء: لا تتوتري، فالأسئلة ليست هجومًا بل هي بحث عن جواب.

 

2. الاعتراف بعدم المعرفة: إن لم تعرفي الجواب، فقولي بهدوء: "سأبحث عن جواب صحيح وأعود إليكِ"، فهذا يزيد ثقتهم بك.

 

3. العودة إلى المصادر الصحيحة: القرآن الكريم، الأحاديث الصحيحة، وشروح العلماء الموثوقين.

 

4. فصل الجوهر عن الشبهات: بعض الأسئلة تُطرح حول قضايا مثل المرأة أو الحريات. ركزي على المبادئ الكبرى: عدل الإسلام، تكريمه للإنسان، ثم عالجي التفاصيل بهدوء.

 

5. استخدام أسلوب المقارنة: قارني بين ما يطرحه الإسلام وما هو موجود في الواقع. مثلًا: الإسلام ينهى عن شرب الخمر لما فيه من ضرر، والدراسات الحديثة تثبت مخاطره.

 

الموازنة بين الصداقة والدعوة

 

* الصداقة باب عظيم من أبواب الدعوة، فحافظي عليها بصدق ووفاء.

 

* في الوقت نفسه، لا تجعلي حرصك على الصداقة يمنعك من بيان الحق. اجمعي بين الصدق والرحمة، بين الصدع بالحق ولين الأسلوب.

 

* كان النبي ﷺ أحسن الناس خُلقًا، ومع ذلك كان يقول الحق، حتى مع أقرب الناس إليه، وقد دعا عمه أبا طالب إلى الإسلام وهو على فراش الموت بحزن وحرص.

 

أبرز الأخطاء التي يجب تجنبها في الدعوة

 

1. الجدال العقيم: تجنبي الدخول في نقاشات تنتهي بشجار أو غضب، فهذا ينفّر.

 

2. التسرع في إصدار الأحكام: لا تقولي "أنتِ كافرة" أو "أنتِ ضالة"، فهذا يقطع العلاقة ويغلق القلب.

 

3. التركيز على المظاهر فقط: لا تجعلي دعوتكِ مقتصرة على اللباس مثلًا، بل على معاني الإيمان والقرب من الله.

 

4. الجهل بالمعلومة: لا تنقلي ما لم تتحققي من صحته.

 

5. الضغط والإلحاح: أعطي الطرف الآخر مساحة للتفكير، فالهداية من عند الله لا منكِ.

 

شواهد من التاريخ

 

* في مكة، لما كان النبي ﷺ يعرض الإسلام على القبائل، كان يوازن بين بيان الحق والحكمة، فلم يكن يهاجمهم، بل كان يقول: (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا).

 

* وفي التاريخ الإسلامي، تأثر الناس بأخلاق التجار المسلمين أكثر من خطب العلماء، كما حدث في إندونيسيا وماليزيا حيث انتشر الإسلام بالقدوة والمعاملة الحسنة عن طريق التّجار كما نعلم وتعلمنا.

 

* حتى في عصرنا، كم من الناس اهتدوا لأنهم رأوا مسلمًا صادقًا أو فتاة محجبة خلوقة، أكثر مما اهتدوا عبر الجدال.

 

نصائح عملية لكِ كداعية شابة

 

1. ابدئي بنفسك: حافظي على صلاتك وأذكارك، فالداعية يفيض على الناس مما في قلبه.

 

2. كوني قدوة حسنة: ابتسامة، صدق، مساعدة، لطف في التعامل.

 

3. العلم والتأصيل: اجعلي لكِ وقتًا لحفظ القرآن ودراسة معانيه، وقراءة أحاديث النبي ﷺ.

 

4. التدرج: لا تتعجلي النتائج، فالهداية تحتاج صبرًا.

 

5. الدعاء: اجعلي الدعاء سلاحك، فالله هو الهادي: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾.

 

أختي المباركة:

 

الدعوة ليست مهمة سهلة، لكنها أمانة عظيمة تحتاج قلبًا رحيمًا ولسانًا حكيمًا. لا تقلقي من الحيرة، فهي طبيعية في بداية الطريق. المهم أن تبقي صادقة مع الله، حريصة على رضاه، مستعينة به، متوكلة عليه.

 

أسأل الله أن يفتح عليكِ، وأن يجعلكِ نورًا في محيطكِ، وأن يهدي بكِ من يشاء من عباده، وأن يشرح صدور صديقاتكِ للحق.

 

روابط ذات صلة:

صديقتي العائدة بعد الضياع.. باب للدعوة أم للفتنة؟

رفقًا بصديقةٍ تُصرُّ على الذنوب.. كيف أكون لها بابًا إلى الهداية؟

بين الحب والحق.. كيف أنصح صديق عمري العاصي؟

صديقي مهتم بالإسلام.. ولديه شبهات

الرابط المختصر :