<p>انا جوزي كان متجوز قبل كده معاه ولاديين اقعدين معايا خمسه سنيين العيال معايا بس مش قادره عليها انا خلفت بنت عندهم اربع سنيين هو دلوقتي عايز يرجعه انا مش موافقه هو مش راضي يطلقني بيقولي بنتي هتبهدل ذي اخواتها انا مش قابله وضع عايزه إطلاق هو بيقولي مفيش طلاق عشان بنتي الافي بطنك مراته الاول قبل ترجع علي أي وضع انا محتاره إطلاق ولا ارجع عشان عيالي هو بيقولي هعملك الا انتي عايزه انا خلاص قررت أن انا هنفصل الاان وضع تعباني جدا بقا مش عندي ثقه في نفسي ولا عندي ثقه فيها أن أشيل هم بنتي ومرمطه عندي بقا أوهم من كل الاوضاع ادعولي ربنا يريح قلبي بس عشان بجد قلبي وجعني</p>
أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في البوابة الالكترونية للاستشارات.. اسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وباسمه الأعظم الذي إن دعي به أجاب وإن سئل به أعطى أن يريح قلبك ويلهمك رشدك ويبعد عنك الألم والوجع ويمنحك القوة والطاقة وأن يذهب عنك شر الغيرة وأن يسعد قلبك وأن يؤلف بينك وبين زوجك وأن يحفظ بناتك ويرزقك برهم.
قرأت رسالتك غاليتي أكثر من مرة وشعرت بكل حرف كتبته فيها وبقدر الوجع والألم الذي تحسين به بل وكم الحيرة الذي تعانين منه، لكن لا بد لنا من حديث العقل إذا كنا نريد الوصول لحل صحيح فالمشاعر مع أهميتها لا تكفي، وخيرًا فعلت بالاستشارة حتى تجدي من يحاول التفكير معك؛ لأن القرارات التي نأخذها تحت زخم المشاعر والعواطف هي في الغالب قرارات خاطئة نظل نندم عليها طويلا.
نحن بحاجة للهدوء حتى نستطيع أن نرى الأمور على حقيقتها ونستطيع اتخاذ قرار سليم؛ لذلك أريدك قبل قراءة باقي الرد أن تتنفسي بعمق.. خذي نفسًا عميقًا وأنت تعدين: واحد.. اثنان.. ثلاثة.. أربعة، احبسي النفس وعدي واحد.. اثنان.. ثلاثة.. أربعة. والآن، أخرجي الزفير من أنفك أو من فمك وعدي واحد.. اثنان.. ثلاثة.. أربعة.. خمسة.. ستة، كرري تمرين التنفس عشر مرات.. وانشغلي به ولا تفكري إلا في تنفسك وراقبي حركة الشهيق والزفير.
والآن دعينا نصلّ على النبي بالصيغة الإبراهيمية عشر مرات: اللهم صل على محمد وعلى أل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.. الآن بماذا تشعرين؟ أظنك تشعرين بالهدوء بعض الشيء ولديك الاستعداد أن نتحاور حوار العقل.
رؤية من الخارج
أريدك أن تفكري في هذه المشكلة وكأنك لست طرفًا فيها كأن صديقة لك هي من جاءت لاستشارتك.. نريد أن ننظر للمشكلة وكأننا خارجها لا داخلها.. خذي نفسا عميقًا آخر حبيبتي، وأكملي.
يوجد طفلان بعيدان عن والدتهما، ومهما كانت زوجة الأب طيبة نقية متفاهمة عطوفة فهي لا يمكن لها أن تحل محل الأم أبدًا، سيظل هذان الطفلان يشعران أنهما كاليتيمين وكلما شاهدا طفلتك في حضنك شعرا بغصة في قلوبهما حتى لو لم ينطقا بحرف واحد (تخيلي ابنتك في هذا الموقف محرومة من أمها وتعاني من الحرمان العاطفي) أليس من مكارم الأخلاق أن نعيد لهذين الطفلين بيئتهما الآمنة وأن يعيشا وسط أبيهما وأمهما كأسرة طبيعية.
أعرف أنه صعب عليك، ولعل عقلك يتساءل وما ذنبي أنا؟ لقد تزوجته وقد طلق والدتهما وليس لي ذنب في هذا الطلاق، ولقد قمت بتحمل مسئولية هذين الطفلين خمس سنوات كاملة.. ليس لك ذنب غاليتي وليس لك يد فيما حدث لهما، ولعل ما قمت به من جهد معهما في ميزان حسناتك، وثقي تمامًا أن جزاء العمل الصالح يلقاه الإنسان في الدنيا قبل الآخرة ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97].
والمقصود بالحياة الطيبة هي هذه الحياة الدنيا، فالله يرزقك فيها السعادة وراحة البال وكل ما تحتاجينه لتعيشي حياة طيبة، فليطمئن قلبك، ومن الأعمال الصالحة التي تحتاج جهاد نفس هو قبولك بعودة زوجك لوالدة الطفلين واحتسبيها أكبر أعمالك الصالحة العقبة التي ينبغي لك اجتيازها حتى تصلي للجنة وتكوني من أصحاب الميمنة (فَلَا ٱقۡتَحَمَ ٱلۡعَقَبَةَ *وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ *أَوۡ إِطۡعَـٰم فِی یَوۡم ذِی مَسۡغَبَة* یَتِیما ذَا مَقۡرَبَةٍ * أَوۡ مِسۡكِینا ذَا مَتۡرَبَة * ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَتَوَاصَوۡا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡا۟ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ * أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡمَیۡمَنَةِ) [البلد: 11-18].
