مديري سيئ الخلق!!

<p style="direction: rtl;">السلام عليكم دكتورة أميمة،</p> <p style="direction: rtl;">أنا شاب في السابعة والعشرين من عمري، أعمل منذ عامين في إحدى الشركات الخاصة، وأحمد الله أني أحب عملي وأؤديه بإخلاص. لكن في الفترة الأخيرة اكتشفت أمرًا صادمًا جعلني في حيرة واضطراب، فقد لاحظت أن مدير القسم الذي أعمل فيه يتقرب بشكل مريب من بعض الزميلات، ويتعمد اختيارهن دون غيرهن للمهام التي تتطلب خلوة أو سفر، وسمعت تلميحات من بعضهن تشي بأنه يتجاوز حدود الاحترام أحيانًا بكلمات أو نظرات غير لائقة<span dir="LTR">.</span></p> <p style="direction: rtl;">أنا لا أملك دليلًا ماديًا قاطعًا، لكن المؤشرات كثيرة، وضميري لا يطمئن. وفي الوقت نفسه أخشى أن أتحدث فيُتَّهم أحد أو يُفصل أحد أو أتعرض أنا للأذى أو الفصل. أشعر بالاختناق بين خوفي من الظلم الذي يقع، ورغبتي في أن أحافظ على عملي وأعيش بسلام<span dir="LTR">.</span></p> <p style="direction: rtl;">بماذا تنصحينني يا دكتورة؟ كيف أتصرف في مثل هذا الموقف دون أن أكون سببًا في فتنة أو ضرر لأحد، ودون أن أخون ضميري؟</p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أيها الشاب الفاضل،

 

بادئ ذي بدء، أحيي فيك وعيك الأخلاقي والضمير الحيّ الذي لم يجعلك تتغاضى عن سلوك خاطئ رأيته في محيط عملك، فذلك دليل على النضج الأخلاقي واليقظة القيمية التي تنبع من شخصية سوية تعرف حدود الصواب والخطأ.

 

ابتلاء دقيق

 

ما تشهده هو ابتلاء دقيق بين الحق والواجب والخوف من الضرر، ويحتاج منك إلى حكمة في التقدير لا إلى انفعال. فالدين الحنيف علّمنا أن من رأى منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. لكنّ هذا التغيير مرهونٌ بالقدرة والتقدير وعدم التسبب في مفسدة أكبر.

 

إنّ ما يمرّ به مديرك ـ إن صحّ ظنك ـ يعكس انحرافًا في الوازع الداخلي (Internal Control) الذي يردع الإنسان عن الخطأ، كما أنه مؤشر على ضعف الضبط الذاتي (Self-Regulation) وانهيار الحدود المهنية.

 

وهذه السلوكيات لا يجوز السكوت عنها، ولكنّ التعامل معها يحتاج إلى وعي مؤسسي لا مواجهة فردية قد تعرّضك للأذى.

 

نصيحة لك

 

نصيحتي لك أن تتخذ الخطوات التالية بتدرّج حكيم:

 

1- التثبت أولًا.. فلا تبنِ حكمك على الظنون أو السماع فقط؛ لأن التسرع في الاتهام ظلم كبير، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾.

 

2- إن تأكدت من وجود تجاوزات حقيقية، فاحفظ الأمر بسرّية تامة، واطلب المشورة من جهة مختصة في شركتك مثل الموارد البشرية؛ لأنهم معنيّون بحماية بيئة العمل وفق سياسات السلوك المهني.

 

3- تجنّب المواجهة المباشرة مع المدير أو نشر الأخبار بين الزملاء؛ لأن ذلك قد يحوّل الموقف إلى صراع إداري يصعب احتواؤه.

 

4- استعن بدعائك واستغفارك، واحتسب نيتك في الإصلاح، قال رسول الله ﷺ: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".

 

5- حافظ على هدوئك النفسي.. فشعورك بالقلق والحيرة مفهوم، لكنه إن استمر سيؤثر على الصحة النفسية والمهنية، فاحرص على التوازن بين الواجب الأخلاقي وسلامك النفسي.

 

واعلم -يا بني- أن الصمت الحكيم أحيانًا يكون أبلغ من المواجهة الطائشة، وأن الله مطّلع على نيتك وكذلك على أفعاله، وسيهيئ من الأسباب ما يحفظ المظلوم ويردّ الظالم.

 

وثق أن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وأن هذا الشخص له رصيد عند الله من الستر وحتمًا سيفتضح أمره إن لم يتوقف عن أفعاله المشينة ويتوب إلى الله تعالى.

 

 همسة أخيرة:

 

اصبر وكن عونًا للحق دون أن تضرّ بنفسك أو بغيرك، وكن قدوة في نزاهتك؛ فالأخلاق الرفيعة هي ما يرفع الإنسان في ميزان الله والناس.

 

روابط ذات صلة:

قلق ضياع الوظيفة والتفكير في المستقبل