<p>أنا فتاة في الخامسة والعشرين من عمري تقدم لي رجل صاحب خلق ودين ووسيم ويعمل في وظيفة مرموقة وعلى درجة كبيرة من الثراء ومن عائلة معروفة في بلدتنا، والحقيقة أنني معجبة به بشدة على الرغم من أنه في التاسعة والثلاثين من عمره وهو أرمل ولديه ثلاثة أطفال بعضهم وصل لمرحلة المراهقة.</p> <p>وهو يمتلك فيللا تحيط بها حديقة صغيرة تقع على الشارع الرئيسي في بلدتنا وهي مؤثثة بطريقة فاخرة ولن يطلب من والدي أي تجهيزات حتى ملابسي سيدفع نفقة كبيرة لها وسيشتري لي شبكة عالية ولكنه طبعا لن يكتب قايمة..</p> <p>أنا مرتاحة جدا لهذه الزيجة، لكن والدي لا يشعر بالارتياح رغم ظروفنا المالية المحدودة ورغم أننا ثلاث فتيات في سن الزواج، أنا أستطيع أن أضغط على أبي كي يوافق، لكنني خائفة أن أندم بعد ذلك، فأبي رغم بساطته فإن له رؤية عميقة للأمور.. ما رأيكم؟</p>
ابنتي الغالية، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.
ما رأيك أن نناقش نقاط القوة ونقاط الضعف في هذا الزوج المحتمل بطريقة هادئة وعقلانية حتى نستطيع تقييم شعورك بالارتياح وشعور والدك بالقلق حتى نصل معًا لبعض الأفكار التي تمنحك الطمأنينة.
فارق العمر
فارق العمر بينك وبين هذا الخاطب 14 عامًا، وهو رقم قد يمثل مشكلة لبعض الفتيات وقد يكون مقبولا لأخريات، فأنت اسألي نفسك بصدق لو لم يكن هذا الرجل ثريًّا كان مجرد أرمل خلوق يكبرني بـ14 عامًا هل سأكون مرتاحة أم سأشعر بالقلق؟
ابنتي الغالية، كثير من الزيجات تمت ونجحت ويوجد هذا الفارق العمري، لكن زيجات أخرى لم تنجح وكان الفارق العمري إحدى العقبات في طريق النجاح لماذا؟ لأن الفتاة في مثل عمرك تكون منطلقة ممتلئة بالحيوية تحب المرح والدعابة على نحو ما.. بينما هو في مرحلة عمرية تميل للرصانة والهدوء والحذر لا يمتلك نفس حيوية وطاقة الشباب الذين يقاربونك في العمر أو يزيدون قليلاً.. بالطبع ليست قاعدة لكنها تحدث كثيرًا فلكل مرحلة من العمر سمات.
وقد ترى بعض الفتيات بل وقد تحتاج هذا الرجل الرصين، فأنت اسألي نفسك هل أنت بحجة للمنطلق الحيوي أم الرصين الهادئ.
إحدى المشكلات الأخرى المحتملة مع وجود هذا الفارق العمري أن يكون هناك بعض المشكلات في العلاقة الخاصة بعد مرور 10 سنوات مثلاً.. هذا الاحتمال أردت أن ألفت انتباهك له وأنت تقيمين هذا الخاطب.
الحالة الاجتماعية
ابنتي الكريمة، بينما أنت فتاة بكر لم يسبق لها الزواج ولم تمتلك تجربة من قبل فإن هذا الرجل قد مر بتجربة لم تنته بملل وفتور ومشكلات ومن ثم انطفاء كما يحدث عادة في الطلاق، وإنما تجربة انتهت بفقد وما يصاحب ذلك من صدمة وربما عانى من اضطراب ما بعد الصدمة، والسؤال هل هو تعافى كليًّا من أزمة الفقد هذه أم لا؟ أم أنه يعاني من انغلاق عاطفي جزئي؟ أم أنه لا زال عالقًا في ذكرى الراحلة؟
ابنتي الغالية، هناك فارق بين مشاعر الوفاء لذكرى الراحلة وذكرها بالخير والرحمة وبين الانغلاق العاطفي الكلي أو الجزئي، والانتباه لما يقوله عنها ونبرة صوته ولغة جسده وتعبيرات وجهه قد تكشف لك الكثير.
المسألة ليست عاطفية فحسب بل سيترتب عليها أشياء أخرى، فهناك نموذج أو نمط كانت تدار به حياته سابقًا بطريقة اختارها هو وهي من قبل، فهل سيطلب منك السير على نفس النهج أم لديه المرونة النفسية للحوار معك ووضع أسس جديدة وآليات جديدة تدار بها حياتك معه؟ تفاصيل الحياة اليومية الصغيرة وطريقة إدارتها مسألة ليست بسيطة كما تتصورين.