فجوع هذين الطفلين لأمهما وأبيهما معًا وما يمثله ذلك من أمان لا يقل عن جوع اليتيم في ظل مجاعة تسود البلاد أو جوع المسكين الذي يفترش التراب وأنت تستطيعين فعلها فقط لو أخلصت هذا العمل لله.
فلسفة المنفعة
كانت هذا فلسفة الدين وفلسفة الإنسانية، والآن أريد أن أحدثك بفلسفة المصلحة والمنفعة، أنت –غاليتي- أرهقت وبشدة في تربية ورعاية هذين الطفلين على مدار خمس سنوات كاملة، ولديك الآن طفلة تحتاج جهدك وأنت حامل في طفلة أخرى، وأنت لديك في نهاية المطاف طاقة محدودة؛ فعودة الطفلين لأمهما يقلل جدًّا من الضغوط والأعباء الملقاة على عاتقك، هذه نقطة جديرة بالتفكير.
قد تقولين يعودان لوالدتهما دون أن يعود زوجك لطليقته وأنت تعلمين أن هذا لن يحدث وإلا ما تركتهما طيلة هذه السنوات الخمسة، وإذا كان زوجك رأى أن المصلحة أن يعود إليها فلم يتبق لك إلا خيار الطلاق، فهل هذا الخيار يصب في مصلحتك ومنفعتك؟ قبل أن أجيبك دعينا نتخيل شكل حياتك بعد الطلاق، وهناك سيناريوهان لذلك:
السيناريو الأول: أن تحصلي على الطلاق وتعيشي تربين بناتك وحدك وما قد يمثله ذلك من ضغط بدأت تشعرين ببوادره من الآن، فأنت ستكونين مسئولة مسئولية كاملة عن البنات.. تربية وتعليمًا ورعاية وزيارة للطبيب وكل شيء، كل ما ستحصلين عليه منه بعض المال وقد يتعمد مضايقتك فيه حتى يجبرك على العودة.. وطبعا ستكون فرصة زواجك الثاني مع وجود البنات صعبة للغاية لأسباب متعددة ليس هنا محل شرحها، وأنت ما زلت في مقتبل العمر، وهذا قد يمثل ضغطًا إضافيًّا عليك.
السيناريو الثاني: أن تتنازلي له عن حضانة الطفلتين، ولست أدري هل ستستطيعين العيش دونهما (حاولي تخيل ذلك وأجيبي نفسك)، وفي هذه الحالة ستعيش الطفلتان نفس ما عاشه الولدان من قبل فهل ترتضين لهما ذلك؟.. وها هي طليقة زوجك تقبل بأي شيء وتقبل بأي وضع حتى تعود لأطفالها فهل حقًّا ترغبين في تبادل الأدوار معها، وبعد أن كان زوجك يريد أن يحقق لك أي شيء كي تقبلي وترضي تسعين أنت للقبول بأي شيء وبأي وضع كي تعيشي مع ابنتيك وزوجك!
ما العمل؟
غاليتي، أظن الرؤية قد اتضحت لك وأنت صاحبة القرار، كل ما أرجوه منك ألا تتخذي قرارًا في لحظة انفعال أو لحظة غضب أو لحظة غيرة.. أعلم أن مشاعر الغيرة حارقة تكوي القلب كيًّا، وهذه الغيرة ليس لها حل إلا الدعاء، وعندما خطب النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة كان له ثلاث زوجات بينما عاشت أم سلمة حياتها السابقة كزوجة وحيدة لأبي سلمة، فكان مما جعلها تتردد في القبول أنها امرأة غيرى (شديدة الغيرة) فكان رد النبي صلى الله عليه وسلم للوسيط أن قال له: (ارجع إليها فقل لها أما قولك إني امرأة غيرى فسأدعو الله لك فيذهب غيرتك)، فلو أنك توجهت لله بالدعاء في الأوقات التي يرجى فيها الإجابة كالوقت بين الأذان والإقامة وحمدت الله تعالى وصليت على النبي وسألت الله أن يذهب غيرتك ويريح قلبك؛ فالله سبحانه سيستجيب لك كوني موقنة بذلك.
زوجك يحبك.. هذا واضح جدًّا من رسالتك، ويريد أن يعمل أي شيء كي تغادرك فكرة الطلاق.. هناك رجال يضعون زوجاتهم أمام الأمر الواقع ولا يسعون لإرضائهن في شيء؛ فاستثمري هذا الحب ولا تهدريه، كوني ذكية بالقدر الذي يجعلك تتخذين القرار المناسب في الوقت المناسب، وكوني ذكية بحيث تقبلين الأمور الخارجة عن حدود إرادتك برضا وطيب نفس خير من أن تقبليها وأنت متضررة أو تهدمي حياتك كلها وحياة طفلتيك لأنك غير قادرة على التحكم في مشاعرك.
وإذا غادرتك فكرة الطلاق فلا تشغلي بالك بعد ذلك بالمرأة الأخرى أو بما يدور بينهما، واعتبري الوقت الذي يقضيه معها وقت عمل بالنسبة له ووقت أنت تستثمرينه في بناء حياتك ومهاراتك، واقرئي هذه الاستشارة السابقة فهي تفيدك بإذن الله تزوج وتركني للاحتراق.. اتقني مهارة المسافات الآمنة، أسعد الله قلبك وألهمك الصواب وتابعيني بأخبارك.