Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 68
  • رقم الاستشارة : 1624
14/04/2025

أنا طالبة في كلية نظرية مش بحبها، بحاول أكون ملتزمة على قد ما أقدر، بصلي الفروض في وقتها، وبلبس الحجاب الشرعي، بس مش باثبت على النوافل والسنن، ساعات بصليها وساعات لأ.

اللي مضايقني إني مش حاسة بأثر الصلاة أو العبادة في قلبي، وبحس إني بعمل الحاجات دي كواجب وخلاص، من غير خشوع أو راحة.

دايمًا حاسة بتوتر وقلق، ومش مطمنة من جوايا، وبابقى مخنوقة كده من غير سبب.

كمان عندي نفور من الناس، ومش بحب أتكلم مع حد أو أقعد في تجمعات. دايمًا حابة أبقى لوحدي، وساعات بعيط فجأة من غير سبب واضح.

كمان علاقتي بأهلي مش حلوة، يعني مفيش دفء أو تفاهم، لا مع بابا وماما، ولا مع إخواتي، بحس إن كل واحد في وادي، ومفيش بينا تواصل.

حاسّة إن قلبي جاف ومش عارفة أرتاح أو أحس بطعم القرب من ربنا.

ليه كده؟ إيه السبب؟ أنا محتاجة أرجع أحس بالسكينة، وأعيش الطمأنينة اللي بيحكي عنها الناس اللي قريبين من ربنا.

أعمل إيه؟ وإزاي أتعايش مع الدراسة في كلية مش بحبها؟ ربنا يجازيكم خير لو توجهوني وتنصحوني.

الإجابة 14/04/2025

مرحبًا بك -ابنتي العزيزة- وأشكرك على تواصلكِ معنا، وأسأل الله أن يبارك فيكِ وييسر لكِ أمركِ، وأن يُفرِّج همكِ، وأن يجعلكِ من الذين تطمئن قلوبهم بذكر الله، ويشعرون بالراحة في قربهم منه، وبعد...

 

فإن ما تشعرين به هو جزء من رحلة الإيمان التي يمر بها المؤمنون في مراحل مختلفة من حياتهم، فكل إنسان يواجه تحديات وصعوبات، ولكن الله -سبحانه وتعالى- لا يترك عباده في ضيقهم؛ بل يفتح لهم أبواب الأمل والراحة واليسر، كما قال تعالى: ﴿فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا * إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 5 و6]. ولكن يجب أن نبحث عن حلول عملية تساعدنا على تجاوز تلك الصعوبات بروح من التفاؤل واليقين والتوكل على الله.

 

العبادة والسكينة القلبية:

 

ابنتي العزيزة، قلتِ إنك تشعرين بأن عباداتكِ أصبحت تؤدى كواجبات دون أن تجدي فيها الأثر الذي تبحثين عنه. وهذا شعور قد يعانيه كثير من المؤمنين، ولا سيما في ظل ظروف الحياة وضغوطها. لكنني أود أن أخبركِ أن الأثر الذي تبتغينه في العبادة لا يأتي إلا إذا كانت عبادتكِ مصحوبة بخشوع حقيقي، وإحساس عميق بقرب الله.

 

وأقترح عليك الآتي:

 

- التركيز في الصلاة: حاولي أن تستحضري قلبكِ في صلاتكِ، وتستشعرين الصلة بالله، والطمأنينة خلالها، وتفكَّري في معاني الآيات التي تقرئينها فيها.

 

- خذي من النوافل ما تستطيعين: فهي من أعظم ما يُقرِّب العبد إلى ربِّه، وهي باب لمحبة الله، كما قال في الحديث القدسي: «وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه» [رواه البخاري]. تدرجي في الالتزام بها، ولا تُثقلي على نفسكِ في البداية، بل اختاري نافلة واحدة -أو اثنتين- تواظبين عليها، كركعتي الضحى والوتر، ثم إذا ثبتت في قلبكِ وصارت جزءًا من يومكِ، أضيفي إليها نافلة أخرى، وهكذا.

 

- الدعاء في أوقات الإجابة: دُبر الصلوات، وفي جوف الليل، وبين الأذان والإقامة، ويوم الجمعة... حتى ولو بكلمات بسيطة، ولكن من قلب حاضر صادق دون تكلف.

 

- تدبر القرآن الكريم: خصصي وقتًا يوميًّا لقراءة القرآن والتأمل في معانيه، حتى ولو كان جزءًا يسيرًا. وإذا صعب عليكِ الفهم، فاستعيني بتفسير مُيسَّر. هذا سيساعدكِ على بناء علاقة أعمق مع كلام الله، ويُشعر قلبكِ بالطمأنينة.

 

التوتر والقلق النفسي:

 

أما بالنسبة للتوتر والقلق الذي تشعرين به، فقد تكون ضغوط الحياة أو الدراسة من أسباب هذا القلق، وقد يأتي من التفكير في المستقبل، والخوف حياله.

 

وأقترح عليك الآتي:

 

- الذِّكر المستمر: حاولي أن تحافظي على أذكار الصباح والمساء، وأذكار الأحوال المسنونة، واملئي أوقات فراغك وانتظارك بالأذكار المتنوعة، تسبيحًا وتحميدًا وتهليلًا، قال تعالى: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].

