Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 66
  • رقم الاستشارة : 1002
22/02/2025

السلام عليكم انا تايهة وحاسة حالي ضايعة بين خوفي على ولادي وحيرتي بكل خطوة بعملها بحاول أربيهم صح وأحميهم من الغلط بس كل يوم بحس اني عم بغلط أكتر من قبل لما بغلطوا بلاقي نفسي بعاقبهم بسرعة عشان يتعلموا بس بعدين بفكر هل فعلا اتعلموا ولا بس خافوا مني لما ابني يكسر شي أول شي بيطلع مني اني أصرخ بس بعدين بفكر طيب هل فهم كيف يكون حريص أكتر المرة الجاية لما يتخانق مع أخوه بغضب وبعاقبه بس هل هيك عم بعلمه كيف يعبر عن مشاعره ولا بس عم امنعه يحكي وكمان أوقات بلاقي حالي بعمل كل شي عنهم مشان اخلص بسرعة بلبسهم بحل واجباتهم وبنظف وراهم وبعدين بلومهم لما بلاقيهم معتمدين علي بكل شي طيب كيف بدي اعلمهم الاستقلالية وأنا نفسي ما عم خليهم يجربوا وأكتر شي بحيرني اني دايما بخاف عليهم زيادة ما بديهم يغلطوا ما بديهم يواجهوا صعوبة بحاول احميهم بكل الطرق بس هل هيك عم ضعفهم بدل ما أقويهم لما يكون ابني زعلان او خايف بدل ما ساعده يفهم مشاعره بلاقي حالي بشتته عنها لما يكون عنده مشكلة دغري بتدخل وبحلها عنه بس طيب كيف رح يتعلم يواجه الحياة اذا انا دايما عم امهد له الطريق وما بخليه يجرب انا بدي ولادي يطلعوا صالحين واثقين من نفسهم متحملين للمسؤولية بس حاسة اني كل ما حاولت احميهم اكتر عم أضعفهم كيف بدي امسك نفسي وما استسلم للحلول السهلة كيف بدي أكون أم صبورة تعرف تبني شخصيات قوية بدل ما أخاف وأضعف قدام كل موقف

الإجابة 22/02/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

عزيزتي الأم القلقة،

 

أشعر تمامًا بمدى الحيرة التي تعيشينها بين رغبتك العميقة في حماية أبنائك وبين إدراكك أن الإفراط في الحماية قد يؤثر على استقلاليتهم. وأول ما أود أن أؤكده لكِ هو أن هذه المشاعر طبيعية، بل هي انعكاس لحرصك الشديد على أن تكوني أُمًّا صالحة. ومع ذلك، فإن التربية المتوازنة تتطلب الوعي بالمزالق التي قد نقع فيها دون قصد.

 

دعيني أفند لكِ بعض الجوانب الأساسية لمخاوفك وأطرح لكِ بدائل عملية مدعمة بالمفاهيم التربوية والنفسية:

 

أولًا: لا بد وأن تتعرفي على الفرق الجوهري بين العقاب والانضباط..

 

فمن الطبيعي أن تشعري بالغضب عندما يخطئ أطفالك، ولكنْ هناك فرق بين الانضباط التوجيهي (Disciplinary Guidance) والعقاب التلقائي القائم على الانفعال. العقاب الذي يعتمد على الصراخ والتخويف غالبًا ما يؤدي إلى الخضوع خوفًا، وليس التعلم والإدراك.

 

فالطفل الذي يعاقَب بسرعة يتعلم أن يتجنب العقوبة، لكنه لا يتعلم السبب الحقيقي الذي يجعله بحاجة لتغيير سلوكه.. والحل لذلك:

 

- بدلًا من العقاب الفوري، حاولي ممارسة التأديب الإيجابي (Positive Discipline) الذي يقوم على تصحيح السلوك من خلال التوجيه والفهم لديه.

 

- وعندما يرتكب طفلك خطأً، استخدمي أسلوب "التأمل التوجيهي" (Reflective Dialogue) عبر سؤاله: ماذا كنت تفكر عندما فعلت ذلك؟ كيف يمكنك تجنب هذا الخطأ مستقبلاً؟

 

- كذلك استخدامي عواقب طبيعية (Natural Consequences) أفضل من العقاب؛ فبدلًا من الصراخ إذا كسر شيئًا، اجعليه يساعد في تنظيف الفوضى، فيتعلم الحرص من خلال التجربة.

 

ثانيًا: من الضروري أن تعززى لديهم الاستقلالية بدلاً من الاعتمادية..

 

وأنت ذكرتِ أنكِ تقومين بالكثير من المهام عنهم ثم تلومينهم على عدم الاستقلالية، وهذا ما يُعرف بـ "الإفراط في الرعاية الأبوية" (Overparenting)، والذي قد يؤدي إلى العجز المكتسب، حيث يشعر الطفل بعدم القدرة على إنجاز الأمور بنفسه دون مساعدة.. والحل هنا يكمن في الآتي:

 

- استخدمي مبدأ "التوجيه التدريجي" (Scaffolding)، وهو ما يعني تقديم الدعم عند الحاجة فقط، ثم تقللينه تدريجيًّا.

