الحمد لله، والصلاة والسام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه وبعد

فالاستطاعة في الحج تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان، ومرجع ذلك للعرف، فبحسب إقامة المسلم وقدرته البدنية والمالية تتحدد الاستطاعة، فمن يقيم بجوار الحرم غير الذي بينه وبينه مسافات طويلة تحتاج إلى نفقة كثيرة وإلى قوة بدنية أكبر ، والله سبحانه وتعالى يقول ﴿... وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97]، فالاستطاعة هنا شرط لو جوب الحج لكن يحددها الإنسان حسب قدرته المالية والبدنية.

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله – في فتوى مشابهة

جاء في بعض الأحاديث في تفسير الاستطاعة أو السبيل أنها الزاد والراحلة أن تكون عنده مقدرة على أن يهيئ زادا يكفيه لمدة السفر والإقامة، والراحلة التي يركب عليها، وهذا يدل على أن الله لم يكلفه أن يحج ماشيا فيحج راكبا، ولكن الركوب يحتاج إلى مال، فإذا أردنا أن نعبر عن الزاد والراحلة بلغتنا العصرية نقول نفقات السفر والإقامة، أن يملك الإنسان النفقات لسفره بما يلائم حاله، فهناك من احتاج إلى أن يكون عنده أجرة الباص، وآخر يحتاج إلى سيارة صغيرة، وآخر يقول أنا لا أستطيع أن أسافر إلا بالطائرة، وآخر يكفيه أن يسافر في الباخرة، فكلُ حسب استطاعته هذا بالنسبة لنفقات السفر، ثم هناك نفقات الإقامة، فهناك من يحتاج إلى أن يقيم في فندق أو في بيت يستأجره، ويدخل في هذا ما يدفع للمطوف أو للمتعهد فهذه نفقات السفر والإقامة بالإضافة إلى ما يكفي أهله حتى يعود، فلا يترك أهله بلا زاد –كما يقولون على الحديدة- فهذا غير مقبول، هذا معنى الاستطاعة، والصلاة ليس مطلوبا فيها مثل هذا ولا الصيام، إنما هذا مطلوب في الحج، لأنه هجرة إلى الله وارتحال ويحتاج إلى هذه النفقات ولذلك قال (من استطاع إليه سبيلا).

والله تعالى أعلى وأعلم