زوجي يريد إجبار ي على تقليد قناة "حمدي ووفاء"

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 141
  • رقم الاستشارة : 2740
21/09/2025

السلام عليكم ورحمة الله .. أنا يا سيدتي أعمل معلمة لغة عربية متزوجة منذ خمس سنوات من رجل من عائلة طيبة ولديه مكتب محاسبة صغير.. كان شابا عاقلا ومحترما ومجتهدا في عمله إلى أن قرر أن يفتتح قناة على موقع الفيسك بوك والهدف كما أخبرني وقتها أنه سيحقق من خلالها دخلا إضافيا..

وكان يقدم في هذه القناة محتوى متنوع بعضه كوميدي وبعضه يتحدث فيه عن مشاكل محلية، لكن انتهت القناة للمحتوى الكوميدي فقط وتحول زوجي الرصين لممثل كوميدي يستجلب الضحكات والمشاهدات.

والحقيقة أن القناة اتسعت وجاءه المعلنون المحليون لذلك أصبح مشغولا طيلة الوقت بالقناة وأهمل عمله الأساسي وأنا كنت أكتم في نفسي رأيي في القناة وفي التحولات التي أصابت شخصيته وحياتنا والتي لا تروقني على الإطلاق ولا تتناسب مع شخصيتي..

المشكلة التي أكتب لك بسببها اليوم أن زوجي المحاسب أو الممثل الكوميدي الذي يقدم المقالب أصبح يستخدم ابني البالغ من العمر أربع سنوات معه ووصل الأمر أنه يريد مني أن أشاركه وعندما أبديت امتعاضي مما يقول أصبح يطالبني بالمشاركة بالصوت دون ظهور وجهي وهو أمر لا أستسيغه أيضا ولا أحب أن تكون هذه هي صورة عائلتي..

يتهمني بعدم دعمه وبأنني ثقيلة الظل ولا أواكب العصر وأصبحت علاقتنا ويعدد على مسامعي أسماء قنوات تتشاركها العائلة كقناة حمدي ووفاء الشهيرة.

أنا متوترة وبعض زميلات العمل ينصحونني بالقبول إلا أنني لا أستسيغ الأمر وأرى أنه كسر شيئا مهما بيننا ولا أدري كيف أتصرف معه ولا مع إلحاحه؟ وكيف أنقذ ابني منه؟

الإجابة 21/09/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الكريمة وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات..

 

مشكلتك -يا عزيزتي- لم يكن لها وجود في السابق وإنما هي إفراز جديد من إفرازات الشبكة العنكبوتية التي بقدر ما قدمت من خدمات وسهلت الكثير من الأمور للباحثين عن المعرفة وقربت المسافات بين الأحبة التي باعدت بينهم المسافات، إلا أنها قدمت وجوهًا أخرى كثيرة منها ما تحكين عنه، فالإغراء بالمكسب المادي السريع جعل زوجك يهمل عمله الأساسي ويتحول في عينيك من رجل رصين جاد تشعرين بالاحترام نحوه إلى ممثل كوميدي هزلي يقوم بعمل المقالب حتى يستجلب المشاهدات والأرباح..

 

دعينا نتفق من حيث المبدأ أنه لم يرتكب إثمًا كونه قرر تقديم محتوى كوميدي، طبعًا إذا خلا من الكذب والتنمر والتلاعب النفسي بالآخرين كما يحدث كثيرًا في مثل هذا المحتوى.

 

ومن ناحية أخرى دعينا نتفق أن هذه حياته وهو حر في اتخاذ القرار فيها، وليس عليك أن تقومي بدور الوصاية ولا أن تمثلي في حياته دور محاكم التفتيش، لكن في الوقت ذاته أنت تشعرين بأن هيبته قد سقطت من عينيك فأنت تشعرين أنك لم تتزوجي من ممثل كوميدي يدبر المقالب وإنما من محاسب له قيمته وتقديره، وإن كانت قطاعات متسعة من المجتمع أصبحت تقدر هذا الكوميدي أكثر، لكن ما يهمنا هو شعورك أنت والذي يبدو أنه وصل إليه فقرر الهجوم عليك بدلا من أن يدافع عن نفسه فاتهمك أنت بأنك ثقيلة الظل وغير قادرة على مواكبة العصر وما فيه من ترندات.