وهناك نقطة مدى قدرته على الانطلاق معك في الحياة وهي مرتبطة بنقطة العمر التي سبق وحدثتك عنها، فكونه يكبرك بـ14 عامًا مع كونه أرمل مر بتجربة فقد مؤلمة فهذا يضاعف من بطء استجابته لأجواء المرح والانطلاق العاطفي والحياتي التي قد تطلعين إليها.. من الوارد جدًّا أن تسمعي كلمات مثل أنا لست صغيرًا على كذا.. هل تظنين أنني ما زلت في العشرين؟ .. هل أنا متزوج بطفلة؟
قد تشعرين أنك تزوجت رجلاً مشبعًا بالأعباء النفسية وقد تشعري أنه يمارس شيئًا من الاستعلاء الناتج عن شعوره بالنضج ومروره بالتجارب بينما أنت في نظره صغيرة العمر والتجربة.. أقول ربما، فهذا مجرد احتمال أضعه بين يديك وأنت تدرسين الأمر.
تحدي الأبناء
أما أخطر التحديات على الإطلاق فهو تحدي أبنائه الثلاثة خاصة الابن المراهق، فبعض الأرقام تشير إلى أن المراهقين قد يرفضون زوجة الأب بنسبة تصل لـ60 أو 70% خلال العام الأول.
إن الأولاد قد يشعرون أنه وفاء لذكرى الأم الراحلة عليهم أن يكونوا عقبة في طريقك.. وقد تصل الأمور إلى حد الصراع على حبه وجذب الانتباه والاهتمام إليهم فقط وإشعاره الدائم بالذنب ومثل هذه الأمور.. لذلك لا بد لك أن تجلسي مع الأبناء وحدك مرة وأخرى ولا بأس أن تسأليهم عن مشاعرهم نحوك بل ومشاعرهم نحو زواج والدهم الثاني.
أيضا أنت بحاجة أن تجلسي معهم في حضوره وتنبهي لأسلوب كلامه معهم.. نظراتهم الموجهة نحوه ونحوك.
بالتأكيد رفضه للقائك بالأولاد علامة تحذير حمراء شديدة الخطورة، ودلالة أن هناك عدم قبول كلي منهم وأن هناك حواجز عالية في طريق تطبيع علاقتك بهم.
من الأمور بالغة الأهمية أيضًا أن تسأليه عن توقعاته للدور المطلوب منك في حياته الشخصية ومع أولاده.. ماذا ينتظر منك تحديدًا.. فدور الأم البديلة غاية في الصعوبة لو استطعت أن تكوني في حياتهم بدرجة خالة أو عمة فسيكون إنجازًا كبيرًا.. نعم أنت ستعاونينه في تربية الأبناء لكن دورك سيبقى مساندًا وداعمًا؛ لأنه لو كان يخطط لإلقاء كامل العبء عليك فسيكون الأمر بالغ الصعوبة.
من المهم أيضًا أن تكون لك مساحتك الخاصة.. وقتك الخاص الذي تقضينه بصحبته للخروج أو النزهة، فليس عليك أن يشاركك الأولاد كل لحظات حياته. وهذا أمر عليك أن تسألي عنه بوضوح.
من المهم أن تعرفي موقف الدائرة القريبة من الأولاد من زواجك بهذا الرجل جدتهم والدته ووالدة الراحلة.. العمات والخالات هل يتقبلن وجودك أم أن هناك مشكلات من المزمع القيام بها لتكدير حياتك وحصرك في دور راعية المنزل فقط.
آخر نقطة لا بد أن تكوني على يقين منها هو موقفه من الإنجاب منك هل لديه مشكلة في ذلك أم أنه متقبل ولديه الرغبة في مزيد من الأبناء؟
ابنتي الحبيبة، ادرسي كل نقطة من هذه النقاط الثلاثة جيدًا، فكري واسألي وراقبي، فإذا شعرت بالاطمئنان الداخلي وأنك متقبلة عمره وظروفه وشخصيته ومهتمة به وترين في خلقه ودينه وجاذبيته الشخصية ما يدفعك للزواج به ووجدت منه رسائل طمأنة لك.. أقول إن كانت هذه هي الدوافع للزواج والنتيجة الصادقة للتفكير في النقاط الثلاثة التي ذكرتها لك وليس كونه ثريًّا ويمتلك منزلاً فخمًا أو أنه سيخفف العبء المالي على والدك (وإن كانت هذه أمور جيدة كنقاط إضافية وتكميلية) فتحدثي لوالدك بهدوء ودون ضغط واشرحي له وجهة نظرك وقدمي كامل الاحترام لوجهة نظره.. استمعي لمخاوفه جيدا فقد تضيء لك بعض النقاط المعتمة في هذا العرض..
ويمكنك أن تعرضي على والدك أن يطلب منه فترة خطبة لا تقل عن 6 شهور لاستكشاف شخصية الرجل الحقيقية وطبيعة العلاقات في حياته وحتى تمتلكي فرصة مناسبة لمعرفته ومعرفة عائلته وحتى يطمئن قلب والدك عليك.. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يريك الحق حقًّا ويرزقك اتباعه، وأن يسعد قلبك وأن يرزقك وعائلتك الخير كله، وتابعيني بأخبارك.
روابط ذات صلة: