الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : المعاملات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
313 - رقم الاستشارة : 1960
16/05/2025
ما حكم الجمع بين عقد القرض وعقود المعاوضات مثل البيع والإجارة وغيرها، وإذا كان لا يجوز كما سمعنا من بعض العلماء فما الحكمة من التحريم إذا كانت هذه العقود جائزة من حيث الأصل.؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد نهي النبي ﷺ عن بيع وسلف، أو عن بيع ومعاوضة، وصورته أن يقول رجل لآخر أقرضك على أن تبيعني، أو تشتري مني، أو تستأجر مني أو تؤجر لي، وكل ذلك محرم سدًّا لذريعة الرباـ فيمكن أن يستغل عقد المعاوضة لأكل الربا فيبيعه بثمن بخس، أو يشتري منه بثمن أعلى وكل ذلك يؤدي إلى نفع جره القرض وهو من الربا المحرم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ورد فيه حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك، وفي رواية عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: يا رسول الله: إنا نسمع منك أحاديث، أفتأذن لنا بكتابتها؟ قال: نعم. فكان أول ما كتب النبي ﷺ إلى أهل مكة: لا يجوز شرطان في بيع واحد، ولا بيع وسلف جميعًا، ولا بيع ما لم يضمن.
وقد فسر محمد بن الحسن رحمه الله تعالى السلف والبيع بأنه قول الرجل للرجل: أبيعك داري هذه بكذا وكذا، على أن تقرضني كذا وكذا.
وبهذا تؤول المسألة إلى موضوع البيع بشرط، ولا يختلف الفقهاء في فساد البيع بذلك، في الجملة.
وصرح ابن جزي بأن البيع باشتراط السلف من أحد المتبايعين لا يجوز بإجماع، وإن يكن بطلان الشرط وحده رواية واحتمالاً عند الحنابلة.
والمالكية، حينما تحدثوا عن بيوع الآجال -وهي بيوع ظاهرها الجواز، لكنها تؤدي إلى ممنوع- منعوا بيع ما كثر قصد الناس إليه، توصلا إلى الربا الممنوع، كأن كان جائزًا في الظاهر، وذلك للتهمة، وسد الذريعة، ومثلوا لها: باجتماع بيع وسلف، أو سلف جر منفعة، أو ضمان بجعل.
وصوروا البيع والسلف بصور ثلاث:
الأولى: بيع جائز في الظاهر يؤدي -كما يقول الدردير- إلى بيع وسلف، فإنه يمنع للتهمة، على أنهما قصدا البيع والسلف الممنوع.
وذلك كأن يبيع سلعتين بدينارين لشهر، ثم يشتري إحداهما بدينار نقدا، فآل الأمر إلى أن البائع أخرج من يده سلعة ودينارًا نقدًا؛ لأن السلعة التي خرجت من يده ثم عادت إليها ملغاة كما يقول الدسوقي ثم أخذ عنهما عند الأجل دينارين، أحدهما عن السلعة وهو بيع، والآخر عن الدينار وهو سلف.
فهذه الصورة تؤدي إلى بيع وسلف، وهو جائز في ظاهره، ولا خلاف في المذهب في منعه، صرح بذلك ابن بشير وتابعوه، وغيرهم، وحيث تكرر في هذه الصورة البيع، منعت عندهم، لتهمة قصد البيع والسلف.
الثانية: بيع وسلف بشرط من البائع أو المشتري. وهذه الصورة ممنوعة غير جائزة؛ لأن الانتفاع بالقرض هو من جملة الثمن، إن كان شرط السلف صادرًا من البائع، أو هو من جملة المثمن -أي المبيع- إن كان شرط السلف صادرًا من المشتري، ففيه سلف جر نفعًا.
الثالثة: بيع وسلف بلا شرط، لا صراحة ولا حكمًا، وهي جائزة على المعتمد.
والله تعالى أعلى وأعلم