Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 57
  • رقم الاستشارة : 1779
28/04/2025

مساء الخير يا دكتورة، أنا محتاجة آخد رأيك في موضوع محيرني جدًا.

أنا بنت عندي ١٨ سنة، في أولى جامعة، وعندي أختي الكبيرة كانت مخطوبة لشاب قعدوا مخطوبين حوالي سنة وبعدين فسخوا الخطوبة من حوالي ٦ شهور.

الموضوع إن العريس ده رجع ظهر في حياتنا تاني، واتكلم معايا بطريقة محترمة، وقال إنه حاسس إنه ميقدرش يعيش من غيري، وإنه طول فترة خطوبته بأختي كان بيحترمني، ومع الوقت بدأ يحس بمشاعر ناحيتي بس كان بيكتمها عشان يحافظ على احترامه لأختي.

بعد فسخ خطوبته، الموضوع بقى واضح إنه مش قادر ينساني، ولما اتكلم معايا حسيت إني مرتاحة له، وبصراحة أنا كمان كنت بحسه قريب من قلبي طول الوقت من غير ما أصرّح أو أحس إنه غلط.

دلوقتي هو طلب يتقدم رسمي عشان يخطبني، وأنا مش عارفة أعمل إيه.

أنا حاسة إنه بيحبني بجد، وأنا كمان مرتاحة له، بس في نفس الوقت خايفة أكون بظلم أختي أو أجرحها أو أخسر علاقتي بيها.

خايفة كمان من كلام الناس واللي ممكن يقولوه عني وعن أختي وعن عيلتنا.

أنا حاسة إني تايهة ومش عارفة أوافق ولا أرفض.

ممكن حضرتك تنصحيني أتصرف إزاي؟

الإجابة 28/04/2025

ابنتي الغالية،

 

أحييكِ على شجاعتك في طرح هذه القضية الحساسة، وعلى حرصك على مشاعر أختك وعلى رضا الله عز وجل، وهذا دليل على نضج وجداني ورُقي تربوي أسري.

 

دعيني أحدثكِ بقلب الأم قبل خبرة المستشارة:

 

أولًا: من المهم أن تعلمي أن مشاعرك تجاه هذا الشاب، وكذلك مشاعره نحوكِ، هي جزء طبيعي مما يسمى في علم النفس بـ"الارتباط العاطفي" (Emotional Attachment)، وهو ميل فطري بين الجنسين، خاصة عندما تتلاقى الأرواح وتتواءم الشخصيات. ولكن عموما، لا يكفي الميل العاطفي وحده لاتخاذ قرار مصيري كقرار الزواج.

 

ثانيًا: عليكِ أن تتأملي بعين العقل، بعيدًا عن وهج العاطفة، إلى عدة أمور:

 

- هذا الشاب كان مرتبطًا بأختكِ سابقًا، وهذا قد يترك أثرًا نفسيًّا داخل الأسرة فيما يسمى بـ"الصراع الأسري الكامن" (Latent Family Conflict)، خاصة إن لم تلتئم جراح أختك بعد.

 

- العلاقة التي تبدأ على أنقاض علاقة قديمة، قد تكون عُرضة لما يُعرف بـالإسقاط العاطفي؛ إذ قد تحملين أنت مشاعر ذنب دائمة تؤثر على استقرارك النفسي والزواجي مستقبلاً.

 

ثالثًا: دعينا حتى نستضيء بنور الشرع الحنيف:

 

فالإسلام لم يحرِّم زواج الرجل من أخت خطيبته السابقة، ما دامت لم تكن زوجته، ولم يحدث بينهما عقد زواج، قال الله تعالى: ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾، ومع ذلك، فإن ديننا العظيم يحثنا على صون القلوب من الكسر، وعلى حفظ المودة بين الأرحام.

 

قال رسول الله : "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره", فهل ترين أن ارتباطك به قد يظلم مشاعر أختكِ، أو يخذلها أو يحقر ألمها؟ (وهذا بالطبع يعود لطبيعة العلاقة وقوتها بينهما أثناء الخطبة).

 

رابعًا: عليكِ أن تسألي نفسكِ بصدق:

 

هل سعادتكِ مع هذا الشاب تستحق احتمال فقدان أختكِ أو جرحها؟

 

وهل هو حقًّا يحبكِ لشخصكِ أنتِ، أم أن هذا الارتباط هو نوع من التعويض العاطفي عما فقده مع أختكِ؟ أو نوع من الانتقام منها أو من أحد الوالدين لسبب ما؟

 

خامسًا: أنصحكِ بما يسمى في التربية الأسرية بـ"التقييم المنظومي للعواقب" (Systemic Consequences Evaluation)، أي أن تنظري للأمر ليس فقط كقضية حب وخطوبة، بل كحلقة متصلة ستؤثر على علاقتك بأسرتك، وعلى لمِّ شملها أو تمزيقه.

 

سادسًا: من الحكمة التربوية أن تفكري في الأثر البعيد وليس فقط في لحظة الانبهار الأولى.

 

وكما قال المتنبي:

 

ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ** تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ

 

سابعًا: حاولي أن تتمتعي بـ"النضج في اتخاذ القرار" (Decision-Making Maturity)، والذي يقوم على:

 

- تقييم المشاعر والعقل معًا.

 

- تقدير العواقب الواقعية لا المثالية.

 

- وأيضا استشارة العقلاء.

 

* وهنا أقترح عليكِ خطوات عملية ليرتاح قلبك لاتخاذ القرار السليم:

 

1- صلِّي صلاة الاستخارة، فهي نور لمن احتار.

 

2- استشيري والدتك أو مَن تثقين بحكمته من عائلتك.

 

3- خذي وقتك دون تسرع.

 

4- ناقشي الأمر مع أختك بصراحة، ويكون هذا، حال إن وجدتِ أن علاقتكما تحتمل المصارحة دون إيذاء.

 

وأخيرًا، أوصيكِ –ابنتي- بتكرار هذا الدعاء: "اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا ، وارزقنا اجتنابه". وكذلك رددي الدعاء: اللهم لا تعلق قلبي بما ليس لي، واجعل لي فيما أحب نصيبًا".

 

* همسة أخيرة لابنتي الغالية:

 

قرارك يجب أن ينبع من التوازن بين القلب والعقل، بين الإحساس بالحب والإحساس بالمسؤولية الأسرية والأخوية، وبين الرغبة الشخصية وقيم الوفاء الأسري ومشاعر أحبتك.

 

حماكِ الله يا ابنتي، ويسَّر لكِ الخير حيثما كان، وجعل قلبكِ عامرًا بالسكينة والرضا.

الرابط المختصر :