 

مشكلات متصاعدة

 

مشكلتك –عزيزتي- لم تقف عند هذا الحد، فأنت تشعرين أن طفلك البالغ من العمر أربع سنوات يُستغل من قبل والده لتعزيز المشاهدات والأرباح، وأنت تخشين على طفلك الصغير أن يصبح في هذا العمر صانع محتوى رقمي خاصة من هذه النوعية التي يقدمها والده..

 

والأمر تصاعد حتى وصل الأمر أنه يضغط عليك أنت أيضًا للمشاركة في صناعة المحتوى وعمل قناة عائلية على غرار قناة "حمدي ووفاء" الشهيرة التي اجتذبت ملايين المشاهدين ومعهم الكثير من المال والمقابل هو إهدار الخصوصية التامة أمام المشاهدين وإطلاعهم على كثير من التفاصيل الدقيقة لحياة العائلة حتى في أكثر لحظاتها خصوصية..

 

من هذه التفاصيل سيدة ذاهبة كي تضع طفلها وبدلاً من اللجوء إلى الله تتجه للكاميرا وتبكي.. ووالدة زوجها تظل تدعو لها أمام الكاميرا وزوجها يحتضنها أمام الكاميرا والأولاد الأكبر سنًّا يرغبون في الوقوف أمام الكاميرا.. الفتاة الكبرى بالذات والتي لم يتبق لها الكثير حتى تدخل في مرحلة المراهقة يبدو عليها بشدة الرغبة في الوقوف أمام الكاميرا..

 

الأطفال يعبرون عن مشاعرهم أمام الكاميرا ببساطة أو باحترافية، فهل هي مشاعر مزيفة؟ مشاعر تم التدريب عليها مثلا؟ أم هي مشاعر عفوية تم استباحتها على هذا النحو؟ حتى الطفل الرضيع الذي ولد للتو سيقابل الكاميرا كأول ما يستقبله في الحياة، فهل هذه هي الصورة التي يريد زوجك أن تكون عليها عائلته؟ ولو افترضنا أنه ربح الكثير من المال كحمدي ووفاء فهل هذا المال سيحقق استقرار العائلة؟

 

تعلمين –عزيزتي- شاهدت مقطعًا لقناة عائلية أخرى اسمها "أحمد حسن وزينب"، وهي أيضًا قناة تستخدم المقالب لزيادة المشاهدات، الرجل أحمد حسن هذا يظل طيلة المقطع المصور الذي شاهدته يهين زوجته ويتنمر عليها ويخبرها كيف أنها قبيحة للغاية لأنها لا تضع مستحضرات التجميل حتى يصل الأمر لذروته وتبكي فيظل يحتضن فيها ويخبرها أنه مقلب، وغالبًا هي تعرف أيضًا وتتحمل الإهانة في البداية ثم البكاء في النهاية من أجل المشاهدات؛ فأي حياة زوجية بائسة هذه؟ وهل المال يعادل كل هذا الابتذال؟..

 

ولن أحدثك كيف يكون خلع الحجاب وارتداؤه مرة أخرى مادة لرفع مشاهدات القناة وبعضها تكون فيديوهات مخصصة لا يشاهدها إلا المنتسبون للقناة الذين يدفعون المال وهكذا.. أنا على يقين من أهمية المال فهو عصب الحياة وهناك طرق مشروعة لكسب هذا المال، والله سبحانه وتعالى هو الرزاق الذي يبارك المال الحلال، أما المال الذي يأتي باستئصال قيمة الحياء فلا خير فيه ولا بركة أيضًا.

 

ماذا تفعلين؟

 

غاليتي، ما يفعله زوجك ويطلبه منك هو ابتلاء لك.. أريدك أن تتمتعي بالصمود النفسي وقوة الإيمان في مواجهته، ويبدأ هذا الصمود بمواجهتك لسخريته منك واتهامك أنك ثقيلة الظل فلا يدفعك ذلك لمسايرته فيما يريد، وإليك خطة من ثلاث مراحل لإصلاح هذا الوضع.