 

- اجعلي الأطفال يشاركون في مهام تناسب أعمارهم، مثل ترتيب ملابسهم، تحضير وجباتهم البسيطة، أو تنظيف ألعابهم.

 

- ولا تتدخلي فورًا عندما يواجهون صعوبة، بل شجعيهم على المحاولة والتفكير في الحلول.

 

ثالثًا: يجب أن تتعاملي مع مشاعرهم بدلاً من قمعها..

 

فعندما يعبر طفلك عن الحزن أو الخوف، فإن محاولة إلهائه أو حل مشكلته بدلًا منه، قد تمنعه من تطوير "الذكاء العاطفي" (Emotional Intelligence)، والذي يعني القدرة على فهم مشاعره وإدارتها بفعالية.. وهنا فالحل يكون بالآتي:

 

- يمكنك أن تستخدمي "التسمية العاطفية"، أي ساعدي طفلك على تسمية مشاعره، مثل: أفهم أنك غاضب لأن أخاك أخذ لعبتك، كيف تشعر الآن؟

 

- علميه وعوديه على استراتيجيات "التنظيم الذاتي" (Self-Regulation) مثل التنفس العميق والعدّ التنازلي عندما يكون غاضبًا.

 

- وبدلاً من منعهم من الشجار، علميهم "التفاوض الاجتماعي" أو ما يعرف بـ (Social Negotiation) عبر توجيههم لإيجاد حلول وسطية وممكنة.

 

رابعًا: نأتي لسؤال مهم، ألا وهو: هل الحماية الزائدة تقوي أم تضعف؟

 

أنتِ كمعظم الأمهات، أم محبة لأطفالها، وهذا واضح، لكن الحماية المفرطة قد تضعف شخصية الطفل وتجعل منه شخصًا قلقًا غير قادر على مواجهة التحديات.

 

وفي علم النفس، يُطلق على هذه الظاهرة "قلق الانفصال العكسي" (Reverse Separation Anxiety)، حيث يكون الطفل غير مستعد لمواجهة الحياة دون دعم الوالدين.. وحل هذا النوع من القلق يتلخص في النصائح التالية:

 

- امنحيهم فرصًا آمنة لتجربة الصعوبات بدلاً من إزالتها تمامًا.

 

- شجعيهم على اتخاذ قرارات صغيرة مثل اختيار ملابسهم أو اتخاذ قرارات ضمن حدود آمنة.

 

- كذلك استخدمي "الإسناد الإيجابي" (Positive Attribution)، أي امدحي محاولاتهم، وليس فقط نتائجهم، مثل: أنا فخورة بمحاولتك حل المشكلة بنفسك، حتى لو لم تجد الحل مباشرة.

 

خامسًا: اعلمي عزيزتى الأم، أن نهج الإسلام في التربية هو أفضل نظام يمكن أن يتبعه أولو الأمر في كل مراحل التربية.. فالإسلام يدعو إلى التوازن في التربية بين اللين والحزم، وبين التوجيه والاستقلالية.. على سبيل المثال: قال رسول الله ﷺ: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع"..

 

وهذا الحديث يوضح مبدأ التدرج في التربية، حيث يُطلب من الطفل أداء الصلاة تدريجيًّا، مع التوجيه والتحفيز قبل اللجوء إلى أي شكل من أشكال العقوبة.

 

كما أن الرسول ﷺ كان يستخدم أسلوب الحوار والتوجيه بدل العقاب الفوري، ففي حديث الشاب الذي جاء يطلب الإذن بالزنا، لم يوبخه النبي ﷺ، بل حاوره وأقنعه بالحكمة.

 

ختامًا: ولكي تصبحي أُمّا صبورة ومتزنة فإليك حبيبتي هذه النصائح السريعة:

 

- خصصي وقتًا لتثقيف نفسكِ حول "التربية الواعية" (Mindful Parenting) التي تعتمد على الاستجابة الواعية بدلًا من التفاعل العاطفي السريع.

 

- مارسي "التنظيم الذاتي للأمهات.. بمعنى أن تأخذي نفسًا عميقًا قبل رد الفعل، وفكري فيما تريدين تحقيقه.

 

- تذكري أن الكمال في التربية وفي كل شيء غير موجود، وما يهم هو الاتساق والتوازن وليس الكمال المطلق.

 

وهمسة أخيرة إلى قلب حبيبتى الأم القلقة:

 

أنتِ أم رائعة لأنكِ تسعين لأن تكوني كذلك، فاسمحي لنفسكِ بالتعلم كما يتعلم أطفالك، وتذكري أن التربية رحلة، وليست مجرد قائمة مهام يجب إتمامها.

 

أنتِ قادرة على إتمام هذه الرحلة بعون الله تعالى، وأنتِ على الطريق الصحيح.. فتوكلي على الله واحتسبي واصبري وأنت مستمتعة بأمومتك الجميلة.

 

أسأل الله أن يبارك لك في أبنائك وأن يعينك على تربيتهم على النحو الذي يرضيه عز وجل.

الرابط المختصر :