الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : تربوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
55 - رقم الاستشارة : 1756
26/04/2025
دكتورة، بعد إذنك، أنا بجد تعبت ومش عارفة أعمل إيه، وبنتي صعبانة عليّ جدًّا...
بنتي وهي بترضع بتعمل صوت غازات كتير، وجربت أغير لها وضعيات الرضاعة كذا مرة، وبرضه مفيش فايدة!
حاسّة إن في هواء بيدخل وهي بترضع، وده بيخليها تتوجع من المغص، وأنا بقيت خايفة أرضعها أصلا. مش عارفة أتصرف إزاي... أعمل إيه عشان أحميها من الغازات والمغص ده؟
ابنتي العزيزة، الأم الحنون:
سلام الله عليكِ ورحمة منه وسكينة... لقد قرأت كلماتك بقلب أُم تعي تمامًا ما تمرين به، واستشعرت في حروفك تلك اللهفة الممزوجة بالخوف والقلق على صغيرتك، وهذا بحد ذاته يدل على أمومة يقظة، ومشاعر راقية تستحق كل احترام.
أود أولًا أن أطمئن قلبك: ما تصفينه من غازات ومغص للرضيعة شائع جدًّا في الأشهر الأولى من حياة الطفل، ويُعد من الاضطرابات الفسيولوجية المؤقتة، التي تنتج عن عدم نضج الجهاز الهضمي لدى الطفل، وليس من خطأ ارتكبته، ولا هو أمر يستدعي الخوف من الرضاعة نفسها.
وبالنسبة لقلقك، فيُعد هذا النوع من القلق الأمومي قلقًا فطريًّا إيجابيًّا، ما دام يحفّزك للبحث عن الحلول لا الاستسلام للتوتر، فهنيئًا لكِ هذه المشاعر، فهي نعمة لا نقمة.
* وإليكِ عزيزتي بعض النقاط العملية والنفسية التي تساعدك –بإذن الله تعالى– على تخطّي هذه المرحلة:
أولًا: من الناحية الجسدية والطبية:
1- وضعية الرضاعة مهمّة جدًّا:
اجعلي رأس الطفلة مرفوعًا قليلًا عن جسدها أثناء الرضاعة، بحيث يكون مستوى الرأس أعلى من مستوى البطن لتقليل دخول الهواء.
2- "تكريع" الطفلة بعد كل رضعة:
احمليها على صدرك، وربّتي على ظهرها برفق بعد كل رضعة لتساعديها على إخراج الهواء.
3- تأكدي من التصاق فمها الجيد بالثدي أو الببرونة:
وذلك حتى لا يدخل الهواء أثناء المصّ؛ فالمشكلة كثيرًا ما تكون من "الشفط الجزئي".
4- تجنبي كثرة تغيير الحليب الصناعي –إن كنتِ ترضعين صناعيًّا– واستشيري طبيب الأطفال لتحديد النوع الأنسب إن استمر الأمر.
ثانيًا: من الناحية النفسية والعاطفية:
اعلمي أن خوفك الزائد قد يُنقل إلى طفلتك دون أن تدري؛ فالطفل الرضيع يلتقط الانفعالات حتى دون وعي، وهذا مثبت في أبحاث Infant Mental Health، حيث يُوصى دائمًا بأن تكون لحظة الرضاعة لحظة هدوء نفسي واتصال عاطفي جميل بين الأم ورضيعها.
فخذي نفسًا عميقًا وسمي الله، ثم رددي: "اللهم اجعلها رضعة شفاء، ونمو، وطمأنينة"، وتذكّري قول الله تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون}.
فكل مرحلة يمر بها الطفل هي لحكمة إلهية عظيمة، حتى الألم الذي يصقله، ويقوّي مناعته، ويعلّمكِ الصبر والاحتساب.
ثالثًا: ولكي يطمئن قلبك:
- لا تخافي من الرضاعة، وإياكِ أن توقفي إرضاعها -وخاصة الرضاعة الطبيعية- فحرمانها منها هو ما قد يضر بها وبك أيضًا.
- وأبشري بأن الغازات لن تدوم طويلًا، ومع الوقت سينضج جهازها الهضمي وتقل الأعراض.
- واعلمي أنتِ لستِ وحدك، فملايين الأمهات يمررن بنفس التجربة، وهي جزء طبيعي من رحلة التربية الأمومية.
وأخيرًا: اهدئي واصبري يا صغيرتي.. أنتِ أُم رائعة في بداية دربها، وما أجمل من أن تبدئي أمومتك بالدعاء والتثبّت، لا بالتسرّع والقلق. ودائما سمّي الله قبل حملها وإرضاعها، ثم قولي "أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة".
أما وإن احتجتِ دعمًا أكثر تخصّصًا، فلا تترددي في مراجعة طبيب أطفال، أو استشارية رضاعة طبيعية؛ لأن الاطمئنان المهني أحيانًا يُريح قلب الأم أكثر من أي كلام.
* همسة أخيرة لقلب الأم الصغيرة:
قلبك الطيب هو أفضل حضن، وصبرك هو أعظم دواء، وحنانك سيمنحها –بإذن الله تعالى– صحة وأمانًا وطمأنينة. أنا فخورة بكِ، فاستمري في حبك ووعيِك، والله يرعاكِ أنتِ وطفلتك.