 

المرحلة الأولى: مرحلة الحوار الهادئ التدريجي معه، ابدئي بنفسك وقولي له بصراحة إنك ترفضين مشاركته صناعة المحتوى الذي يقدمه، فلا تلح عليّ في ذلك وإن أصر على معرفة السبب فقولي له: لو ذهبنا للنبي ﷺ واستفتيناه ماذا تظنه يقول لك؟ ذكريه بغيرة الصحابة على نسائهم وألمحي له أن ضغطه عليك يقلل منه في عينيك ويخدش رجولته، فهل هذا هو ما يريده؟

 

في وقت لاحق حدثيه عن خطورة ظهور الأطفال في صناعة المحتوى الرقمي، وكيف أن هذا يخدش براءتهم الفطرية ويفقدهم خصوصيتهم ويعرضهم للتنمر بعد ذلك ويكسبهم صفات استعراضية ويؤثر على مستواهم الدراسي، وأنك لا ترغبين أن يشارك ابنك في هذا المحتوى فإن لم تستطيعي منعه فعلى الأقل قللي ذلك للحد الأدنى.

 

حفزيه أن يهتم بعمله الأساسي وأن تكون القناة أمرًا هامشيًّا في حياته، حدثيه كيف كنت معجبة به وهو محاسب شاب ولديه مكتب خاص به وكم كنت تطمحين أن ينجح ويكون لديه مكتب محاسبة كبير.. اضحكي وقولي له بصراحة لم أكن أتخيل أبدًا أنني أكون زوجة بلوجر وما شابه، ولكن كوني حذرة حتى لا ينقلب عليك، وإياك والاستهزاء به هو فقط يمكنك السخرية المبطنة من طبيعة المهنة المصطنعة ذاتها.

 

المرحلة الثانية: إن لم يستجب لك وشعرت أن طفلك يتضرر من هذه القناة وظل يمارس الضغوط عليك لتشاركيه يمكنك أن تتحدثي مع عائلته خاصة والده، وأنت قلت إن زوجك من عائلة طيبة ولعلهم لا يتابعون الفضاء الإلكتروني ولا يعرفون على وجه الدقة طبيعة المحتوى الذي يقدمه الابن والذي يرغب أن تشاركيه وحتى لو كان محتوى مميزًا، فمن حقك التام الرفض وأن "لا" تعني "لا"، ولا بد أن يساندوك في ذلك، وفي خطوة تصعيدية أخرى يمكنك أن تشكي لعائلتك أنت أيضًا حتى نعدد مصادر الضغط على زوجك.

 

المرحلة الثالثة: يمكنك أن تطلبي اللجوء للحكمين كآخر الحلول.. جلسة عرفية يجلس فيها وطرفان عاقلان يمثلونك ويمثلونه بحيث يتم إلزامه بالابتعاد بقناته عن حياتكم العائلية؛ لأنك ترفضين ذلك ولأن حياتكم الخاصة ينبغي ألا تكون على المشاع..

 

المشكلة الحقيقية التي ستواجهك غالبًا ما ستكون تزايد الفتور منه تجاهك سواء كوسيلة ضغط أو نتيجة للخلافات أو حتى كرد فعل لنظرتك التي يستشعرها عدائية نحوه، لذلك لا بد أن يكون النقد محسوبًا ولا يوجه له كشخص.

 

عقله الباطن سيصورك له كشخص ثقيل الظل لا يحب أجواء المرح وتقفين في وجه طموحه، لذلك عليك أن تضاعفي من اهتمامك بنفسك وبه.. اصنعي أجواء رومانسية جميلة دون أن تضغطي عليه في المتابعة.. بمعنى أننا نريد اهتمامًا مع إتقان فن المسافات وفي الوقت ذاته رأي واضح وصريح في مسألة صناعة المحتوى لا يتأثر بلطفه أو قربه منك، وأكثري من الدعاء لله أن يرزقك القوة ويريك الحق حقًّا ويرزقك اتباعه وأن يهدي زوجك وأن يحفظ زواجكما ويصلح أحوالكما.. أسأل الله لك السعادة وراحة البال والثبات على الحق وتابعيني بأخبارك دائمًا.

 

اقرئي أيضًا:

ما علاقة الرقمية بانتشار الدياثة؟

أهمية ثقافة الستر في الإصلاح الاجتماعي

 

الرابط المختصر :