كلما اقترب منها كلب فقدت الوعي!!

<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته</p> <p>لديّ صديقة عزيزة تبلغ من العمر 33 عامًا، وأود أن أستشير حضرتكِ بشأن حالتها؛ إذ لاحظتُ عليها شيئًا يثير قلقي كلما خرجنا معًا. فهي إذا رأت كلبًا في الطريق &ndash;حتى وإن كان صغيرًا أو مقيدًا&ndash; يصيبها خوف شديد، وترتعش أطرافها، ويزداد نبض قلبها بشكل ملحوظ، وأحيانًا تصل إلى حد الإغماء وفقدان السيطرة على نفسها<span dir="LTR">.</span></p> <p>هذه الحالة تكررت معها أكثر من مرة، حتى أصبحت تخشى النزول إلى الشارع وحدها خوفًا من مواجهة هذا الموقف. وقد حاولتُ طمأنتها وتخفيف خوفها، لكنها قالت لي إنها منذ طفولتها تشعر برعب غير مبرر من الكلاب، ولم تستطع تجاوزه رغم مرور السنوات<span dir="LTR">.</span></p> <p>سؤالي هو: كيف يمكنني مساعدتها أو توجيهها لمساعدة نفسها للتغلب على هذا الخوف الشديد؟ وهل هذه الحالة تُعدّ طبيعية أم تحتاج إلى تدخل نفسي أو تربوي متخصص؟</p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أولًا أُقدّر لكِ حرصكِ على صديقتكِ واهتمامكِ بمشكلتها، وهذا دليل على نُبل قلبكِ وصدق مشاعركِ تجاهها.

 

فوبيا الحيوانات

 

ما وصفتِه عن حالتها ليس مجرد خوف عادي، بل يندرج في علم النفس تحت ما يُسمى الفوبيا النوعية (Specific Phobia)، وتحديدًا فوبيا الحيوانات (Zoophobia)، وهي حالة من الخوف المفرط وغير المنطقي من حيوان معين، وفي هذه الحالة من الكلاب.

 

هذا الخوف قد يكون له جذور قديمة منذ الطفولة، مثل تجربة مخيفة مع كلب أو مشاهدة موقف مرعب، وتُسمّى في علم النفس التعلّم الشرطي (Classical Conditioning)؛ أي أن العقل ربط رؤية الكلب بمشاعر تهديد وخطر، حتى وإن لم يكن هناك خطر حقيقي. ومع تكرار التجربة، تعزّزت الاستجابة الفسيولوجية: ارتعاش، سرعة ضربات القلب، تعرّق، وصولًا إلى الإغماء، وهو ما يُعرف بـ الاستجابة الجسدية المبالغ فيها (Exaggerated Physiological Response).

 

عزيزتي، من المهم أن تعلم صديقتكِ أن هذه الحالة ليست ضعفًا في شخصيتها، بل هو اضطراب نفسي معروف يمكن التعامل معه. وقد قال رسول الله ﷺ: "ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء".. وهذا يشمل الاضطرابات النفسية مثلما يشمل الأمراض الجسدية.

 

توجيهات العملية

 

وأُحب أن أقدّم لكِ ولها بعض التوجيهات العملية:

 

1- العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy - CBT): يُعدّ من أنجح الوسائل في علاج الفوبيا، حيث يساعد الشخص على تغيير أفكاره السلبية المرتبطة بالكلاب، ويستبدلها بتفسيرات أكثر واقعية.

 

2- التعرّض التدريجي للسبب: وهو أسلوب تدريجي يبدأ بمواجهة صور الكلاب في بيئة آمنة، ثم مشاهدة مقاطع فيديو، ثم الاقتراب من كلب صغير من بعيد، وهكذا… حتى يُعاد برمجة العقل على أن وجود الكلب ليس تهديدًا.

 

3- تقنيات الاسترخاء (Relaxation Techniques): مثل التنفس العميق أو تمارين استرخاء العضلات، تساعد في السيطرة على الأعراض الجسدية كالرعشة وسرعة النبض.

 

4- التعزيز الإيماني لديها: تذكيرها بأن الله سبحانه هو الحافظ، قال تعالى: ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.. وأن الخوف الطبيعي غريزة لحماية النفس، لكن عندما يتجاوز الحد يصبح ابتلاءً يحتاج إلى صبر وسعي للعلاج.

 

5- طلب المساعدة المتخصصة: من الأفضل أن تُشجّعيها على مراجعة أخصائي نفسي؛ فالفوبيا عندما تُترك دون علاج قد تُقيّد حياة الإنسان وتقلل من جودة معيشته.

 

غاليتي، الخوف ليس عيبًا، ولكن الاستسلام له هو الذي يعطّل مسيرة الإنسان. ومجرد اعتراف صديقتكِ بمشكلتها خطوة أولى في طريق العلاج، وهذا ما يُسمى في علم النفس الوعي الذاتي (Self-awareness)، وهو أساس التغيير.

 

 * همسة أخيرة:

 

قال الله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.. فالتوكل مع الأخذ بالأسباب هو طريق العافية النفسية والطمأنينة القلبية.

 

روابط ذات صلة:

كلما رأت نملة ارتعبت!!!

هجوم كلب على ابنتي قلب حياتها.. كيف أتعامل؟!

طفلي المذعور.. كيف أعالجه؟!