 

- الاستغفار: داومي على الاستغفار، وروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَنْ لَزِمَ الاستغفارَ جعلَ اللهُ له من كلِّ همٍّ فرجًا، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا» [رواه أبو داود]. فالاستغفار يفتح لكِ أبوابًا للسكينة ويساعدكِ على تخفيف التوتر والقلق.

 

- التأمل في النعم: حاولي أن تدوِّني النعم التي أنعم الله عليكِ بها في دفتر صغير، وعودي إليها كلما شعرتِ بالقلق. تذكري دائمًا أن الله لم يترككِ؛ بل هو معك في كل لحظة، يرعاك ويهديك ويحفظك.

 

نفوركِ من الناس وعلاقتكِ بأهلكِ:

 

أما بالنسبة لنفورك من الناس وعدم راحتكِ في التواصل معهم، فهذا قد يكون ناتجًا عن الضغط النفسي، أو عدم التوافق العقلي أو الروحي مع من حولك، مما يجعلك تميلين إلى الانعزال.

 

واقترح عليك الآتي:

 

- التقرب من العائلة: حاولي أن تبدئي بتقوية علاقتكِ بأفراد أسرتكِ. قد تكون البداية صعبة، ولكن يمكنكِ أن تبدئي بخطوات صغيرة، مثل الجلوس مع أفراد الأسرة لفترة بسيطة يوميًّا، والحديث معهم عن أمور بسيطة من تفاصيل حياتكم.

 

- الاحتساب في العلاقة: تذكري أن الله أمرنا ببر الوالدين والإحسان إليهما، قال تعالى: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا﴾ [الإسراء: 23]. فابحثي عن فرص لإظهار الإحسان والبر.

 

التفاعل مع المجتمع: حاولي أن تشاركي في اللقاءات الاجتماعية الصغيرة، مع الصديقات أو الأقارب، حتى وإن كانت لفترات قصيرة، فهذا سيساعدكِ على تخطي مشاعر النفور والرغبة في العزلة تدريجيًّا.

 

الدراسة في كلية لا تحبينها:

 

ابنتي العزيزة، من الطبيعي أن تشعري بالإحباط عندما تجدين نفسكِ في مسار دراسي لا تحبينه، ولكن تذكري أن الله لا يقدِّر شيئًا إلا لحكمة، وأن ما تمرين به يمكن أن يكون جزءًا من رحلة تطورك شخصيًّا ومهنيًّا.

 

وأقترح عليك الآتي:

 

- التحويل إلى كلية أخرى: إذا كنتِ في بداية دراستكِ وما زال التحويل متاحًا في جامعتكِ، فيمكنكِ التفكير في التحويل إلى كلية أخرى تتناسب مع اهتماماتكِ وقدراتكِ. لا تترددي في استشارة المستشارين الأكاديميين أو أساتذتك لتقييم هذه الفرصة. التغيير في بداية الطريق قد يكون له تأثير إيجابي كبير على مستقبلكِ.

 

- دراسة شيء تحبينه بشكل جانبي: إذا كان التحويل غير ممكن أو إذا كنتِ قد قطعتِ شوطًا طويلًا في دراستكِ الحالية، فيمكنكِ التفكير في دراسة شيء تحبينه بشكل جانبي. يمكنكِ تخصيص وقت بعد دراستكِ الأساسية لتعلم مهارات جديدة أو متابعة مواد دراسية في مجال آخر، فهناك الكثير من الدورات التي يمكنكِ المشاركة فيها عبر الإنترنت، في مختلف المجالات.

 

- ممارسة هواياتكِ: حتى وإن كانت دراستكِ تتطلب منكِ وقتًا وجهدًا، يمكنكِ أن تعوضي ذلك بممارسة هواياتكِ التي تحبينها. وهذا لن يقتصر أثره على الترفيه فقط؛ بل سيساعدكِ على تحسين مزاجكِ وتخفيف الضغط النفسي، مثل الرسم أو الكتابة أو الرياضة، أو أي نشاط آخر يعيد لكِ توازنكِ النفسي.

 

- القراءة فيما تحبين: خصصي وقتًا للقراءة في المجال الذي يثير شغفكِ. فالقراءة في موضوعات تحبينها ستساهم في توسعة آفاقكِ، وتخفف من مشاعر الإحباط التي قد تشعرين بها في دراستكِ الأكاديمية.

 

وختامًا -ابنتي الغالية- لا شك أن رحلتكِ مع العبادة والصلة بالله وبأسرتك والمجتمع من حولك، وكذلك دراستكِ، ستكون مليئة بالتحديات، ولكن إذا اقتربتِ من الله واعتمدتِ عليه، فستجدين السكينة. تذكري دائمًا أن الله معكِ، وكلما تقدمتِ خطوة نحو الله اقتربتِ أكثر من الراحة التي تبحثين عنها. اجتهدي، وتوكلي على الله، وثقي أن الله سيُيسِّر لكِ أموركِ.

 

نسأل الله أن يملأ قلبكِ بالسلام والإيمان، وأن يفرِّج همكِ. نحن دائمًا هنا من أجلكِ، فلا تترددي في التواصل معنا متى أردتِ.

 

الرابط المختصر :